«حلم جميل».. كوميديا على طريقة شارلى شابلن

مسرحية حلم جميل
مسرحية حلم جميل

محمد بركات

حلم جميل مسرحية كوميدية غنائية استعراضية بشكل ونمط مختلف عن السائد والمألوف فى عالم الكوميديا المسرحية، فى ظل فترة تُعرض فيها مسرحيات كوميدية كثيرة لا تلبى حاجه الجمهور واشتياقه لأعمال كوميدية راقية، سواء من مسرح القطاع الخاص الذى أصبح يعتمد على عروض تقتصر على التسلية والضحك فقط اسكتشات كوميدية، أو حتى القطاع العام المتمثل فى المسرح الكوميدي، المنوط به تقديم عرض بعناصره المعروفه.

حلم جميل الذى يعرض على خشبة المسرح الكوميدى بالمنيل، التابع للبيت الفنى للمسرح، ينتمي إلى تلك النوعية من العروض التي تقدم للجمهور موضوعاً إنسانياً بسيطاً ممزوجاً بالغناء والاستعراض، يضحك ويسلي ويُمتع، ويقدم فكرة اجتماعية وإنسانية بسيطة يستوعبها المشاهد العادي، ليبدأ المسرح الكوميدى عهدا جديدا يستعيد فيه مكانته ورونقه

“حلم جميل” للمخرج إسلام إمام وبطولة سامح حسين وسارة الدرزاوي، عزت زين، رشا فؤاد، جلال هجرسي، ناجح نعيم ، طارق راغب ، دراماتورج طارق رمضان ، ديكور حازم شبل ، ملابس نعيمة عجمى، موسيقى هشام جبر، أشعار طارق على، إستعراضات ضياء شفيق، تدور حول الأزمة الإنسانية بين طبقات المجتمع المختلفة التى يعانى منها المجتمع، وهى الفجوة بين الأغنياء والفقراء من خلال مجتمع المتشردين وعلاقتهم بالطبقة العليا التى تظن أنها تمنحهم جزءا من التعاطف لكنها تسحقهم وتحتقرهم، من خلال قصة حب بين الفتاة الكفيفة “حلم” بائعة الورد التى تجسد شخصيتها الفنانة سارة درزاوى، وشخصية “جميل” الشاب المشرد ويجسد شخصيتة الفنان سامح حسين، الذى يسعى لاقتراض أو سرقة مال رجل ثرى دائما فى حالة “سكر” ومتعالى على الفقراء، يحاول الانتحار وهو في حال سكر، نظراً لضيقه من حال الرفاهية التي يحياها، ويبدي الثري تعاطفه الشديد مع الفقراء لدرجة أنه يدعوهم إلى الإقامة في قصره، لكنه عندما يفيق من حال السكر يتحول إلى كائن آخر يكره هؤلاء الفقراء ويعتبرهم غير جديرين بالحياة ويطردهم من قصره، ويجسد شخصيتة الفنان عزت زين.

فى البداية يقول إسلام إمام مخرج العرض: “حلم جميل” غنائي استعراضي، لشارلى شابلن قام بإعداده الكاتب طارق رمضان من إطار القصة العامة وصنع حكاية مسرحية تناسب الواقع المصرى، تم التركيز على الجوانب الإنسانية من خلال تناول أزمة الطبقية الكبيرة التى يعانى منها المجتمع وهى الفجوة بين الأغنياء والفقراء من خلال مجتمع المتشردين وعلاقتهم بالطبقة العليا التى تظن أنها تمنحهم جزءا من التعاطف.

وعن اختياره النصوص العالمية وتمصيرها فى عمل مسرحي يضيف إمام: “اختيارى للنصوص العالمية ليس مقصودا أو متعمدا، وعند مشاهدتك للعرض تجد أنك تشاهد مسرحية مصرية وليست قصة أجنبية تم تمصيرها، لأن القصة الإنسانية التى يتناولها النص تصلح أن تقدم فى أى دولة فى العالم، حدث إنسانى بسيط فى كل الدول وفى كل العصور، فأنا أبحث عن المواضيع التى تحتوى على فكرة ورسالة مهمة بها طاقة إيجابية وفى نفس الوقت بها قدر من البهجة والضحك، فقدمت قبل ذلك عرض”المتفائل” عن رواية كانديد للكاتب فولتير من إعدادى وإخراجى، أما “حلم جميل”  دراماتورج طارق رمضان، هى فكرتى طرحتها عليه وتم التنسيق معه لاختيار الخطوط الرئيسية التى تتناسب مع وجهه نظرى الإخراجية، فكان هذا العرض من المفترض افتتاحه قبل عرض”المتفائل” وتم تأجيله، هذه النصوص أول مرة تقدم فى شكل مسرحى، سواء فى مصر أو فى الخارج.

وعن اختيار شكل الديكور والإضاءة التى ظهرت العرض بصورة مبهجة يقول إمام: “مهندس الديكور حازم شبل ومصمم الإضاءة أبو بكر الشريف صنعوا صورة مسرحية مبهجة وجميلة أنار خشبة المسرح الكوميدى، والحمد لله استطعنا نعيد الأمور إلى وضعها الطبيعى فمن المفترض أن يتم اختيار عروض معينة تقدم على هذه الخشبة وبصورة معينة، وبالرغم من أن هذا المكان يعانى بالفعل من ضعف إمكانياته التقنية، بذلنا مجهودا كبيرا فى معالجتها بشكل محترف لتخرج صورة المسرح الكوميدى لأول مرة فى قالب فنى يليق بمكانته ويعتبر من أكبر المسارح فى مصر”.

