كنوز| كيف لحن عبد الوهاب قصيدة «الكرنك»؟

معبد «الكرنك» وفى الإطار الموسيقار محمد عبدالوهاب
معبد «الكرنك» وفى الإطار الموسيقار محمد عبدالوهاب

تلألأ معبد «الكرنك» فى الاحتفالية الكبيرة التى ابهرت العالم اثناء الاحتفال بإعادة إحياء طريق «الكباش»، وتعتبر قصيدة «الكرنك» للشاعر أحمد فتحى واحدة من روائع القصائد التى لحنها وغناها الموسيقار محمد عبدالوهاب عام 1941، وقد روى المؤرخ الموسيقى إلياس سحاب فى مقال نشره بمجلة « دبى الثقافية « روى فيه ظروف تلحين وغناء هذه القصيدة كما رواها له محمد عبد الوهاب الذى قال له إنه ترك القصيدة فى جيبه ليطالعها ويراجعها ويتفاعل معها فى كل مكان يجلس فيه أو يذهب إليه ولا يتذكر المدة التى ظل يتفاعل فيها مع القصيدة ويدندن بها، وعندما بدأت البواكير الأولى للحن تتردد فى مخيلته حمل عوده، وحجز غرفة فى فندق «ونتر بالاس» القديم القريب من موقع معبد «الكرنك» بالأقصر، وقال إنه قضى أياماً لا يفعل فيها شيئاً، سوى الانتقال من غرفته بالفندق إلى المعبد، ليتجول فى أرجائه، ويدندن بالألحان التى تخطر بباله، وتوقف عند مقطع «أين يا أطلال جند الغالب، أين آمون وصوت الراهب»، وقال إنه كان يشعر منذ البداية أن لهذا المقطع حساسية خاصة، لابد أن تعكس نفسها على المجرى العام للحن القصيدة، لذلك أجّل جولته فى أركان المعبد إلى لحظات الغروب، حتى تتم الجولة فى لحظة حساسة يبدأ فيها الغياب المتدرج للضوء، والهبوط المتدرج للظلام، حتى تكون انفعالاته فى أثناء التجوال فى أرجاء المعبد، فى ذروة من المعايشة الكاملة.

والجدير بالذكر أن مؤلف القصيدة الشاعر أحمد فتحى «1913 - 1960» كان موظفاً مطروداً من القاهرة إلى مدينة الأقصر على إثر معركة نشبت بينه وبين رئيسه فى العمل، فأحب الأقصر عندما اقام بها لفترة، وكتب بها قصيدة «الكرنك» إعجابا بواحد من أهم معابدها وآثارها التى جعلته يستمد الإلهام من اجداده المصريين القدماء وعبق وتاريخ المكان، وكتب يقول فى هذه القصيدة الخالدة: «حُلم لاح لعين الساهرِ.. وتهادى فى خيالٍ عابرِ.. وهفا بين سكون الخاطرِ.. يصل الماضى بيُمْن الحاضرِ..

طاف بالدنيا شعاع من خيالِ.. حائرٌ يسألُ عن سرِّ الليالي.. يا له من سرّها الباقى ويالي.. لوعة الشادى ووهمُ الشاعرِ»..

إلى ان يقول : « ها هنا الوادى وكم من مَلكِ .. صارعَ الدهر بظلِّ الكرْنكِ .. وادعًا يرقبُ مسرى الفلكِ.. وهو يسْتحيى جلال الغابرِ.. أين يا أطلال جندُ الغالبِ؟.. أين آمون وصوتُ الراهبِ؟.. وصلاة ُ الشمسِ ؟ وهْمى طارَ بي.. نشوة تُزْرى بِكرْمِ العاصرِ.. أنا هيمانُ ويا طول هيامي.. صور الماضى ورائى وأمامى .. و....». 


مجلة « دبى الثقافية » اكتوبر 2009

اقرأ أيضا

كنوز| المكتشف الحقيقي لمقبرة «الملك الذهبي الصغير»