كسر براءة اختراع لقاحات كورونا.. صراع بين شركات الأدوية والحكومات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

فى الوقت الذى نجحت فيه البشرية للوصول للقاحات تحمى من الإصابة من فيروس كورونا، إلا أن شركات الأدوية الأوروبية والأمريكية رفضت كسر براءات اختراع تلك اللقاحات، حتى لا يسمح لباقى دول العالم الحصول على سر تصنيعها لحماية ارباحهم، إلا أن دولا مثل جنوب افريقيا والهند طالبت بكسر الاحتكار لسر تصنيع تلك اللقاحات طبقا لما نصت عليه اتفاقيات الملكية الفكرية لايقاف انتشار وباء كورونا وايقاف تحوراته.


مبادرة كوفاكس


وذكر تقرير منظمة الصحة العالمية، أنه اطلق "مبادرة كوفاكس" في مرحلة مبكرة من هذا الوباء، وسرعان ما أصبح واضحًا أنه لإنهاء هذه الأزمة العالمية لا نحتاج فقط إلى لقاحات COVID-19، بل نحتاج أيضًا إلى ضمان وصول الجميع في العالم إليها، فبرغم هذه المبادرة الا انه لم يتم توزيع اللقاحات على العالم كله للحماية من الإصابة بكورونا.


ما جعل وزير التجارة والصناعة الهندي بيوش جويال يدعو دول مجموعة العشرين بإزالة الحواجز التجارية لضمان المساواة في توزيع لقاحات كورونا، قائلا "نحن بحاجة إلى حل الحواجز التجارية الجديدة مثل التمييز بين اللقاحات أو جوازات سفر كوفيد، التي تفرض قيودا على التنقل وتعيق حركة الأفراد اللازمين لتقديم الخدمات الحيوية بخبرات أكثر من ٦٠ عاما.

 

اقرا ايضا

من «دلتا» لـ«أوميكرون» .. متى يتعافى العالم من الوباء؟


التنازل عن حقوق الملكية الفكرية


وأعلنت  منظمة التجارة العالمية، أنها ستطرح مسألة التنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات كورونا، التي اقترحتها الهند وجنوب إفريقيا، في اجتماع مجلسها المقبل.


وترى بعض الدول في التنازل عن الملكية الفكرية إجراء يسمح بتسريع الجهود لوضع حد للوباء الفتاك الذي شلّ الاقتصاد العالمي، وقدمت الهند وجنوب إفريقيا خطتهما المتعلقة بالملكية الفكرية، وحازت على دعم عدد كبير من الدول الناشئة التي توقعت أن تجد نفسها في موقع متأخر من السباق للحصول على اللقاحات.


 ويقترح النص "منح إعفاء مؤقت من بعض الالتزامات بموجب الإتفاق حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية المعروف باسم "اتفاق تريبس"، بما يمكّن أي بلد من إنتاج اللقاحات بدون الإكتراث لبراءات الاختراع"، ويغطي الإعفاء أيضا "التصاميم الصناعية وحقوق التأليف والنشر وحماية المعلومات غير المكشوف عنها، على أن يسري حتى تنفيذ التطعيم على نطاق واسع عالميا واكتساب غالبية سكان العالم مناعة ضد الفيروس".


دعم دولي


وتدعم أكثر من 80 دولة المقترح من بينها الأرجنتين وبنغلادش وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومصر وإندونيسيا وكينيا ونيجيريا وباكستان وفنزويلا، كما تدعمه منظمات غير حكومية من بينها "أطباء بلا حدود"، بينما ترى الشركات المنتجة للقاحات الكورونا ان كسر حقوق الملكية الفكرية يشجع على انتشار اللقاحات المزورة، كما ان بعض المختبرات الامريكية لديها براءات اختراع وتعارض الاعلان عنها لان ذلك سيحرمها من عائدات مالية ضخمة. 

