الأمن يطارد لصوص الذهب في جبال أسوان

لصوص الذهب
لصوص الذهب

أيمن فاروق ــ أبو المعارف الحفناوي

 جنون الثراء والبحث عن الكنوز، بحثًا عن الكوارتز المتناثر بين الصخور في جبال أسوان، عن طريق «الدهابة»، بحثًا عن المادة الخام، لإنتاج الذهب، في أماكن وعرة، يدفعهم لأن يأتوا بأفعال مجنونة ظنًا منهم أنهم سيظلون مختبئين طول الوقت بعيدًا عن أعين رجال الأمن، هؤلاء يتخذون كل السبل والطرق الوعرة، التي تقودهم في النهاية إلى السجن بعد ضبطهم وبحوزتهم أطنان من خام الذهب، بعد استخلاصه، أو التصفية، حوادث كثيرة ارتكبها هؤلاء الباحثون عن خام الذهب، وأكبر دليل على ذلك هؤلاء الذين تم قتلهم فى تبادل إطلاق النار مع قوات الشرطة، في أسوان منذ أيام قليلة مضت، الواقعة الأخيرة والتي قُتل فيها 12 وأصيب آخرين، من الخارجين عن القانون والهاربين من أحكام قضائية تصل للإعدام والمؤبد.. ليست الوحيدة التي سقطت في شباك الأمن، فهناك حكايات أخرى لعصابات الإجرام بحثًا عن الذهب، كيف يستخرجوه؟، وسر تواجدهم فى جنوب مصر وغربه، تفاصيل أخرى مثيرة نكشفها فى التحقيق التالي.

فى جوف الليل تجدهم ملثمين، يستقلون سياراتهم «الربع النقل»، فى قلب الصحراء، هم مثل الذئاب دائمًا كل تحركاتهم فى الخفاء برحلات شاقة، منفذوها من «الدهابة» تلك العائلات المعروفة فى أسوان، والتي يترك أهلها أراضيهم، بحثا عن الذهب، في صخور الجبال في الخفاء بطرق ملتوية، ظانين أنهم يستطيعون أن يفلتوا بجريمتهم من أعين الشرطة، التي كانت لهم بالمرصاد وأحبطت تهريب العديد من الأطنان، وأيضا صراع الذهب دائمًا ما يكون مرتكبيه من أبناء الليل وذئاب الجبل الهاربين من أحكام بالإعدام والمؤبد، يهربون إلى قلب الجبال والصحراء وهناك يبدأون فى ممارسة جرائمهم ومنها التنقيب عن الكوارتز حيث ضبطت عصابات تخصصت في هذه الأعمال التي يجرمها القانون.

«الدهابة»، يخرجون في مجموعات فيما بينهم، ومعهم أمتعتهم من طعام وشراب، يكفيهم لأيام داخل الجبال، يستقلون سيارات، تتحمل السير في المدقات الوعرة، بحثا عن الذهب، في رحلة مجهولة المصير، تستغرق 7 ساعات، ففي بعض الأوقات، يتحملون أشعة الشمس الحارقة، يصادفهم الحظ، ويعثرون على الكوارتز بين الصخور، ويعودون به لطحنه، وسط ملاحقات أمنية مكثفة، والبعض الآخر يفشلون في مهتمهم، ويعاودون مرة أخرى إلى الجبال بحثا عن الثراء السريع، مثلهم مثل المنقبين عن الآثار.

«الدهابة»، يتخذون مناطق العلاقي والنقيب وأم غزال وسيجع، في أسوان ومناطق في مرسى مطروح، للبحث عن الكوارتز لاستخلاصه من الصخور وطحنه لإنتاج الذهب، وعندما يصلون إلى هذه المناطق الوعرة بين الجبال، ينصبون الخيام ويبدأون في مهمتهم التي تستغرق أيامًا متواصلة، بحثا عن الذهب عن طريق التنقيب غير المشروع.

يمتلك «الدهابة»، جهازًا للكشف عن المعادن، وفور الوصول إلى المعدن، تبدأ مهمة تقسيم الأدوار بينهم، والتي تتمثل في التكسير والتعبئة والتحميل، وبعد تكسير الأحجار وطحنها داخل طواحين للذهب، في ورش مخصصة لذلك، للتأكد من وجود الكوارتز في هذه الأحجار.

