الإدمان خراب بيوت

الإدمان
الإدمان

هبة عبد الرحمن

  صدع يهز جدران البيت ويزلزل كيانه، وتتهاوى معه أفراد الأسرة كاملة، عندما يتحول رب الأسرة إلى مدمن!

وكما يقولون إن «كل باب بيت مغلق يخفى خلفه المشاكل والأسرار»، ولكن كل مشكلة لها حل وتهون أمام الكارثة التى تقع فيها الزوجة عندما تكتشف أن زوجها مدمن للمخدرات، فهى من أصعب الابتلاءات التى ممكن أن تواجهها المرأة وتختبر فيها صبرها وقوتها، بعد أن تجد أن بيتها الملاذ الآمن الوحيد لها قد تحول إلى أكثر مكان مرعب فى الحياة وهى تعيش بين جدرانه مع رجل مدمن ربما يتحول بين لحظة وأخرى إلى وحش كاسر يفتك بما أمامه، وهى تتكبد مشقة مواجهة الحياة بمفردها وتحمل مسئولية الابناء بعد أن ضاع زوجها فى طريق المخدرات، ونظرة الأبناء لوالدهم بدلا  من أن يكون قدوة لهم صاروا يخجلون من شكله ويغلقون أعينهم حتى لا يروه وهو خارج وعيه، بلا شك مأساة ما بعدها مأساة.

آلاف من الزوجات يقفن امام محاكم الاسرة يصرخن «الإدمان خرب بيتي ودمر حياتى»، نعم الكثير من الزوجات يرددن نفس التساؤل «زوجى مدمن ومش عارفه أعمل ايه؟»، فى السطور التالية نقدم بعدما نعرض لقصص زوجات سقطن أسرى لأزواج مدمنين، روشتة نفسية من خلالها تستطيع أن تساعد زوجها وترشده للطريق الصحيح حتى يتعافى ويعود لدوره ولحياته الاسرية؛ بداية نعرض تفاصيل أغرب القضايا التى تكتظ بها المحاكم.

امسك حرامي!

 مأساة أخرى روت تفاصيلها زوجة هاربة من جحيم زوجها المدمن «ر.ح» 34 سنة موظفة، قالت: لم أتخيل يومًا أن افضح زوجى بهذا الشكل او اقف أمام محكمة الاسرة أطلب الخلع منه، لكن للضرورة أحكام، ولا أعرف لماذا يتزوج الرجل طالما أنه يعيش حياة المدمنين؟!، سألته لماذا تربط بنت ناس معك وتدمر حياتها بهذا الشكل؟!.

زواجي منه كان عن اقتناع كبير خاصة بسبب سمعته الطيبة بين الناس أخلاقه وخجله وتواضعه وحبه لفعل الخير صفات جميلة جذبتني إليه، وفعلا كان واضحًا عليه كل الصفات وزواجنا كان سعيدًا فى البداية خاصة بعدما رزقنا الله بابنتنا الكبرى وبعدها ولدين توأم، وكانت حياتنا تمشى على خطى ثابتة، خرجنا للعمل سويًا حتى نوفر لأبنائنا حياة سعيدة، لكن لا اعرف كيف هبت عاصفة الإدمان لتدمر حياتنا، فقد علمه اصدقاء السوء ادمان المخدرات، وبدأت ألاحظ على زوجى علامات غريبة مثل العصبية المستمرة بداعِ وبدون داعي التى لم تكن من سماته، حتى وعندما يهدأ أجد عينه زائغة وبشرته بدت شاحبة، ومع مرور الوقت تأكدت مخاوفي، فزوجى مدمن للمخدرات.

