وفي مصر نشكر صاحب فكرة مشروع إسناد النظافة إلي شركات أجنبية وكانت نتيجتها امتلاء شوارع المحروسة بالقمامة التي ساهمت في توفير أعداد كبيرة من قطط الشوارع تساهم بلا شك في الحد من تكاثر الفئران التي تتسبب في الطاعون اللعين!! تتوجه إلي مقر إحدي شركات الاستثمار العقاري بالقطاع الخاص يسارع إليك مندوبوها لتقديم »‬كتالوج» المشروع أو المشروعات التي تعمل فيها الشركة.. الفخامة والشياكة هما عنوان الكتالوج الذي يمنحونه لك مجاناً حتي لو لم تنجح مفاوضاتك معهم في الشراء واكتفاؤك بمجرد الزيارة. ومقارنة بمشروع وزارة الإسكان والتعمير الذي أطلقت عليه الإسكان المتوسط، وأطلقت أيضاً معه »‬كتالوج» أسمته كراسة الشروط الخاصة بالحجز في المشروع وحددت قيمته بمائتي جنيه واشتمل علي استمارة الحجز التي يجب عليك تعبئة بياناتها للتقديم ومن غيرها لن يقبلوك. بداية ومن سعر الوحدات التي تتراوح بين ٣٠٠ ألف ونصف المليون جنيه فإن الوزارة يبدو أنها كانت علي يقين أنه لن يتقدم أحد لشرائها إلا السماسرة والمقاولون فتعاملت معهم بأسلوب المناقصات ووضعت كراسة الشروط وثمنها اللامعقول لتكلفتها وكأنها للشركات والمكاتب وليست لمواطنين.. ومن السعر إلي الشكل الرديء الذي خرجت به كراسة الشروط إلي الدرجة التي أصبح لكل رقم ظل في استعراض المساقط الأفقية، وهي أهم أربع صفحات في الكراسة ساحت فيها الألوان وتداخلت الخطوط ولا أعرف هل تمت طباعتها في مطابع للوزارة إن كان بها مطابع أم في قطاع حكومي آخر أو مطبعة قطاع خاص وفي أي حال من هذه الحالات لابد من محاسبة المسئول الذي سمح لنفسه باستلام هذه الكراسات دون مراجعتها وإذا كان راجعها ووقع علي مطابقتها للمواصفات فأهلاً به وسهلاً في تحقيق إداري وربما جنائي وأرجو أن يراجع د. مصطفي مدبولي هذه الكراسة بنفسه ليتأكد من سوء الطباعة ورداءة التنفيذ. وبعدين تعال هنا.. وزير الإسكان والتعمير.. كيف تساهم في إشعال السوق العقاري مدعياً أن متر الشقة في القطاع الخاص في منطقة مثل التجمع الخامس وصل إلي سبعة آلاف وخمسمائة جنيه، يا دكتور جولة واحدة علي شركات الاستثمار العقاري في هذه المنطقة تحديداً لن يزيد المتر علي خمسة آلاف جنيه أي أنه قريب من السعر الذي تبيع به الوزارة، ستقول إنك تبيع الشقة متشطبة علي عكس القطاع الخاص وأقول لك تشطيب الحكومة معروف وطبعاً اللي يقدر يدفع نصف مليون جنيه في شقة لن يقبل بتشطيبكم وسيعيد الكرة من جديد، ولن يناله إلا التكسير والتبديل ودفع أجر العمال لإعادة الشقة علي المحارة وفي النهاية سيصل سعر المتر أكثر مما يبيعه القطاع الخاص.. وبعدين إيه حكاية عدم التنازل عن الوحدة إلا أمام جهاز المدينة الواقعة فيها.. يعني موافقين علي التنازل بس تأخذوا حقكم؟ يا دكتور مدبولي الجواب باين من عنوانه من أول كراسة الشروط مروراً بثمنها المغالي فيه إلي السعر الذي يقترب من القطاع الخاص وقد يفوقه إذا أعدنا التشطيب وهو القطاع الذي اشتري الأرض بالملايين ولم يحصل عليها مجاناً كما الحال في مشروع الوزارة.. والخلاصة يا سيدي إننا رضينا بالهم والهم مش راضي بينا. قط لكل مواطن ! صديقي لم يكن يحب القطط إلي حد أنه إذا دخل بيتا يقتني أصحابه قطاً كان يصيبه الفزع بمجرد الاقتراب منه.. تزوج الصديق ورزقه الله بأطفال ألحوا عليه في اقتناء كلب فرفض وبشدة وانتهي الإلحاح إلي الموافقة علي قط شيرازي ولكن لعدة أيام وبعدها يعيدونه إلي أصحابه.. خلال تلك الأيام اقترب صديقي من القط وشعر بالوداعة والجمال الذي يتميز به فقرر استمرار القط في المعيشة معهم واستخرج له بطاقة تطعيم من المستشفي البيطري وأصبحت متعته بعيداً عن برامج التوك شو أن يقضي وقتاً ممتعاً مع القط مبرراً لنفسه أن الصحف تنشر كل حين أخباراً عن مليونيرات في الغرب أوصوا بأموالهم كلها أحياناً لرعاية الحيوانات الأليفة وما وصل إليه الغرب في القرنين الماضيين فعله المسلمون منذ عدة قرون عندما كان يوصي الأغنياء منهم بوقف بعض من ممتلكاتهم علي رعاية هذه الحيوانات وإطعامها.. الغريب أن هذا القط الذي اقتناه صاحبي جعل نظرته إلي كل قطط الشارع مختلفة وأصبح علي قدر إمكانه يحاول إسعاد أي منها بوجبة طعام إذا ما صادفه في طريقه ويا سعادته إذا ما أطعم قطة من قطط الشوارع وهي تطالعه عيناها تنظر إليه في امتنان متذكراً ما حكاه الشيخ الشعراوي عن عالم القطط الذي إذا خطف منك قطعة اللحم وأنت تأكل فيجري بها.. أما إذا منحتها إياه عن طيب خاطر فهو ينتظرك في نفس الميعاد بكل وداعة وحب. كنت مع الزميل مجدي كامل الكاتب النابه ونحن نقرأ خبراً في إحدي الصحف يقول إن عدد الفئران في مدينة نيويورك وصل إلي ٢ مليون فأر في دراسة لأحد الباحثين الشبان حيث قدر عدد البؤر بـ٤٠٥٠٠ وبكل بؤرة ٥٠ فأراً وهو ما طمأن السكان الذين كانوا يعتقدون أن عددها ثمانية ملايين أي فأر لكل مواطن من سكان المدينة الذين يبلغ تعدادهم ثمانية ملايين.. وكان تفسيري أنه لا توجد قطط.. شوارع في هذه المدينة فهي إما في ملاجئ للحيوانات أو في البيوت عند أصحابها وهو ما جعل أعداد الفئران تستفحل بعد أن اختفي قناصتها من القطط وقال لي مجدي إنه بصدد ترجمة كتاب »‬مائة خطأ غيرت مجري التاريخ» منها ما وقع في أوروبا بين عامي ١٣٤٧ و١٩٥٢عندما انتشر الطاعون وظن الناس أن القطط هي السبب فشنوا عليها حرباً بلا هوادة وكانت النتيجة اختفاءها من بلادهم لتتكاثر الفئران بشكل مخيف بعد أن خلا الملعب لها ولم يعرف الناس إلا بعد خمس سنوات أن الفئران هي سبب الطاعون وليست القطط.. وراح ضحية مذبحة القطط ثلث سكان القارة ويقدر عددهم بخمسين مليونا.