قمة «بايدن ـ شى».. تراجع خطوة وصراع مؤجل

قمة باي دن ـ شى.. تراجع خطوة وصراع مؤجل
قمة باي دن ـ شى.. تراجع خطوة وصراع مؤجل

«الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان إذا هاجمتها الصين»، كانت هذه الكلمات من الرئيس الأمريكى جو بايدن تهديداً واضحاً لا لبس فيه للسلطات الصينية، التى ردت من جانبها بنبرة أكثر تحدياً عبر وثيقة تاريخية أصدرتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى تعهد خلالها الرئيس الصينى شى جين بينج بأنه لن يترك مسألة تايوان للأجيال القادمة، فى إشارة واضحة إلى استعادة تايوان الى الوطن الأم خلال فترة حكمه التى من المتوقع الموافقة على امتدادها لخمس سنوات جديدة خلال المؤتمر الوطنى العام المقبل.


لعل هذه النبرة التصادمية والتدهور الكبير فى علاقات البلدين، أرسلت إشارات واضحة إلى صانعى القرار من الطرفين بأن الصراع على وشك الخروج عن السيطرة، وأن البلدين يقفان على حافة الهاوية، وفرص الإنجرار إلى صراع مفتوح ـ غير مرغوب فيه من الطرفين ـ باتت أكبر من أى وقت مضى، مما مهد الطريق أمام القمة الافتراضية التى جمعت رئيسى البلدين؛ لخفض التوتر، ووضع أطر للمنافسة بينهما، ومنع تحولها إلى صراع مفتوح أو حرب باردة جديدة، لكن دون التطرق لحلول للمشاكل الأساسية بين القوتين العظميين، ما يشير إلى أن احتمالات اندلاع شرارة جديدة لتشعل الصراع بين البلدين لا تزال قائمة.


لم يكن هناك نقطة قابلة للاشتعال أكثر من تايوان، وربما هى القضية الوحيدة التى تشكل أكبر خطر لجر الصين والولايات المتحدة إلى الحرب. أمضى شى وبايدن وقتًا طويلاً خلال القمة التى استمرت لأكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة فى مناقشة مسألة تايوان، وفقًا لمستشار الأمن القومى الأمريكى جيك سوليفان.


أعاد كلا الزعيمين التأكيد بعناية على مواقفهما الراسخة، بالنسبة للصين، معارضة شديدة لأى خطوات من شأنها أن تدفع تايوان نحو إعلان الاستقلال. بالنسبة للولايات المتحدة، رفض «أى جهد يرمى إلى تشكيل مستقبل تايوان بأى شيء آخر غير الوسائل السلمية»، بحسب تصريحات سوليفان لمعهد بروكينجز بعد الاجتماع.


إلى جانب قضية تايوان، هناك رغبة مشتركة لتأجيل الدخول فى صراع للتفرغ للشأن الداخلي، حيث هناك قضايا ملحة لا تحتمل التأجيل. أمريكياً: تتراجع شعبية الرئيس بايدن فى مواجهة المخاوف المتجددة بشأن التعامل مع جائحة كورونا، وعدم الارتياح بشأن المستقبل الاقتصادى وسط ارتفاع التضخم واضطربات سلاسل التوريد.


أما فى الشأن الصيني، هناك ضغوط داخلية أيضا، ناتجة عن تباطؤ النمو، وأزمة شركات العقارات، كذلك الأزمة المتزايدة فى إمدادات الطاقة وارتفاع الأسعار فى قطاع الطاقة العالمي.


من السذاجة المبالغة فى تقدير نتائج القمة على القضايا الخلافية الكبرى، لم يكن هناك تحرك واضح على جدول أعمال القضايا التى قدمها كلا الزعيمين، وهى قائمة تم بثها بشكل متكرر خلال الأشهر العشرة الماضية.


استعرض الرئيس بايدن سجل الصين فى مجال حقوق الإنسان، من التبت وشينجيانج إلى هونج كونج. الممارسات التجارية والصناعية غير العادلة؛ التعزيزات العسكرية فى بحر الصين الجنوبى والتهديدات لحرية الملاحة، والحاجة إلى منطقة المحيطين الهندى والهادئ «الحرة والمفتوحة».


رد الصينيون باتهام أمريكا بالمسئولية عن خلق حرب باردة جديدة. وبحسب ما ورد قال شى لبايدن، إن الجرائم الأمريكية تضمنت الدعوة لفصل التكنولوجيا الفائقة، والعقوبات الاقتصادية، وتشكيل تحالفات عسكرية لمواجهة الصين، وكذلك استخدام تايوان لاحتواء الصين والتدخل فى الشئون الداخلية للصين.. لكن على أية حال، تجنب الاجتماع النغمات القاسية والمواقف العامة التى ظهرت فى بداية إدارة بايدن خلال اجتماع كبار الدبلوماسيين من الجانبين الذى عقد فى ألاسكا.


ربما مقاومة البيت الأبيض للرغبة اليابانية فى زيارة مبكرة لرئيس الوزراء فوميو كيشيدا لواشنطن بعد فوزه فى الانتخابات، هو خطوة أمريكية على طريق التراجع المؤقت عن المواجهة.


فى الوقت الحالي، أفضل ما يمكن أن نأمله هو أن تشكل القمة انفراجة صغيرة وسط الحديث المتواصل عن المواجهة والحرب المحتملة، وأن تصمد وتؤدى إلى مفاوضات أكثر جدية بين كبار المسئولين.


رغم تواضع نتائجها المباشرة، إلا أن القمة أسفرت عن اتفاق لتخفيف القيود على تأشيرات الدخول للصحفيين الأمريكيين، والسماح لهم بالعودة إلى الصين، مقابل وصول متبادل للصحفيين الصينيين من وسائل الإعلام الرسمية. قد يتبع ذلك بعض الخطوات لتخفيف قيود السفر على زيارات العمل والأكاديمية.. ولعل السؤال الأبرز الآن، إلى متى يمكن تأجيل الصراع المحتمل بين البلدين، وهل تحتمل القضايا الخلافية المحورية المزيد من التأجيل؟

أقرا ايضا | اليابان تشدد ضوابط الرقابة الحدودية على 3 دول إفريقية بسبب متحور «أوميكرون»