فكرت فى البداية فى طلب الطلاق لكن صعب على ابنائى وهو ايضًا قررت الوقوف بجانبه، وقلت لنفسى سحابة صيف وتمر على خير، واجهته بضرورة العلاج وشكوته إلى اسرته لكنه رفض كل محاولاتنا للعلاج، وبدأ الامر يزداد سوءًا بعد أن اصبح اكثر عنفا، يضرب الأبناء بشكل مبالغ فيه فأصبحوا يخافونه ويكرهون وجوده فى البيت، وبالطبع اهمل عمله ما جعله دائمًا يحصل على جزاءات هددته بالفصل، لم يقف الامر عند هذا الحد لكن فوجئت بأن هناك أشياءً فى المنزل تختفى من اجهزة أو اثاث فأدركت أنه يأخذها ليبيعها ويشتري بها السموم، وابتدع كذبة غبية حين قال لي، «أكيد ده حرامي وأنا همسكه»!، وجاءت لحظة النهاية عندما فوجئت به يسرق راتبى الذى كنت أنفقه على صغاري ويكفي أن راتبه يضيع في الجزاءات، كما إنه سرق مصوغاتى الذهبية، جن جنونى وعندما واجهته اعتدى على وكدت افقد حياتي فقررت أنها النهاية، وبمجرد أن تعافيت أسرعت لطلب الخلع دون رجعة وبالفعل حصلت على حكم بالخلع من محكمة أسرة حلوان، والآن تقدمت بدعوى الحصول على قائمة المنقولات حتى اتمكن من فرشها فى شقة أخرى قمت بتأجيرها من اجلي انا وابنائى وكلي أسف على أبو اولادى.

نصائح للزوجة

 ماذا افعل لو زوجي مدمن مخدرات؟! سؤال يجيب عنه الدكتور عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى يقول: بداية هناك خط ساخن لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان وهو 16023 نقوم بتقديم خدمة العلاج مجانا وبسرية تامة ولدينا 28 مركز علاج على مستوى 17 محافظة، وبالتأكيد الأسرة لها دور مهم فى زيادة فاعلية العلاج، فأقول لكل زوجة تكتشف أن زوجها مدمن؛ أولا لا تقتحمي حياته فجأة ولا تهاجميه ولكن فى الوقت نفسه لا يمكن التغافل عن المشكلة أو السكوت عنها بل تواجهه بأنه لدينا مشكلة ولابد من حلها، وتخبره بأنها تقف فى ضهره داعمة وساندة له حتى نصل لمرحلة العلاج، لكن لا ننتظر حتى يتفاقم الموضوع، لأن قرار العلاج من الإدمان نابع من المريض نفسه ولو جاء إلى العلاج وهو مكتوفي الايدي لن يحصل على علاجه لذا لابد من إقناعه بالعلاج بهدوء، أن تقف بجانبه من اجل استقرار الاسرة.

ثانيا، لا يجب افتضاحه فهذا يزيد من الامر تعقيدًا، ولكن الامور مراحل فإذا نفدت كل الوسائل لإقناعه فعليها أن تطلب العون من شخص مؤثر فيه من عائلته وبذل كل ما فى وسعهم لإقناعه بتلقى العلاج.

ثالثا، وهى نقطة مهمة جدا، فى اوقات كثيرة تأتي إلى المصحة زوجات تحولن إلى مدمنات على يد الزوج، لأن اسهل طريق للزوج المدمن أن يجبر زوجته هى الاخرى على الإدمان، وهى نسبة ليست قليلة، لذا نكون حريصين لهذا الامر حيث نقدم العلاج لها ولزوجها وبالمجان وبسرية.

وبسؤال د.عمرو عثمان، متى تطلب الزوجة الطلاق إذا لزم الامر؟ ، أجاب: طلب الطلاق يكون فى مرحلة متأخرة، وعليها الصبر وألا تتسرع وتدرك أن المشكلة تحتاج لبعض الوقت، ولكن إذا رأت أن كل السبل استنفدت ولا تعرف كيف تساعده، وبأن هناك تداعيات صعبة كأن يزداد السلوك العدواني للزوج فعليها طلب الطلاق، فهناك حالات ميؤس منها مع الاسف.

كنت منذ ايام قليلة فى محافظة مرسى مطروح نحتفل بخروج 100 شاب متعافي من الإدمان من المصحة، من ضمنهم عدد كبير من المتزوجين والفضل هنا لزوجاتهم اللاتي ساعدنهم فى العلاج. 