روايات

روايات عديدة، يتداولها البعض عن «الدهابة» في أسوان، منها أن رحلتهم في التنقيب عن الذهب بدأت في 2005، صدفة، عندما كان أحد الأشخاص يشعل النار لعمل كوب شاي، في الجبال، فانصهر أحد الأحجار، فغسله وقتها وبعدها علم أن هذا الحجر به مادة الذهب، ثم ترك الدهابة أعمالهم في الزراعات ورعي الأغنام والتجارة بحثًا عن الذهب، في الصحراء،  بطرق غير شرعية، فهم يستخلصون المادة الخام وليس الذهب الصافي، وبالفعل هجروا أعمالهم ومنازلهم، وعرضوا حياتهم للخطر نظير البحث عن الثراء السريع، فهم ينقبون مثلهم مثل عصابات التنقيب عن الآثار، همهم الوحيد هو جنون الثراء، تناسوا أن عواقب ذلك وخيمة،  فهم تحت مراقبة الشرطة، وبالفعل تم إحباط تهريب أطنان كبيرة بها «الكوارتز».

الرحلات الشاقة التي يسلكها «الدهابة» ربما تجني بثمارها وتعود بالمال الحرام عليهم، وحتمًا يكون مصيرها الفشل بعدما يتم ضبطهم بعد استخلاص المادة الخام المتناثرة بين الصخور، ولا بد من أن يكون مجموعة «الدهابة» الواحدة يعرفون بعضهم جيدا،تحكمهم اتفاقات كثيرة، تبين دور كل واحد منهم، حتى لا تحدث بينهم مشادات أو مشاجرات.

طواحين الذهب

وفي قنا، انتشرت طواحين الذهب المستوردة من الصين، وغير المرخصة في قرى مركز قوص جنوبي قنا، والتي تستخدم في طحن الأحجار والصخور، لاستخلاص الذهب الخام، والتي تسببت في ضعف التيار الكهربائي.

يقوم العاملون في هذه الطواحين، بوضع كميات كبيرة من الماء، ويخلطونها بالحجار، وتستغرق عملية الطن الواحدة ما بين 5 و 10 ساعات، ويستخدمون الزئبق لفصل الذهب عن الأحجار، وتمكنت الوحدة المحلية من إزالة 62 طاحونة ذهب غير مرخصة على مرحلتين.

عصابات

وفي ضربات موجعة، لعصابات التنقيب عن الذهب، تمكنت أجهزة وزارة الداخلية من القضاء على أكبر وأخطر التشكيلات العصابية الإجرامية المسلحة بمنطقة صعيد مصر «محافظة أسوان» تخصص نشاطه الإجرامى فى جلب والإتجار بالمواد المخدرة والتنقيب عن خام الذهب وإستخراجه بطرق غير مشروعة بمناطق مختلفة أشهرها منطقة مرسى علم بالبحر الأحمر وارتكاب جرائم قتل وخطف وبلطجة.

 يتكون التشكيل من  ١٢ عنصرًا إجراميًا شديد الخطورة يتزعمهم شقى خطر يدعى حمدى أبو صالح، هارب من حكم بالإعدام وعدد من أحكام المؤبد والسجن، والسابق اتهامه فى العديد من القضايا الجنائية المتنوعة قتل -إتجار بالمخدرات-بلطجة، اتخذ التشكيل من المنطقة الجبلية المتاخمة من قرية عرب كيما بدائرة مركز كوم امبو بمحافظة أسوان مركزًا لمزاولة نشاطهم الإجرامى.

 ومن خلال أعمال الرصد والمتابعة وردت معلومات  للأجهزة المعنية بالتحركات الخاصة بالتشكيل العصابى ومن خلال وضع خطة أمنية بإستخدام القدرات الفنية العالية فى الرصد والتحليل والتحريات أمكن تتبع خط سير التشكيل العصابى ورصد تحركاته، وعقب اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تم استهدافه بعدة مأموريات شاركت فيها أجهزة الوزارة، قطاع الأمن العام - قطاع الأمن المركزى- مديرية أمن أسوان - والمجموعات القتالية عالية الكفاءة،  وأمكن رصد تحرك أفراد التشكيل العصابى يستقلون سيارتين نصف نقل، وبحوزتهم أنواع مختلفة من الأسلحة خاصة الأسلحة الثقيلة، بمحاصرتهم من خلال الأكمنة المعدة لذلك بادروا بإطلاق الأعيرة النارية تجاه القوات وبالتعامل معهم بتبادل إطلاق النيران والذى استمر لعدة ساعات، أسفر عن مصرع زعيم وأفراد التشكيل العصابى وضبط بحوزتهم، مدفع آر بى جى- ٢رشاش متعدد بشرائط الذخيرة- ١٢ سلاحا آليا-  أربعة بنادق مختلفة الأنواع- عدد ٢ طبنجة وفرد خرطوش- كميات من الذخيرة المختلفة لكافة الأسلحة، كما ضبط بحوزتهم كمية من مخدر  الحشيش والبانجو والشادو.

