‏ عودة فاشلة لصائدى الأشباح .. Ghostbusters Afterlife

فيلم “Ghostbusters Afterlife”
فيلم “Ghostbusters Afterlife”

إنچى ماجد

إذا كان عليّ أن أخمن إن نجح فيلم “Ghostbusters: Afterlife” في إهداء أي شيء يدوم للسينما المعاصرة، فأعتقد أنه فشل في تقديم أي شيء قد يتذكره المشاهد العادي بعد خروجه من صالة العرض، حتى بالنسبة لعشاق الفيلم الأصلي الذين كانوا يشعرون بالحنين لمشاهدة تحفة كوميدية جديدة، تجعلهم يسترجعون حالة النوستالجيا التي ربطتهم بالفيلم الأول، للآسف لم يحصلوا على مبتغاهم، واعترف أنني كنت من هذا الفريق، فقد كنت آمل بشدة في الحصول على جزء جديد من أسطورة “Ghostbusters”، التي أعتبرها من الأعمال الكوميدية العبقرية على إمتداد تاريخ هوليوود، لكن للآسف لم يأت الجزء الجديد على قدر المكانة التي كانت موضوعة له.

يتحمل بالطبع مسئولية المستوى الهزيل للفيلم مخرجه الكندي جيسون ريتمان - الذي شارك كذلك في كتابة السيناريو - ، فلم يدرك أن لعبه فحسب على نقطة النوستالجيا لدى الجمهور ليست كفيلة بأن تقدم فيلما قويا جاذبا للجمهور المتعطش لجرعة كوميدية قوية تتناسب مع قوة الأجزاء الأولى للسلسلة.

ويأتى الفيلم بمثابة الجزء التالي المباشر لفيلم “Ghostbusters II”، حيث تدور أحداثه بعد مرور 30 عاما من أحداث الجزء الثاني، وتبدأ الأحداث في مزرعة ريفية محمية بأدوات علمية غريبة، يبدو أنها من عمل رجل غامض، ونكتشف فيما بعد أن تلك المزرعة مملوكة للعالم “إيجون سبلنجر”، رابع عناصر فريق “مطاردو الأشباح”، والذي رحل عن عالمنا الممثل الذي كان يلعب دوره - هارولد راميس في عام 2014 - ليكون ظهوره في الفيلم مأخوذ من لقطات أرشيفية من الجزءين الأول والثاني للسلسلة. 

بعدها تتركز الأحداث على “كاري سبنجلر” - إبنة “إيجون” - وهي أم عزباء تعيش في المدينة مع أبنتها الصغيرة “فيبي”، وأبنها المراهق “تريفور”، وكانت تعيش بعيدا عن والدها منذ فترة طويلة، وعند علمها  بخبر وفاته تجد نفسها تحزم أمتعتها وتنتقل إلى مدينة أبيها، على أمل أن تجد شيئا ثمينا قد تركه لها والدها.

رغم أن بداية الأحداث ليست بجديدة ومستهلكة‘ إلا أن علاقة الأم مع أبنها وأبنتها ساحرة على الشاشة، ولعلها من الأشياء القليلة الجيدة في ذلك العمل، حيث قدم الثلاثي نموذجا جميلا للأسرة التي تتعايش رغم الاختلافات العديدة فيما بينهم.

بينما تبدأ الأسرة في الإستقرار بالمنزل المتهالك بحثا عن أي شيء ذي قيمة، تشترك “كاري” لطفلتها “فيبي” في المدرسة الصيفية للحفاظ على نشاطها الذهني، وهناك تلتقي بالمعلم “جاري” - الذي يلعب دوره النجم بول رود - والذي أثار بحثه الشخصي حول الزلازل اليومية في المنطقة انتباه “فيبي”، حيث تربط هذه النقاط ببعض الأشياء الغريبة التي لاحظتها في منزل جدها.

وبتشجيع من بعضهم البعض، يجري الثلاثي تجربة علمية سيئة للغاية تنتهي بالكثير من الانفجارات، وهو ما يحدث كذلك مع المعلم “تشاد”.

اتفاجأ حقا من أن المخرج ريتمان وضع ثقته الكاملة في ثلاثي العائلة مع المعلم “جاري” بأن تكون شخصياتهم كافية في وقوف الفيلم على قدميه ونجاحه، والمثير للسخرية أن مصدر الضحكات الفعلي في الفيلم هي الأبنة “فيبي” وصديقتها الثرثارة بالمدرسة الصيفية، فقد كشفت كل منهما عن تمتعها بموهبة كوميدية لافتة للنظر، إذا أحسنتا إستخدامها قد تصبحان من نجمات الكوميديا في المستقبل.

وتأتي اللحظة الحاسمة في تحول توجه الفيلم، وهي اللحظة التي يكتشف فيها “تريفور” وشقيقته “فيبي” الـ”Ecto-1” في الحظيرة، وهو الجهاز الخاص بجدهما الراحل، والمعني بكشف الأشباح والقضاء عليها، من هذا الكشف فصاعدا، لم يعد “Ghostbusters: Afterlife” فيلما خاصا به، لكنه ينتقل إلى مختلف التفاصيل الممتعة من الأفلام الأصلية، حيث يستخرج المخرج كل عنصر أساسي من تلك الأفلام ويجلبها إلى فيلمه مهما كان الاقتباس متقنا أو غبيا، حيث كان كل همه هو ضمان تمتع الجمهور بحالة النوستالجيا التي تعيده إلى متعة الأجزاء السابقة، لكن الجمهور لم يذهب فحسب لإشباع شعور الحنين بالماضي، لكنه يريد كذلك رؤية عمل ممتع وجيد يضيف إلى أسطورة السلسلة الكوميدية.

وعلى المستوى الفني كذلك، ربما كان العامل الأكثر فظاعة هو أن ريتمان قام بخيانة أبطال الجزء الجديد، من خلال تهميشهم مقابل عودة الوجوه القديمة المؤسسة للسلسلة، وكأنه يريد عمل مقارنة بين الفيلم الأصلي عندما كان أبطاله شبابا، وبين فيلمه عندما أصبح هؤلاء الأبطال عجائز أصحاب خبرة كبيرة، لكن المقارنة جاءت مضرة بفيلمه بشكل لا يتوقع، فلا أستطيع أن أتذكر فيلما آخر ألقى مثل هؤلاء الممثلين الأكفاء في عمل ضعيف بكل المقاييس، ولم تنجح شعبيتهم وموهبتهم في النجاة به، فكان لم شمل نجوم الفيلم الأصلي في الجزء الجديد تجربة غير مستحقة. 

ولا يمكن تجاهل الاستخدام الفظيع للتكنولوجيا، والذي جاء ثقيلا على العين وغير مريح للمشاهدة، الفيلم أيضا لم ينتهي بشكل مناسب، تجعلنا نتغاضى عن كل السقطات التي شاهدناها طوال الفيلم، وبسبب كل ما سبق تأكد لي أنه إذا شعرت بالحاجة إلى استعادة حبي لسلسلة “صائدي الأشباح”، فليس أمامي سوى أن أعيد مشاهدة الفيلم الأول منها.