الوهم في قرص

امام محكمة اسرة الجيزة وقفت "هالة.م" 31 سنة تبكى بعدما تقدمت بعدد من الدعاوى من متجمد نفقة زوجيه لها ونفقة متعة ومؤخر صداق، وكذلك نفقة لابنها الصغير، ومسكن حضانة، وأجر حضانة، قالت: ان زوجها طلقها ورماها هى وابنها دون الحصول على اية حقوق، ليحضر الزوج امام المحكمة يفجر المفاجأة المدويه قائلا: فعلا على رأي المثل "ضربني وبكى وسبقني واشتكى"، التي تقف امامكم تبكي هي من علمتني إدمان اقراص الترامادول!، ظنا منها أنها تعطيني القدرة الجنسية واشباع رغباتها المجنونة، وبعد مرور عدة أيام قليلة صرت مدمن ترمادول ومنه ذهبت الى انواع اخرى من البرشام، وعندما مرضت بسبب المخدرات وعلم اشقائي بحالتى وقفوا بجانبى للعلاج، واكتشفت خيانتها لى مع أخر من خلال رسائل على هاتفها المحمول متبادله بينهما، جن جنونى اتفقت مع اسرتها على تطليقها فى هدوء مقابل تنازلها عن كل حقوقها او افتضاح امرها ويكفى ما رأيته منها، ومرت الايام معتقدا ان امرها انتهى، لكن فوجئت بها تتقدم بالدعاوى القضائية ضدى، مع العلم انى لازلت اخضع للعلاج من الادمان حتى وقتنا هذا الامر الذى يكلفني الكثير بسبب حالتى الصحية المزريه، وقدم الزوج للمحكمة مستندات تفيد تلقيه العلاج من مصحة للادمان كما قدم ما يفيد طلاقها على الابراء، وبأنه اتفق معها على دفع 400 جنيه شهريا نفقة لابنه الصغير لعدم قدرته على دفع أكثر وقد صدر الحكم برفض دعوى الزوجة وقبول دعوى نفقة للصغير واجر حضانة وتحديد مبلغ 900 جنيه للصغير وللحضانة.

حشيش وبرشام

 بدموع ممزوجة بحسرة وألم تروى «م.ع» 32 سنة ربة منزل مأساتها قائلة: زواجنا كان صالونات وعمري لم يتعد وقتها 22 عامًا؛ وهو يكبرنى بخمس سنوات، لكن أحببته من اول يوم رأيته فيها، شكله الهادئ الوسيم وأخلاقه الرفيعة جعلتنى أتمسك به أكثر، وما زاد إصراري عليه سمعته الطيبة بين الناس، استمرت الخطبة عاما ونصف كانت مليئة بالحب والرومانسية، لم اكتشف خلال أيام الخطبة أن زوجى كان مدمنًا للمخدرات، حتى عندما أخبرنى ذات مرة أنه كان فى فرح احد اصدقائه وتعاطوا الحشيش، راح يبرر ذلك بأنها لم تتجاوز المرات القليلة كل فترة كبيرة فى المناسبات الكبرى مثل الافراح، معللا ذلك أن الحشيش مجرد دخان مثله مثل السجائر لا يسبب الإدمان، وبالطبع تجاوزت ذلك ولم اعط للأمر اهتمامًا ولكن جعلني اتساءل بيني ونفسي؛ هل لهذه الدرجة شكل الإنسان احيانا يكون خادعًا؟!

تم زفافنا وفى يوم الصباحية اكتشفت الحقيقة بالصدفة، حيث قررنا السفر لمدينة ساحلية لقضاء شهر العسل بينما كنت أعد حقيبتي وبمجرد ما فتحت علبة الذهب الخاصة بي حتى هالني مارأيت؛ صرخت صرخة مدوية أتى زوجى مسرعًا إلى وانا اساله؟، «ايه اللى في العلبة ده»؟، فقد وضع فيها زوجى السجائر المحشوة بالحشيش وشرائط من الاقراص المخدرة ملونة الشكل، اعطاني مصوغاتي الذهبية وقال لى بترقب شديد خوفًا من افتضاحه «متخافيش مصوغاتك فى أمان وتلك السجائر والاقراص مجرد هدايا من اصحابى بمناسبة زواجى»، شعرت بضيق شديد وأنا اسأله، «هو انت كنت هتاخد الحاجات دي معانا فى السفر فى علبة الذهب» ففوجئت به يقول لي، «متعكريش مزاجي يا حبيبتي»! جن جنونى وسألته «كيف تجرؤ على فعل ذلك، وإذا تم القبض علينا سوف نتعرض للسجن وتضيع حياتنا «لكنه هدأ من روعي يومها واستطاع أن يخدعني بكذبة جديدة، وهي أن الحشيش مثله مثل العطارة والتوابل، ولأنه شيطان في جسد إنسان جعلنى أجرب معه اول سيجارة حشيش في حياتي، وكاد يُغمى عليّ، واعطانى أيضًا من الاقراص المخدرة، شعرت وقتها بلذة مزيفة لن أنساها في حياتى.