تحليل

ماذا يقول خبراء الأمن عن عصابات البحث عن خام الذهب؟

فى البداية قال اللواء رأفت الشرقاوي، الخبير الأمني ومساعد وزير الداخلية الأسبق؛ إن وزارة الداخلية طالعتنا فى بيان حول قيام أجهزة الوزارة بتنفيذ مأمورية مداهمة بالمنطقة الجبلية المتاخمة لعزبة عرب كيما مركز كوم امبو والقضاء على عدد اثنى عشر فرد من الخارجين عن القانون وضبط بمسرح الأحداث مدفع آر بى جى والعديد من الأسلحة المتنوعة، وعدد طن من احجار ذهب، حيث اعتاد المحكوم عليه بالإعدام حمدى أبو صالح المطلوب وباقى أفراد تشكيلة العصابى فى اتخاذ نشاط إجرامى يتضمن القتل والسرقة وجلب المخدرات والإتجار فيها والأسلحة النارية غير المرخصة والتنقيب عن الآثار والذهب وفرض السيطرة والبلطجة وترويع المواطنين، وبالفحص وإمعان النظر فى المضبوطات التي عثر عليها بمسرح الاشتباكات يتبين أن التشكيل العصابى المسلح الذى تم القضاء عليه يعد من أكبر البؤر الإجرامية فى صعيد مصر، وكانت هناك مداهمة أخرى فى الدقهلية تم فيها القضاء على عنصرين يتاجران فى المواد المخدرة.

وكشف اللواء رأفت الشرقاوي، أن النشاط الإجرامى لهذا التشكيل المسلح متعدد ويتخذ من كل الأعمال غير المشروعة نهجًا لهم سواء من السلاح أو المخدرات أو التنقيب عن الآثار أو التنقيب عن الذهب وخاصة فى منطقة البحر الأحمر مع تواجد منجم السكرى والمناطق المجاورة وقد منعت الدولة تماما استيراد أجهزة التنقيب عن الدهب وتستغل تلك التشكيلات المسلحة تواجدها فى المناطق الجبلية فى تهريب تلك الأجهزة من المنطقة الجنوبية أو الشرقية أو الغربية ولكن قوات حرس الحدود والشرطة تقف لهم بالمرصاد ويتم إعداد حملات مشتركة لضبط تلك العناصر الخارجة عن القانون وتقديمهم للعدالة، هذا وقد أثمرت تلك الحملات عن نتائج فائقة.

وحذر الشرقاوي، كل الأشقياء والخطرين والمحكوم عليهم وأصحاب الميول الإجرامية والعدوانية من سرقة كنوز البلاد، وفى النهاية وجه اللواء رأفت الشرقاوي، التحية لجهاز الشرطة وعلى رأسه اللواء، محمود توفيق الذى يواصل هو ورجاله الليل بالنهار لحماية عرين الوطن.

ويقول اللواء الحسن علي عباس، خبير أمني؛ إن عصابات التنقيب عن الذهب، هي عصابات خارجة عن القانون، والمجرم لا ينتمي لفصيلة واحدة بل هناك مجرمين من فصائل متنوعة، ومثل هذه العصابات،  تلاحق أمنيا ويتم ضبطها للمحاكمة والعقاب الذي حدده القانون.

ويشير الخبير الأمني،  إلى أن الشرطة تحارب الجريمة في شتى المجالات، مثل عصابات الذهب والعصابات المسلحة، والسرقات والمخدرات.

ويتابع: الشرطة لا تدخر جهدًا، في البحث عن مثل هذه العصابات وضبطهم، شعار رجالها دائمًا وابدًا هو التنبؤ وكشف الجريمة خاصة المنظمة قبل وقوعها.

ويشير اللواء محمد القناوي، خبير أمني، إلى أن عصابات التنقيب عن الذهب، تتكون من مجموعات خارجة عن القانون، مثلها مثل المنقبين عن الآثار، فهم يعرفون بحكم اقامتهم هناك، المدقات الجبلية الوعرة، يتركون معيشتهم وارضهم التي تتحول إلى بوار، من أجل التنقيب عن مادة الكوارتز، في الصخور بين الجبال والذي يصنع منها الذهب بطريقة غير شرعية.

ويوضح القناوي: أن ما يحدث هو جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن، ولقد نجحت الجهود الأمنية في الفترة الماضية، من ضبط عشرات الأطنان من أحجار الذهب، منها في أسوان وقنا ومرسى علم، وهذا يدل على يقظة الأمن لمحاربة الجريمة بشتى أنواعها، لافتا أن المنقبين عن الذهب هم عناصر إجرامية شديدي الخطورة، وهاربين من أحكام قضائية جنائية، في جرائم قتل وسرقات وبلطجة، وهو ما ظهر في الواقعة الأخيرة التي لقي فيها 12 عنصرا مصرعهم في اشتباكات مع الأمن في أسوان.