علي طريقة «أنا الرئيس الشرعي» التي كانت تجري علي لسان محمد مرسي.. قال مذيع قناة الجزيرة أحمد منصور بعد أن احتجزته إدارة الشرطة الجنائية الدولية بمطار «تمبلهوف» في برلين.. وهو في الطريق إلي الدوحة إن عملية الاحتجاز جاءت بناء علي صفقة عقدها الرئيس السيسي مع المستشارة انجيلا ميركل أثناء محادثاته الأخيرة ببرلين.. وهو هراء يختلف في المضمون ولكنه يتفق في «النفخة الكدابة» التي اصابت أعضاء الجماعة الإرهابية بسبب الأساليب العجيبة التي تكافح بها الإرهاب.. وتكاد تكون الحالة الفريدة في تاريخ مكافحة الإرهاب التي تصيب الإرهابيين بالنفخة الكذابة!
مرسي يتصور.. رغم القبض عليه في قضية التجسس انه لا يزال الرئيس الشرعي.. وأحمد منصور يتصور ان محادثات الرئيس السيسي مع المستشارة انجيلا ميركل تناولت احتجازه في مطار تمبلهوف في اطار صفقة سرية عقدت من وراء ظهر السلطات الرسمية في البلدين!
مثل هذه التصريحات لم تصدر عن ارهابي جري اعتقاله في أي ركن من اركان العالم.. ولا في أي دولة تعالج سرطان الإرهاب بادوية الانفلونزا والطبطبة.. وذقنك ابوسها.
المانيا استطاعت القضاء علي الإرهاب.. واقتلاع جذوره.. وتدمير خلاياه ونسف اوكاره وتصفية العائلات التي افرزت الإرهابيين.. خلال اقل من سنة واحدة.. واختفي الإرهاب في المانيا بعد تجفيف منابعه خلال فترة زمنية قياسية.
لقد عاشت ألمانيا شهورا من الارهاب بعد اختطاف رجل الأعمال هانز مارتين شلاير.. تم اعدامه بعد أن رفضت السلطات الالمانية شروط الافراج عنه حيا.
في هذه اللحظة بدأت الحرب الخفية التي لم تعرف المهادنة ولا الطبطبة.. واختفت من الوجود عائلات بكاملها.. لانها لم تحسن تربية ابنها الإرهابي أو ابنتها الإرهابية.. ولم يكن في السجون علي قيد الحياة.. سوي من تستخدمهم الفرقة التاسعة لمكافحة الإرهاب في عملياتها الخاصة بالقضاء علي الإرهاب.
ويضيق المقام عن ذكر حالات استخدام المعتقلين في العمليات الخاصة بالقضاء علي الإرهاب.. اذكر منها علي سبيل المثال حالة اندرياس بادر.. الذي نقلته السلطات الأمنية الالمانية في عملية الافراج عن ركاب طائرة المانية استطاع عدد من الفلسطينيين تحويل مسارها إلي الصومال وطالبوا بالافراج عن اندرياس بادر.
وبالفعل.. نقلوا اندرياس بادر بطائرة خاصة إلي مقديشيو.. وهبط منها ملوحا بعلامة النصر.. وسط تصفيق وهتاف الفلسطينيين السبعة.. وفي هذه الأثناء قام قناصة الفرقة التاسعة بقتل المختطفين.. وتحرير الطائرة والعودة إلي المانيا في رحلة لم يذكر فيها اسم اندرياس بادر علي الاطلاق.. ولم يذكر انه كان بمثابة «الطُعم» الذي تصيد الجناة.
وكل ما عرفناه أيامها هو ان اندرياس بادر انتحر داخل زنزانته.. عندما علم بفشل عملية الافراج عنه!!
أريد ان اقول ان الارهاب لا يحارب بالاساليب التي نستخدمها.. ولا عن طريق الانتربول.. ولا بحشد الاعداد الكبيرة.. ممن تحوم حولهم شبهات الارهاب.. ولا بالمحاكمات والقوانين التي تطبق في الجرائم العادية.. لسبب بسيط هو اننا ندافع عن وطن.. وعن شعب.. وعن أمة يسعي الإرهاب للقضاء عليها وتحويل شعوبها إلي مهاجرين تنتهك ابسط حقوقهم في الحياة الكريمة.
