الأرض تتوقف 90 دقيقة لمشاهدة أقدم ممر فى التاريخ

السيسى يفتتح طريق الكباش فى احتفالية تجذب أنظار العالم

الرئيس خلال افتتاح الطريق
الرئيس خلال افتتاح الطريق

يفتتح الرئيس عبد الفتاح السيسى، بحضور كبار قيادات الدولة وسفراء العالم المعتمدين فى مصر، طريق الكباش بالأقصر، بعد إعادة تطويره والذى يُعد الممر الأقدم فى التاريخ وعلى مستوى العالم.


بدت الأقصر كعروس فى ليلة زفافها، منذ الساعات الأولى من فجر أول أمس، دقة النظام تُسيطر على كل شبر من أرجاء المدينة العتيقة ضاربة الجذور فى أعماق التاريخ، الشوارع كأنها ازدادت اتساعاً، اللمسات الجمالية تننشر فى كل ربوع المدينة، نشر الخضرة فى كل مكان، أحواض الزهور حوَّلت مسار طريق الكباش وكورنيش النيل وممشى الأقصر السياحى إلى جنان تُغطى المدينة الجميلة.

 كل شىء أعد له باهتمام بالغ، لا شىء يُترك للصدفة، حيث أنظار العالم كله تتجه صوب المدينة، تطوير الشوارع ورفع كفاءة الميادين ورفع مستوى المرافق والخدمات فى جميع المناطق والمزارات والمعالم الأثرية والسياحية، والتى أضافت إلى الجهود التى بذلتها الدولة لإعادة كشف الطريق التى بدأت منذ عام 1949 حتى الآن، وطوال ما يزيد على 70 عاماً، والدولة كلها تعيش هذه اللحظة، لحظة كشف الستار عن أكبر وأضخم أثر أُقيم على أساس دينى فى العالم، وما شمله من مشروعات إعادة كشف وترميم معمارى وترميم دقيق وإظهار الألوان الأصلية للأعمدة والجدران ومعالم مجموعة معابد الكرنك ومعبد الأقصر.   الاحتفالية أُعدت بعناية شديدة؛ لإبهار العالم بالسحر والجمال والإمكانات الأثرية والسياحية الهائلة التى تتمتع بها الأقصر، مدينة المدائن الأثرية، وتُلقى الضوء على أعظم حضارة عرفها الإنسان، حضارة تحكى تفوُّق ونبوغ المصرى القديم فى الثقافة والعمارة والفنون، وهذا النبوغ هو نفسه الذى يمتد إلى المصرى المعاصر الذى استطاع أن يُعيد أمجاد أجداده ومجد طيبة العريق التى ظهرت فيها أقدم عاصمة مركزية فى العالم بعد نجاحه فى أعمال تطوير ورفع كفاءة البنية التحتية بالمحافظة، وتطوير وتجميل الكورنيش والشوارع والميادين بها ومشروع ترميم صالة الأعمدة بمعابد الكرنك، وتطوير نظم الإضاءة بمعبد الأقصر، وترميم قاعة الـ 14 عمودًا بمعبد الأقصر، والانتهاء من مشروع الكشف عن طريق المواكب الكبرى المعروف بـ «طريق الكباش».


صاحب العرس الحقيقى المستشار مصطفى ألهم، محافظ الأقصر، أكد أن المحافظة كانت على أهبة الاستعداد لاستقبال  ضيوف مصر المشاركين فى الاحتفال العالمى والتاريخى الخاص بطريق الكباش، والذى يُقام تحت رعاية الرئيس السيسى، وهى الاحتفالية التى ستضع مدينة الأقصر على أعتاب عصر جديد من  الترويج السياحى بالصورة اللائقة  بمصر والمدينة التى تمتلك العديد من المقومات التى تؤهلها لهذه المكانة المهمة، حيث إنها تحتوى على ثلث آثار العالم بعد أن أصبحت متحفاً مفتوحاً أمام جميع الزائرين لها.


ويُضيف المحافظ أن الرئيس السيسى حريصٌ كل الحرص على  خروج هذا الحدث العالمى بأفضل صورة لمصر، خاصة بعد النجاح الكبير الذى حققته احتفالية موكب المومياوات الملكية والترويج لقوة مصر الناعمة وحضارتها العريقة، وبما يعكس ثراء محافظة الأقصر كمقصد سياحى وأثرى عالمى متكامل. ويُضيف أن أعمال التطوير شملت تطوير طريق المطار، حيث تم تنفيذ ميدان أمام بوابة المطار لتنظيم الحركة المرورية، وإضافة الزراعات التجميلية بها، وتطوير الجدارية الموجودة أمام بوابة المطار التى تتماشى مع الهوية البصرية لمدينة الأقصر وإنشاء ميدان لتنظيم الحركة المرورية أمام النافورة وإنشاء جدارية جديدة من الحجر أمام ميدان النافورة مع مراعاة الهوية البصرية لمدينة الأقصر، وتجديد وتطوير جميع الحدائق على يمين ويسار طريق المطار وما بين كوبرى المطار وكوبرى الكباش وصولاً لميدان الكتاب وتطوير ورفع كفاءة طريق المطار بعمل الزراعات وتزويده بالأشجار والورود، وتطوير وفتح عدد من الطرق فى محيط طريق الكباش، وتركيب بردورات بطريق الكورنيش والكباش ومدخل معبد الكرنك.. وأوضح المستشار مصطفى ألهم أن المحافظة شهدت أيضاً إقامة عدد كبير من المشروعات الخاصة بتطوير البنية السياحية وتطوير الكورنيش ورفع كفاءة وتطوير المبانى والمنشآت والميادين وأعمال التشجير والتجميل والإنارة لطريق الكباش فى إطار الفاعلية الترويجية الكبرى لمحافظة الأقصر،