ومرت الايام وزوجى الهادئ الطباع يخدعني ببراءته حتى استطاع أن يعلمنى الإدمان معه، ورغم أن الله رزقنا بابننا الوحيد وطلبي منه أن ننسى ما نفعله من اجل ابننا، إلا أنه بعد ولادتى وبمجرد مرور فترة قصيرة اكتشفت أنه لا يزال يتعاطى المخدرات مع اصدقائه، وجذبنى مرة اخرى كالشيطان، وليس هذا فحسب ولكن بدأ ايضًا يطلب منى امورًا شاذة تشبه أفلام البورنو التى كان مدمنًا عليها هى الأخرى، لكن حالتي الصحية انهارت وحالتنا المادية ساءت بشدة، بدأت المشاكل تتسلل إلى حياتنا وقررت الوقوف فى وجهه وهددته إما ان نقلع عن الإدمان معًا او الانفصال.

وتابعت تقول: ظهر زوجى الهادئ الطباع على حقيقته ومد يده على بالضرب وبدأ يستخدم كل اساليب العنف ضدى من ضرب وإهانة وإذلال وبخل، ومرت الايام حاولت أن اتحمل لانى كنت باقيه عليه لكن دون جدوى واخبرت أسرتى بما فعله، وعلى الفور أصر والدى على تطليقى منه لكنه رفض، فأسرعت إلى محكمة أسرة مدينة نصر تقدمت بدعوى الطلاق للضرر، كما اصطحبنى والدى للأطباء لعلاجى من الإدمان. 

نموذج من العيادة النفسية

 د. ايمان عبد الله استشارى الطب النفسي والعلاقات الأسرية تقول عن إدمان الأزواج: الإدمان هو تعود الشخص على شيء كتعاطي المخدرات حتى تصبح بعد فترة هي المتحكمة فيه، والكارثة أن ما يوجد الآن ليس مخدرات فحسب ولكنها اصبحت مواد كيميائية مصنعة على مستوى عالي من الخطورة تسبب تلفا في المخ كما اثبتت الدراسات، فأصبحت آثارها خطيرة جدا على الشخص وبالتالي على المجتمع، وهي بالطبع تسبب دمارًا للبيوت ليس بزيادة حالات الطلاق فحسب، ولكن رأينا جرائم اخرى خطيرة مثل العنف الاسري من تعذيب الزوج لزوجته وأبنائه وربما تصل إلى القتل، وقد اثبتت الدراسات أن اعلى نسبة جرائم تقع بسبب المخدرات التي تغيب الوعي والإدراك فتحدث كوارث بشعة.

ويرتكب المدمن جريمته في وقتين إما وقت احتياجه الشديد للمخدرات فيحتاج الاموال وفي سبيل ذلك يرتكب أي جريمة، أو أثناء التعاطي وغياب العقل، فظهرت جرائم الزنا والاغتصاب والقتل بشكل هستيري مثل جريمة الاسماعيلية أو رجل يضرب ويعذب زوجته حتى الموت.

وهناك حالات من الأزواج المدمنين تبدأ رحلتهم مع المخدرات زعمًا انها تؤثر على قدرتهم الجنسية لكنهم لا يدركون انها تسبب لهم فيما بعد عجزا جنسيا كاملا، فتظهر جرائم اخرى مثل الخيانة الزوجية من اي من احد الطرفين أو جرائم عنف أسري، فهناك امرأة جاءت تطلب استشارة لإحساسها بوجع الضمير لأنها اكتشفت أن زوجها مدمنًا للمخدرات منذ سنوات طويلة ولم تكن تعلم، وكان يعتقد أنها تزيد من قدرته لكن مع مرور السنوات تحول إلى الإدمان ودمر حياتهم من كل النواحي، حيث أنه اصبح عاجزا جنسيًا وعصبيا ويمارس العنف الاسري معها ومع ابنائهما من ضرب وإهانة بشكل مستمر جعلت ابناءه يكرهون وجوده في البيت، وظل لسنوات يحرمها من حقوقها الشرعية مما دفعها لخيانته لكن سرعان ما شعرت بالندم وألم الضمير، وحضرت تطلب علاجها نفسيًا هي وأبنائها، وهذه الحالة وغيرها الكثير هم ضحايا لإدمان الزوج، فظهرت بسببه جرائم اخرى.

