ظل الجسد العربي طريح الفراش يعاني من الوهن والضعف والمرض لسنوات طويلة.. وانتظر الجميع اعلان وفاته بين لحظة وأخري خصوصا أن قلب العروبة كان ضعيفا لايستطيع ان يضخ الدماء إلي الجسد المريض.. وفجأة عاد القلب إلي سابق قوته.. وأخذ الجسد الواهن يسترد عافيته بعد أن أجمع اساطين الطب علي يأسهم من شفائه. عاد القلب النابض مرة أخري عندما هبت مصر تنفض غبار السنين عن ثوبها.. وتخرج من الكمون والخمول الذي عاشته.. وذلك بفضل ثورة ابنائها علي نظام حكم شاخ في مقاعده واصبح لايستطيع أن يحرك ساكنا.. وفاشية كادت تقودها إلي الهاوية.. وقيض الله لمصر ابنا من ابنائها المخلصين يقودها لاسترداد مكانها ومكانتها بين الأمم المتقدمة.. وعندها أحس العرب بالعافية تسري في اوصالهم من جديد. والمتأمل لما حدث في القمة العربية التي انهت اعمالها في شرم الشيخ منذ ايام قلائل يدرك أن صوت العرب الموحد عاد أقوي مما كان.. فلم نر اجماعا من قادة الأمة العربية علي القرارات المصيرية التي تعيد لهم هيبتهم كأمة واحدة منذ انعقاد مؤتمرات القمة حتي الآن.. وكما قال الرئيس السيسي فإن قمة شرم الشيخ نجحت في ضخ دماء الأمل في شرايين العمل العربي.. وقد رأينا كيف أقر الزعماء العرب انشاء القوة العسكرية المشتركة لتكون درعا وسيفا يحمي الدول العربية من التدخلات الخارجية أو المؤامرات الداخلية التي تخدم أهداف دول كبري تسعي لتفتيت الدول العربية إلي دويلات ضعيفة متصارعة فيما يعرف بحروب الجيل الرابع التي تعتمد علي اثارة الفوضي والحروب الاهلية بين ابناء الشعب الواحد فينقسم الوطن إلي جزر صغيرة يسهل الاستيلاء عليها دون تدخل جيوش هذه الدول الكبري. لقد أحس العرب لأول مرة انهم قادرون علي ان يتفقوا علي هدف واحد لحماية شعوبهم من خطر التشرذم فكان التوافق بصورة غير مسبوقة علي كل القرارات الصادرة عن القمة التي انعقدت في ظروف عصيبة تمر بها سوريا وليبيا والعراق واخيرا اليمن والذي يعاني من التنظيمات الارهابية الساعية إلي السيطرة علي مقدراتها وثرواته الطبيعية والثقافية والعاملة علي تقويض أسس الدولة في كل منها. ولأول مرة ايضا لاتنتظر الأمة العربية موافقة الغرب او الشرق في قرار التصدي لخطر قائم يهدد اليمن الذي حاولت جماعة الحوثيين مدعومة من ايران الاستيلاء علي الحكم ضاربة عرض الحائط بالشرعية الدستورية.. وأسرع مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية ومعهم مصر والاردن والسودان بانشاء تحالف للتصدي لهذا الخطر والقيام بتنفيذ عاصفة الحزم قبل ايام قليلة من انعقاد القمة لتسبق الأفعال.. الأقوال.. ولا يكتفي العرب بالشجب والتنديد بما يحدث.. بل يعلنون التصدي وبكل قوة للخروج علي الشرعية.. ويستجيبون بسرعة لنداء الرئيس الشرعي لليمن عبدربه منصور هادي. وأجمع القادة العرب بزعامة مصر علي اصرارهم علي مواجهة كل صور الارهاب ومحاربة تنظيماته في كل البلدان العربية سعيا لتوفير المناخ المناسب للحوار السياسي بين الفرقاء من ابناء هذه الدول للوصول إلي حلول توافقية تعمل علي وحدة التراب الوطني.. والبعد عن الصراعات المذهبية والعرقية ولن يحدث ذلك الا بعد القضاء علي التنظيمات الارهابية التي تؤجج نار الفتن والخلافات بين ابناء الشعب الواحد. لقد كانت مؤتمرات القمة السابقة مناسبة للكلام.. بل ان قراراتها كانت محفوظة عن ظهر قلب قبل ان يعلنوها وكانت الشعوب تعرف انها قرارات لن تنفذ.. أما هذه المرة فإن الشعوب العربية كلها متفائلة بأن قرارات القمة برئاسة مصر ستجد طريقها للتنفيذ وفق جدول زمني محدد لأن هناك ارادة سياسية قوية تعمل علي تحقيقها.. ولهذا هتفت الشعوب خلف الرئيس السيسي في ختام كلمته الافتتاحية.. تحيا الأمة العربية.. تحيا الأمة العربية.. تحيا الأمة العربية.