واحتفالية الكشف عن «طريق الكباش»، حيث تم تنفيذ الخطة التى تم وضعها من جميع الجهات المعنية بالدولة لمشروع طريق الكباش، ضمن رؤية فنية تستهدف إضفاء هوية موحدة لمدينة الأقصر بكاملها، باعتبارها مدينة سياحية مع تنفيذ أعمال الإنارة على جانبى الطريق بما يتيح الزيارة ليلاً، إلى جانب استكمال أعمال الرصف حتى نهاية طريق الكباش، على النحو الذى يُحقق المظهر الحضارى المميز لهذا الموقع الأثرى..وأضاف أنه تم الانتهاء من أعمال تجميل جميع الميادين وكورنيش النيل قبيل افتتاح طريق الكباش، وتم تركيب أكبر جدارية تحمل شعار الحفل بمنطقة كورنيش النيل المواجهة لمعبد الأقصر. إن الأقصر أصبحت فى أبهى صورها استعدادًا للاحتفال العالمى بافتتاح طريق الكباش بما يليق بالدولة والحضارة المصرية، وبما يُسهم فى تعزيز مكانة الأقصر كأحد أهم المدن الأثرية على مستوى العالم..

 

استعدادات الأقصر للاحتفال


ومن ناحيته، أعرب  الدكتور سمير فرج، المفكر الاستراتيجى، محافظ الأقصر الأسبق، الذى كان له الفضل الأكبر فى إعادة كشف طريق الكباش؛ من خلال مخطط التنمية الشاملة الذى قاده باقتدار خلال توليه منصبه كـ «رئيس للمجلس الأعلى لمدينة الأقصر» قبل أن تتحول إلى محافظة على يديه أيضاً، فقد أعرب عن سعادته وهو يرى الحلم يتحقق بإعادة الكشف عن طريق الكباش ويقول إن المشروع كان بمثابة المشروع الأهم والأكبر فى مخطط التنمية الشامل لتطوير الأقصر الذى وضعه نصب عينيه يوم تولى منصبه فى الأقصر، فالمشروع لم تقتصر شهرته على مصر فقط، وإنما امتدت شهرته للعالمية، خاصة بين أوساط المثقفين والأثريين، حيث كانت تقوم فكرته حول إعادة فتح طريق أبو الهول، المعروف باسم طريق الكباش الذى كان يربط بين معبدى الأقصر والكرنك، لتسير به المواكب المقدسة للملوك، والآلهة، فى احتفالات أعياد الأوبت، من كل عام، وذلك فى عهد الفراعنة، منذ آلاف السنين، حيث كان يسير الملك متقدماً عِلية القوم، من الوزراء، وكبار الكهنة، ورجال الدولة، خلف الزوارق المقدسة، التى كانت تحمل تماثيل الآلهة، بينما يصطف أبناء الشعب على جانبى الطريق، يرقصون، فى بهجة وسعادة، احتفالاً بالعيد المقدس.


والمعروف - كما يقول د. فرج- أن هذا الطريق بدأ إنشاؤه على يد الملك أمنحتب الثالث، الذى شيَّد معبد الأقصر، ولكن النصيب الأكبر من التنفيذ يرجع إلى الملك نختنبو الأول، مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية، آخر أسرات عصر الفراعنة. و أكدت المصادر الأثرية وعلى لسان الدكتور منصور بريك، مدير عام آثار مصر العليا الأسبق، والذى كان له فضل كبير هو وفريق الأثريين الذين عملوا معه وقتها ولحسن الحظ أنهم كلهم مصريون، وأكدوا جميعاً أن الطريق  يبلغ طوله 2٫72 كم، وعرضه 36 مترًا، ويصطف على جانبيه 1200 تمثال، نُحتت كل منها من كتلة واحدة من الحجر الرملى، وأقيمت على هيئتين؛ الأولى تتخذ شكل جسم الأسد ورأس الإنسان، باعتبار الأسد أحد رموز إله الشمس، أما الهيئة الثانية فكانت على شكل جسم كبش، ورأس كبش، وهو رمز من رموز الإله خنوم، إله الخصوبة فى الديانة المصرية القديمة، الذى قدسوه باعتباره الإله الخالق للبشرية كلها.


 أحاط قدماء المصريين، تلك الكباش، بأحواض زهور، وزودوها بشبكة رى، تتوسطها أرضية مستطيلة، أبعادها 120سم فى 230 سم، من الحجر الرملى، لتسهيل السير، وزعت التماثيل على طول الطريق، يبعد كل واحد عن الآخر، بمسافة أربعة أمتار، وكما ذكرت الملكة حتشبسوت، على جدران مقصورتها الحمراء، بالكرنك، فقد قامت بتشييد سبع مقاصير على طول هذا الطريق.

عمليات التجميل فى الشوارع لاستقبال الزوار

 

أما العميد  طارق لطفى، رئيس مدينة الأقصر، فيقول إن المدينة بدت فى أبهى صورها وهى تستقبل ضيوفها من كل اجناس الأرض للاحتفال بإعادة كشف طريق الكباش، ويضيف أن الأجهزة  تعمل بجميع أشكالها منذ أربعة أشهر على قدم وساق للاستعداد لهذا الحدث الكبير، وأضاف العميد أنه طبقاً لتوجيهات الرئيس السيسى الذى يعتبر الأقصر على رأس اهتمامات الدولة ليعيد لها بريقها كأعظم وأقدم مدينة أثرية فى العالم، ليعود للأقصر مكانتها التى يعرفها المصريون..

أقرا ايضا | العالم فى حالة ترقب لمشاهدة أضخم حدث ثقافى بإعادة الكشف عن «طريق الكباش»