«مينويت» يشتري «جزيرة مانهاتن» الأمريكية بـ24 دولار وينقل ملكيتها لهولندا

مينويت
مينويت

"الصفقة الرابحة".. جميعنا نعلم هذه الجملة والتي تلخص اتمام عملية بيع أو شراء بأكبر مكاسب ممكنة سواء كان البيع حقق ربح كبير فتكون صفقة رابحة للبائع أو أن المشتري حصل على الصفقة بسعر قليل لتكون له بمثابة الصفقة الرابحة للمشتري ولكن هناك صفقات رابحة للتاريخ فمن يمكن أن يشتري جزيرة تمثل شريان تجاري أساسي لدولة كاملة وتعد نواة واحدة من أكثر المدن شهرة.

ويكون الأمر صعب أشبه بالمستحيل ولكن "بيتر مينويت" الهولندي تمكن من تحقيق ذلك واستطاع أن ينقل ملكية جزيرة "مانهاتن" الأمريكية مدخل التجارة الأساسي لدولة كاملة إلى الهولنديين مقابل 24 دولار لتبلغ قيمة هذه الأراضي الآن حسب دراسة أجراها اقتصاديون من جامعة "روتجريس " أكثر من 2 تريليون دولار.

 

ووفقا لموقع " BBC" فإن قصة بيع الجزيرة تبدأ مع "بيتر مينويت" الذي ولد عام 1580 في مدينة "ويسل" في "كليف" بألمانيا، عمل "مينويت" كشماس في الكنيسة الهولندية المحلية في مسقط رأسه حتى عام 1625 عندما قرر مغادرة المدينة هربا بعد احتلالها من قبل القوات الاسبانية وتوجه منها إلى هولندا ليبحر إلى مستعمرة " نيونيذرلاند / هولندا الجديدة" وفي 1626 استقر في المستعمرة عند مصب نهر " هدسون" في أمريكا تحديدا في مانهاتن - نيويورك حاليا -.

وفي سبتمبر من نفس العام قامت شركة "الهند الغربية الهولندية" بتعيينه مدير عام لمستعمرة "نيو نيذرلاند" والتي أسسها المستكشف الهولندي "هنري هودسون" عام 1624 وأطلق على المنطقة اسم مانهاتن وقرر "مينويت" أن يطور المستعمرة فبدأ بإعلان رغبته في شراء أراضيها حيث اجتمع مع السكان المحليين وأقنعهم بنقل ملكية الجزيرة بأكملها إلى المستوطنين وعلى الرغم من أن مصطلح نقل الملكية كان أمر غريب بالنسبة لسكان الجزيرة الأصليين إلا أنه تم الأمر مقابل 60 جلدر أي ما يوازي 24 دولار ممثلة في مجموعة من البضائع من قماش وخرز زجاجي

وبعدها تمكن من بناء مستعمرة أخرى في الطرف الجنوبي لمستعمرة " هولندا الجديدة" على ضفاف نهر "ديلاوير" بأمريكا ولكن لم يستمر الامر طويلا حتى تم استدعائه عام 1631 إلى هولندا بسبب منحه امتيازات لرعاة على حساب شركة الهند الغربية الهولندية ليعود مرة أخرى بعدما دخل الخدمة السويدية وسمح للمستوطنين السويديين الاستقرار في مستعمرة " السويد الجديدة" التي أسسها مسبقا على نهر " ديلاوير".

ليكرر مع السويد ما فعله لهولندا حيث قرر شراء الأرض الممتدة من نهر "ديلاوير" غربا وتحديدا بين "بومباي هوك" ومصب نهر "شويلكيل" وقام ببناء حصن كريستينا – حصن ويلمنجتون لاحقا- الذي سمي على اسم ملكة السويد كريستينا لتأسيس ثاني مستعمرات السويد ولكنه توفى قبل أن يحقق هدفه التالي وهو استكشاف جزيرة "سانت كريستوفر" – جزيرة سانت كيتس ونيفيس حاليا- الواقعة في جزر الهند الغربية.

ففي 1638 ودع " بيتر مينويت" الحياة في رحلة استكشافية تجارية بعد فترة وجيزة إلى جزيرة سانت كريستوفر في منطقة البحر الكاريبي حيث فقد في البحر بسبب إعصار وتستمر من بعده "مانهاتن" أو ما أطلق عليها بعد شرائها اسم " أمستردام الجديدة" تابعة لهولندا حتى حضر البريطانيون إلى أمريكا لتتحول "مانهاتن" إلى حي في مدينة "نيويورك" والتي ظلت لأكثر من قرنين مدينة نيويورك تتكون فقط من جزيرة مانهاتن.

اقرأ ايضا:سلالم «تيانمن» الصينية.. طريق الحظ الجيد والخلود

ففي عام 1664 تمكنت بريطانيا من السيطرة على الجزيرة ومدينة نيو أمستردام كلها ليتم تغيير اسمها إلى "نيويورك / يورك الجديدة" بعدما قام الملك تشارلز الثاني بمنح أراضي المدينة إلى أخيه دوق "يورك" ليهاجر إليها بعد ذلك أعداد كبيرة من البريطانيين الذين كانوا يقيمون في مدينة يورك البريطانية.

لتلعب بعدها المدينة دور بارز في تاريخ التحول السياسي لأمريكا كونها عاصمة البلاد بين عام 1785 وعام 1790 فاجتمع بها الكونجرس ليعلن منها عام 1789 عن تنصيب جورج واشنطن أول رئيس أمريكي وفي عام 1898 تم تشكيل مدينة نيويورك الكبرى وأصبحت مانهاتن إحدى أحيائها ولكنها ظلت نبض المدينة فتعتبر من أهم المراكز التجارية والمالية والثقافية في العالم وتشتهر بالعديد من المناطق الجاذبة للسياح.

ومن هذه المناطق السياحية المميزة بها شارع "برودواي" أحد أشهر الشوارع في العالم والحي المالي في "وول ستريت" والكثير من ناطحات السحاب وكذلك تضم "سنترال بارك" ومقر "الأمم المتحدة" بالإضافة إلى العديد من المؤسسات الثقافية والتعليمية المختلفة مثل متحف الفنون ودار الأوبرا وأبرز ما تضمه "تايمز سكوير/ ميدان تايمز" والذي تمت تسميته عام 1904 بهذا الاسم نسبة إلى صحيفة نيويورك تايمز التي فتحت مكاتبها الجديدة في برج التايمز بالميدان.