وعن تجربته الأولى على خشبة المسرح الكوميدى، يوضح: سعيد بتجربتى الأولى على خشبة المسرح الكوميدى، فالحمد لله خلال العامين الماضيين وقفت على أكبر المسارح فى مصر بداية من المسرح القومى، مسرح السلام، المسرح الكوميدى، وحالياً جارى تجهيز عرض”السندباد” من تأليفى الذى سيعرض على خشبة مسرح البالون، وهذا دليل على ثقة الجميع فى نجاحاتى، لذلك حرصت على تقديم مسرحيات كبيرة تتناسب مع قيمة هذه المسارح مثلما كان يحدث فى الماضى فهذه المسارح شهدت عروض لكبار النجوم.

وعن جولات العرض خارج القاهرة يقول: مع نهاية الشهر الجارى سيتجول العرض فى محافظات صعيد مصر فى كل محافظة سنعرض بها لمدة أسبوع بداية من محافظة قنا، الأقصر، أسيوط، ثم ننتقل لبورسعيد والإسماعيلية، ثم فى محافظة الإسنكندرية.

ويقول الفنان سامح حسين بطل العرض: أجسد شخصية شاب فى مقتبل عمره يدعى “جميل” ، فقير ماديا وغني إنسانيا يتجول فى الشوارع ويرى أحد الأثرياء وهو ينتحر ويحاول إنقاذه فيتعرف عليه ويأخذه إلى منزله للعيش معه، ويظهر  التباين بين الطبقات وسلوكهم وأفكارهم، يتعرف على فتاة فقيرة كفيفة يعجب بها، و تتوالى الأحداث، حكاية العرض بسيطة أقرب للحدوتة الشعبية لأنها تلمس القلوب وتحرك المشاعر والمناطق الرومانسية والمناطق القريبة لقلب المشاهد وهذا ما جذبنى للفكرة رغم عمقها الشديد.

 ويضيف حسين: استغرق وقت تحضير المسرحية والشخصية التى أجسدها فترة طويلة وقمنا بإجراء البروفات لمدة أكثر من ثلاثة شهور، وأثناء البروفات كنا نعيد بعض المشاهد أكثر من مرة حتى تخرج بشكل متكامل أمام الجمهور، كما شاركت فى تفاصيل الشخصية مع المخرج إسلام إمام، فكان التحضير والتخطيط لهذه الشخصية كان من قبل القيام بعرض “المتفائل”، والذي قدم على المسرح القومي وحقق نجاحاً كبيراً، والفنان إسماعيل مختار رئيس البيت الفنى للمسرح تحمس للعرض منذ أن عُرض عليه من البداية.

وعن سبب قبوله المشاركة فى العرض يقول حسين: دائما أركز على جودة جميع عناصر العمل، فنجاح وظهور أي عمل مسرحي جيد لن يكتمل إلا بوجود إدارة جيدة فإن نجاح العرض سببه الإدارة والإعداد الجيد من قبل المخرج الذى يعتبر قائد العمل ثم من بعده أبطال العمل ومهندس الديكور والإضاءة وغيرهم ، وأشكر الفنان  إسماعيل مختار رئيس البيت الفنى للمسرح، والفنان أيمن عزب مدير فرقة المسرح الكوميدى لدعمهم دائما ووقوفهم بجانب فريق العمل من بداية اليوم الأول فى البروفات إلى وصول جمهور العرض لكامل العدد، فالحمد لله العرض حقق نجاحا جماهيريا ونقديا كبيرا، فالجمهور مازال متذوقا للفن والمسرح، كما هو لم يتغير، لأنه الجمهور المحب، وهذا  الجمهور عندما يشاهد العرض يرى الصدق والإيمان فيما يُقدم له وما يحترم عقله، بالإضافة إلى المتعة البصرية والسمعية التي قدمها المخرج إسلام إمام وهو ما يمتاز به دائما”.

وتقول الفنانة سارة درزاوي التى تجسد دور البطولة النسائية فى العرض: “أجسد دور”حلم” بائعة ورد فتاة عمياء تبيع الزهور في إحدى الحدائق، تكمن الشخصية فى صعوبتها فى تقديم دور كفيفة على المسرح لأنها محددة فى تقديمها بشكل واحد، فقد كان هناك بعض التخوفات من توصيله بشكل ثابت طوال مدة المسرحية، ولكن مع كثرة البروفات والتي استمرت ٤ أشهر، والاستعراضات فى العرض والتي أحببتها كثيرا، تمكنت من تقديمها بالشكل الصحيح أمام الجمهور.

وتضيف درزاوي: “لا أنكر أنى شعرت ببعض القلق لأن أكثر ما يعتمد عليه الممثل فى تجسيده للدور هو العين وحركاتها وتعبيرتها، فحاولت تعويض ذلك بتفاصيل أخرى من خلال الصوت والحركات بجانب إلى كونها فتاة فقيرة ومعدمة وليس لها أهل فهذا ما أثر على وقفتها وطريقتها فى التعامل على خشبة المسرح.

وعن تعاونها لأول مرة مع المخرج إسلام إمام توضح: أهم ما يميز أعمال إسلام إمام أنه لديه سمة مميزة وهى أن عروضه تكون أشبه للاحتفال بمعنى أن يكون بها أغانى واستعراضات مبهرة، فهو دائما مع تغير في أسلوبه واختياراته فى النصوص التى يقدمها فهذه صفة مريحة ومميزة لأنه شخص لديه فكر متجدد.