 

اقرأ أيضا

 لقاحات كورونا فى متاهة الشائعات.. ومخاوف من انتشار سلالات جديدة للفيروس


ويقول الدكتور محمد حسن خليل رئيس حركة الحق فى الدفاع عن الصحة، إن مسودات وهوامش اتفاقية التربس التى تحمى حقوق الملكية الفكرية وبراءات الإختراع، نصت على أنه فى حالات الطوارئ والأوبئة يحق للدول النامية تصنيع اللقاحات الجديدة المعالجة والواقية من كورونا لايقاف زحف الوباء عليها، وتؤيدها حاليا بعض الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة.


وأوضح خليل، أن الولايات المتحدة تؤيد السماح لجميع الدول بتصنيع اللقاحات وكسر حقوق الملكية الفكرية للشركات المصنعة، لايقاف انتشار وباء كورونا وتحوراته، وبالتالى يتوقف تهديد هذا المرض للولايات المتحدة والدول المتقدمة الأخرى، لأن الاختلاط الموجود بين الدول المتقدمة والنامية يؤدى لزيادة انتشار وتحور وباء كورونا وبصورة أسرع.


ظهور طفرات ومتحورات


وأضاف أن انتشار وباء كورونا بدول العالم النامى أدى لظهور طفرات وتحورات جديدة لكورونا مثل ما حدث بجنوب افريقيا، وهذه الطفرات تهاجم ايضا الحاصلين على لقاحات كورونا، لذا رغم ان الدول المتقدمة قامت بتلقيح أعداد كبيرة من سكانها، إلا أنها لاتزال مهددة من الدول النامية التى لم يتم تلقيح شعوبها كاملة، لذا الأمان الحقيقى للعالم في استئصال الوباء بالكامل مثل وباء شلل الاطفال الذى تم القضاء عليه بتعاون كل دول العالم. 


أرباح هائلة


وكشف دكتور خليل، أن هذه الرؤية يرفضها أصحاب شركات الأدوية العالمية، فشركة فايزر نفسها حققت منذ أوائل هذا العام أرباح تصل لـ900 مليون دولار كأرباح إضافية، ومع نهاية الوباء من المتوقع أن تصل أرباحها لـ 3.7مليار دولار.


وأضاف قائلا: "تلك جريمة فى حق الإنسانية، لأن تلك الشركات لا تكتفى بالحصول على أرباح معقولة، وإنما تريد تحقيق أرباح مضاعفة من الإحتكار لتلك اللقاحات، لذا رفضت هذه الشركات الإفصاح عن براءات اختراع الخاصة بتصنيع اللقاحات، حتى لا تتمكن دول وشركات أخرى انتاج تلك اللقاحات، وكانت تؤيدهم حكوماتهم فى البداية".


وتابع: أنه حاولت حكومات الدول الأوروبية والامريكية والدول المنتجة للقاحات بتجميل موقفها امام العالم بعمل الية "الكوفاكس" والتى تنص على جمع تبرعات من الدول المتقدمة وشراء لقاحات للدول النامية سواء كانت دولا فقيرة او منخفضة الدخل، ورغم ذلك حصلت افريقيا كلها اقل 5 %من اللقاحات، ولم يتم تطعيم كل شعوب العالم، لذا تحور الفيروس، وبعد حدوث هذه التحورات للفيروس اقتنعت حكومات بعض الدول بضرورة التطعيم الكامل لكل الشعوب لأن مواجهة المتحورات أصعب.


وتابع الدكتور خليل، أن هذه المشكلة واجهت العالم وقت الحرب العالمية الثانية عندما تم اختراع دواء البنسلين، وقررت الحكومات كسر حق براءات اختراعه لعلاج المصابين من الحرب، واكتفت الشركات المخترعة له بارباح معقولة لذا نجحت البشرية فى مواجهة وباء اصابات الحرب.


ويرى الدكتور خليل، أنه لابد من اعادة النظر فى اتفاقية التربس، لأن ما يحدث فى حق الانسان فى الحصول على لقاح كورونا يتم انتهاكه على مستوى العالم مثلما حدث فى ازمة السوفالدى، والذى طرحته الشركة الامريكية بثلاثة أسعار، عالى جدا ومتوسط للدول الفقيرة والثالث سعره منخفض للدول المتخلفة، على ان تتحمل الهيئات والدول شراء هذا الدواء بسعره من الدول المنتجة وتقديمه بسعر مدعم ومنخفض لشعوبها.