في ذكري وفاته

قصة البابا إبرام ابن زرعة

 الكنيسة القبطية الارثوذكسية
الكنيسة القبطية الارثوذكسية

تحي الكنيسة القبطية الارثوذكسية، اليوم الأربعاء، تذكار نياحة  "وفاة " البابا إبرام ابن زرعة البابا الـ62 من بطاركة الكنيسة القبطية الارثوذكسية، وفقًا لما جاء في سنكسار الكنيسة وهو كتاب يعرض قصص الشهداء والقديسين في المسيحية.

وجاء في السنكسار أنه في مثل هذا اليوم من عام 970 ميلادية تنيح القديس الأنبا إبرام بابا الإسكندرية الثاني والستون، وكان هذا الأب من المشرق، وهو ابن زرعة السرياني وكان تاجرًا ثرياً وتردد على مصر مرارًا، وأخيرًا أقام فيها، وكان بتحلي بفضائل كثيرة، منها الرحمة على ذوي الحاجة، وشاع ذكره بالصلاح والعلم، وعندما خلا الكرسي البطريركي، أجمع رأي الأساقفة والشيوخ العلماء على اختياره بطريركا.

وعندما جلس على كرسي الكرازة المرقسية وزع كل ماله على الفقراء والمساكين، وفي أيامه عين قزمان الوزير القبطي ابن مينا واليا على فلسطين، فأودع عند الأب البطريرك مئة آلف دينار إلى إن يعود، وأوصاه بتوزيعها على الفقراء والمساكين والكنائس والأديرة إن مات هناك.

وعندما بلغ البطريرك خبر استيلاء هفكتين على بلاد الشام وفلسطين، ظن إن قزمان قد ماتا، فوزع ذلك المال حسب الوصية، ولكن قزمان كان قد نجا من الموت وعاد إلى مصر فأخبره الأب بما فعله بوديعته فسر بذلك وفرح فرحًا جزيلاً، ومن مآثره أنه أبطل العادات الرديئة، ومنع وحرم كل من يأخذ رشوة من أحد لينال درجة بالكنيسة، كما حرم على الشعب اتخاذ السراري وشدد في ذلك كثيرًا، فلما علم بذلك الذين اتخذوا لأنفسهم سراري، استيقظ فيهم خوف الله، كما خافوا ايضا من حرمه فأطلقوا سبيل سراريهم وذهبوا إليه تائبين، ما عدا رجلا من سراة الدولة، فانه لم يخف الله تعالي ولا حرم هذا الأب الذي وعظه كثيرا وأطال أناته علي ، حيث لم يرتدع ولم يخش أن يهلكه الله.

ومع هذا لم يتوان الأب عن تعليمه إصلاح ، بل أتضع كالمسيح معلمه وذهب إلى داره، فلما سمع الرجل بقدوم الأب إليه أغلق بابه دونه، فلبث الأب زهاء ساعتين أمام الباب وهو يقرع فلم يفتح له، ولا كلمة، ولما تحقق إن هذا المسكين قد فصل نفسه بنفسه من رعية المسيح، وأصبح بجملته عضوا فاسدا، رأيى أنه من الصواب قطعه من جسم الكنيسة حتى لا يفسد بقية الأعضاء، فحرمه قائلاً “ إن دمه على رأسه، ثم نفض غبار نعله على عتبة بابه، فاظهر الله آيته في تلك الساعة أمام أعين الحاضرين إذ انشقت عتبة الدار، وكانت من الصوان إلى نصفين، وبعد ذلك أظهر الله قدرته حيث افتقر حتى لم يبق معه درهم واحد، كما طرد من خدمته مهانا، وأصابته بعض الأمراض التي آدت إلى موته أشر ميتة، وصار عبرة لغيره، إذ اتعظ به خطاة كثيرون وخافوا مما أصابه.