الحرب ضد الارهاب لها قواعدها واصولها.. التي تعارفت عليها أجهزة مكافحة الإرهاب في ارجاء الكرة الأرضية.. ولم يعد فيها مكان للوسائل التقليدية التي جري التعامل بها لمكافحة الجرائم العادية!
والمثير للدهشة حقا.. ان الجماعة الإرهابية استخدمت مع الالمان نفس أساليب الترويع التي استخدمتها ضد السلطات الرسمية في مصر.. وهي «التصعيد» بالمظاهرات التي تصل إلي الرُكب «بضم الراء» وقالت الجماعة الإرهابية في بيانها التحذيري الذي وجهته للمستشارة ميركل في مغبة عدم الافراج عن المذيع أحمد منصور فورا.. في الوقت الذي هدد فيه تنظيم إرهابي آخر يحمل اسم «الائتلاف العام للمصريين بالخارج» (!!) بالتصعيد الميداني بشوارع المانيا من خلال مظاهرات عارمة والدخول في اعتصامات مفتوحة.. ودعا لتنظيم أول اعتصام امام سجن التوقيف الاحتياطي في برلين.
وتجدر الاشارة هنا إلي ان كلمة «التصعيد» ليست جديدة علينا في مصر.. فقد استخدمتها الجماعة الإرهابية في جميع محاولات المصالحة مع الحكومة في مقابل الافراج عن مرسي والعصابة الإرهابية.. وجاءت كلمة «التصعيد» في اطار تهديد السلطات الأمنية.. وتخويفها.. ودفعها للصراخ من هول الفاجعة.
الطريف في الموضوع ان الجماعة الإرهابية.. نسخت كلمة تصعيد في تهديد موجه للسلطات الالمانية.. ومن جماعة يطلق عليها الائتلاف العام للمصريين في الخارج.. اي ان لها صلة ما بالمانيا.. في الوقت الذي لا يدرك فيه كاتب البيان ان هذا الهراء لا يسري علي الالمان وانه مجرد التفكير في الاعتصام يقتضي الحصول علي موافقة مسبقة من السلطات الأمنية.. وتقديم بيانات وافية باسماء وأرقام جوازات السفر وبتاريخ الاقامة.. ليس من أجل الموافقة علي الاعتصام.. وإنما لوضع معظم هذه الأسماء في قوائم الاشتباه عند وقوع أي جريمة ترتكبها جماعة ترفع اعلام الاسلام.. وتصوير أصحابها بأجهزة فنية تنقل سلسلة طويلة من المعلومات بمجرد ظهور الصورة.. ووضع التليفونات الخاصة بهم تحت المراقبة.
التصعيد.. وفق الثقافة الأمنية في المانيا.. يعني اثراء ارشيف المعلومات.. بأسماء جديدة.. وعناصر وافدة.. لم تسجل بكل التفاصيل في الملفات.. من قبل.
التصعيد هو النعمة الالهية التي تساعد الأمن الالماني علي تجديد معلوماته.. باسماء الإرهابيين المحتملين.. ومصادر تمويلهم والمساجد التي يؤدون بها صلوات التراويح.
تبقي بعد ذلك القضية الأهم.. في موضوع الغلام أحمد منصور.. وهي قضية الشرطة الجنائية الدولية المعروفة بالانتربول!
ليس سرا يذاع لأول مرة ان نقول ان اكبر معضلة.. شائكة ومعقدة تواجه الإنتربول.. هي الجرائم المنظمة.. التي تديرها عصابات.. لها نفوذها السياسي في العديد من عواصم العالم الكبري والصغري.. وفي برلمانات بعض الدول.. ولذلك فإن الذين يتم القبض عليهم وترحيلهم أو تسليمهم.. هم عادة من صغار المجرمين.. الذين يتم القبض عليهم أو احتجازهم وتسليمهم.. اما صبية وغلمان العصابات الكبري فلا يجري تسليمهم وفقا للقاعدة الشهيرة وهي:
die kleinen faengt man. die girossen last man laufen ومعناها القبض علي الصغار وترك الكبار يمرحون.
ومن هنا علينا أن نتفهم موقف الإنتربول من رفض تسليمنا للغلام أحمد منصور.. بلا تحليلات استراتيجية وبلا كلام كبير لا أساس له من الواقع.
انها يا عزيزي.. لوعة الانتربول!