عبد القدماء المصريون الشمس عندما أدركوا أنها تلعب دوراً مهماً في حياتهم وهي التي تأتي لهم بالضوء والدفء. كما كان لصفاء سماء مصر علي مدار العام أثر كبير علي تحفيز المصريين القدماء علي التأمل في هذه السماء فتعرفوا تدريجياً علي الأجسام السماوية المضيئة وكانوا يعتقدون أنها تتكون من مواد سماوية مقدسة، تشع الضوء فقدسوها واتخذوها آلهة، وتابعوا حركتها يوماً بعد يوم وليلة بعد ليلة، إلا أن الشمس كانت هي الإله الرئيسي والأساسي «الإله رع». وكان هذا هو السبب في حرص المصريين القدماء علي متابعة حركتها اليومية منذ الشروق إلي الغروب وحركتها السنوية بالنسبة للنجوم. وفي محاولتهم لتفهم المزيد عن حركة الشمس والنجوم قام المصريون القدماء بتصميم نموذج للكون وهو الأسلوب العلمي الذي مازلنا نستخدمه حتي الآن فإذا كان هناك نظرية أو تصور لظاهرة ما، يلجأ العلماء إلي ما يسمي «بالنمذجة». ويشير النموذج المصري القديم إلي أن للكون إلاهان، إلهه للسماء واسمها «نوت» ورسموها علي شكل قوص بعرض الأفق ومحمَّلة علي ذراعيها في طرف وعلي سيقانها في الطرف الآخر، و»نوت» هي التي تلد الشمس والنجوم المرسومة علي جسمها وذراعيها وسيقانها، ويتمدد تحتها الإله الثاني «جب» إله الأرض. واعتقد المصريون القدماء أن الأرض هي مركز الكون وهي ثابتة لا تتحرك وأن كل الأجسام التي تظهر في السماء هي التي تطوف حولها فتشرق الشمس في الصباح وتمضي اليوم في عالم الأحياء وتغرب في المساء وتمضي الليل في عالم الأموات وتعود مرة أخري مع يوم جديد، وكذلك باقي النجوم. تم توثيق هذا النموذج في النقوش التي تصف فترة الفرعون سيتي الأول في عهد الأسرة التاسعة عشرة (1313 - 1292 ق.م.) وفي معبد أبيدوس في مركز البلينا في محافظة سوهاج في مصر وهناك نموذج مشابه في مقبرة رمسيس الرابع في عهد الأسرة العشرين (1167 - 1161 ق.م.). تابع المصريون القدماء حركة ومسار الشمس وما تمكنوا من رؤيته من الأجسام السماوية بحسب هذا النموذج وكانوا يركزون علي وقت الفجر في انتظار شروق إله الشمس رع كنوع من ممارسات العبادة وحيث إن المصريين القدماء كانوا دائماً يسجلون باستمرار مشاهداتهم بكل دقة كل يوم فكان أن تعرفوا علي ظاهرة طبيعية كان لها أكبر الأثر علي الحضارة الإنسانية فيما بعد، إذ شاهدوا نجماً يشرق متوهجاً براقاً قبل شروق الشمس مباشرة في أيام معينة من السنة، ويسمي هذا النجم سيرياس بمتابعة المشاهدة عاماً بعد عام لاحظ القدماء أن هذه الظاهرة تتواكب مع وقت فيضان النيل السنوي وهو الحدث الأهم في حياة المصريين. استقرت هذه الظاهرة الطبيعية في عقول المصريين وكان الكهنة عند رؤيتهم للنجم سيرياس في الفجر يتنبأون بالفيضان الذي هو مصدر الخير والنماء لمصر.
أدي حدوث الفيضان السنوي لنهر النيل بالتواكب مع ظهور النجم سيرياس براقاً في السماء قبل شروق الشمس مباشرةً، إلي أن يتوصل المصريون إلي أن هناك حتماً علاقة وثيقة بين ما يحدث في السماء وما يجري علي الأرض وبدأوا يفكرون بطريقة مختلفة غيرت من مفاهيمهم تماماً، وأن هناك نظاماً واحداً يربط السماء والأرض معاً، وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك إلاهان بل إله واحد يحكم الكون، وبدأت فكرة التوحيد والإله الواحد تسيطر تدريجياً علي عقول المصريين إلي أن أصبحت عقيدة آمنوا بها وآمن بها أمنحوتب الرابع «إخناتون» (1375 - 1358 ق.م.).
 وهكذا ترسخت في مصر عقيدة التوحيد والإله الواحد التي تشكِّل جذور الإيمان في كل الأديان السماوية.