وفي زمان هذا الاب كان للمعز وزيرا اسمه يعقوب بن يوسف، كان يهوديا ، وكان له صديق يهودي، كان يدخل به إلى المعز أكثر الأوقات ويتحدث مع ، فاتخذ ذلك اليهودي دالة الوزير على المعز وسيلة ليطلب حضور الأب البطريرك ليجادله، فكان له ذلك، وحضر الأب ابرام ومعه الأب الأنبا ساويرس ابن المقفع أسقف الاشمونين، وأمرهما المعز بالجلوس فجلسا صامتين، فقال لهما “ لماذا لا تتجادلان ؟ فأجابه الأنبا ساويرس “ كيف نجادل في مجلس أمير المؤمنين من كان الثور أعقل منه “ فاستوضحه المعز عن ذلك ، فقال إن الله يقول علي لسان النبي" ان الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف ( اش 1 : 2 ) " ثم جادلا اليهودي وأخجلاه بما قدما من الحجج الدامغة المؤيدة لصحة دين المسيحية ، وخرجا من عند المعز مكرمين ، فلم يحتمل اليهودي ولا الوزير ذلك، وصارا يتحينان الفرص للإيقاع بالنصارى.

وبعد أيام دخل الوزير على المعز وقال له إن مولانا يعلم إن النصارى ليسوا على شئ، وهذا إنجيلهم يقول "لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل"، ولا يخفي على أمير المؤمنين ما في هذه الأقوال من الإدعاء الباطل، وللتحقق من ذلك يستدعي البطريرك لكي يقيم الدليل على صدق دعوى مسيحهم، ففكر الخليفة في ذاته قائلاً "إذا كان قول المسيح هذا صحيحاً، فلنا فيه فائدة عظمى، فان جبل المقطم المكتنف القاهرة، إذا ابتعد عنها يصير مركز المدينة أعظم مما هو عليه الآن، وإذا لم يكن صحيحًا تكون لنا الحجة على النصارى ونتبرز من اضطهادهم.

 ثم دعا المعز الاب البطريرك وعرض عليه هذا القول، فطلب منه مهلة ثلاثة أيام فأمهله، ولما خرج من لدنه جمع الرهبان والأساقفة القريبين، ومكثوا بكنيسة المعلقة بمصر القديمة ثلاثة أيام صائمين مصلين إلى الله، وفي سحر الليلة الثالثة ظهرت له السيدة والدة الإله، وأخبرته عن إنسان دباغ قدي ، وسيجري الله علي يديه هذه الآية، فاستحضره الأب البطريرك وأخذه معه وجماعة من الكهنة والرهبان والشعب، ومثلوا بين يدي المعز الذي خرج ورجال الدولة ووجوه المدينة إلى قرب جبل المقطم، فوقف الأب البطريرك ومن معه في جانب، والمعز ومن معه في جانب أخر، ثم صلى الأب البطريرك والمؤمنون وسجدوا ثلاث سجدات، وفي كل سجدة كانوا يقولون كيرياليسون يارب ارحم ، وكان عندما يرفع الأاب البطريرك والشعب رؤوسهم في كل سجدة يرتفع الجبل، وكلما سجدوا ينزل إلى الأرض ، وإذا ما ساروا سار أمامهم.

ووقع الرعب في قلب الخليفة وقلوب أصحابه، وسقط كثيرون منهم على الأرض، وتقدم الخليفة علي ظهر جواده نحو الأب البطريرك وقال له ، أيها الأمام ، لقد علمت الآن انك ولي، فاطلب ما تشاء وأنا أعطى، فلم يرض أن يطلب منه شيئا، ولما ألح عليه قال له "أريد عمارة الكنائس وخاصة كنيسة القديس مرقوريوس "أبو سيفين " التي بمصر القديمة ، فكتب له منشورا بعمارة الكنائس وقدم له من بيت المال مبلغا كبيرا، فشكره ودعا له وامتنع عن قبول المال فازداد عند المعز محبة نظرا لورعه وتقواه، ولما شرعوا في بناء كنيسة القديس مرقوريوس، تعرض لهم بعض الأشخاص، فذهب المعز إلى هناك ومنع المعارضين، استمر واقفا حتى وضعوا الأساس، كما جدد هذا الأب كنائس كثيرة في أنحاء الكرسي المرقسي، ولما أكمل سعيه تنيح بسلام بعد أن جلس على الكرسي 3 سنين وستة أيام.

 

اقرا ايضا : البابا تواضروس يصلي قداس اليوبيل الذهبي للأنبا باخوميوس