إدمان الازواج- والكلام على لسان د. ايمان عبد الله- ينتج عنه اضطرابات نفسية مثل الهلاوس السمعية او البصرية بأن يتخيل المتعاطي شخصا آخر يتحدث إليه ويحرضه على العنف او القتل تجاه زوجته أو أفراد الأسرة فتظهر جرائم مثل قتل الزوجات أو الأبناء على يد الاب، وزيادة معدل الاكتئاب والخيانة والفتور بين الطرفين والشعور الدائم بالقلق، وأن يعيش الابناء في مكان غير صحي نفسيًا وغير مؤهل للتربية السليمه، خاصة لاعتيادهم على رؤية مشاهد العنف داخل البيت، بالطبع بجانب الخلل الاقتصادي الذي يصيب البيت، وكلها اسباب تؤدي لزيادة حالات الطلاق حيث أثبتت الإحصائيات أن اعلى نسبة طلاق تكون بسبب إدمان الأزواج.

أغلى من أولاده

ومن مكتب ياسر الدمرداش المحامي بالنقض خرجت اغرب دعوى عندما دمرت المخدرات حياة عائلة بأكملها، حيث وقفت الام المكلومه التى يتخطى عمرها 54 عاما تبكى وتطلب منه الوقوف بجانبها وهى تروى مأساتها قائلة:

نحن أسرة متوسطة الحال، تزوجت من ابو ابنائى منذ اكثر من 30 سنة ورزقنى منه الله بأربعة أولاد ثلاث بنات وولد واحد، كان زوجي فى بداية حياته عاملا بسيطا فى محل كبير للادوات المنزليه، وكنت راضية بحياتي البسيطه معه لكنه لم يرض يوما عن حياته، فجأة بعد مرور عدة سنوات بدأ حاله يتغير واصبحت الاموال فى يده أكثر من السابق، وكلما أساله يقول "رزق ولادى"، واخبرني بأنه شارك شخص آخر في التجارة، اندهشت لاننا لا ندخر جنيها واحدا- وكما يقولون الجاي على قد اللي رايح- فكيف يمكنه مشاركة احد، دعوت الله ليقف بجانبه، ومع مرور الوقت تداولت الاحاديث واكتشفت الحقيقة؛ فزوجى يتاجر فى المواد المخدرة، نصحته بالابتعاد عن هذا الطريق لكن لم يسمع لى كلاما، وكما يقولون "طباخ السم يتذوقه" فقد تحول زوجى لمدمن للمخدرات، ورغم اننا كنا نتقدم فى العمر لكن بدأ العنف يظهر عليه وتحول لشخص آخر غير "الغلبان" الذى عرفته وتزوجته منذ سنوات مضت، لكنى تحملته لانه "أبو اولادى"، لكن "الكيف" عنده كان أغلى من أولاده، حتى انتهت حياته نهاية مأساويه بتلقيه جرعه زائده من المخدرات، فى سهرة مميتة مع شلة اصدقاء السوء، تاركا لى ابنائه الاربعة عمر اكبرهم كان لا يتعد 20 عامًا.

تستكمل الام بدموع لم تجف لحظة: تكبدت الصعاب وتحملت ما لا يطيقه بشر، فأنا تعليمي متوسط ولم أخرج للعمل من قبل، لكن الظروف جعلتنى اتحمل ما لا يطيقه بشر خاصة ان زوجى لم يترك لنا شيئا من تجارته المزعومة، التى دفع ابنائى ثمنا لها بعد ذلك، بعدما اكتشفت ان ابنتى الكبرى كان يجذبها شكل والدها وهو خارج عن وعيه فأرادت ان تجرب هذا الشعور فكانت تأخذ المواد المخدرة من بين ملابسه فى الدولاب ولم تكتف بذلك بل علمت شقيقتيها الاصغر منها سنا الإدمان، وبعد وفاة والدهم اخبرتنى بأنها سوف تخرج للعمل لمساعدتى، فاكتشفت انها كانت تعمل للحصول على المال الذى يساعدها لشراء البودرة، وكان من الممكن ان تبيع نفسها من اجل الكيف، حتى تم القبض عليها ومعها شقيقتها فى احد الاكمنه ليلا وكانا فى تحت تاثير المخدر وبعد تفتيشهما تم العثور على السم الأبيض فى حقيبتهما، وبعد جلسات عدة وعرضهما على الطبيب الشرعى للتأكد من ادمانهما، صدر الحكم بحبس الشقيقتين 7 سنوات بتهمة تعاطى المواد المخدره، والكارثة ان ابنتى الثالثة هى الاخرى فى طريقها لادمان المخدرات.