حوار ــ عامر نفادى
أكد المهندس عمرو عثمان، مدير إدارة تنمية الموارد بجمعية سفراء الهداية، أن العمل التطوعى يعتبر من العوامل المهمة التى تسهم فى تقدم الأوطان وازدهار ها مشيرا إلى أن الدول المتقدمة توليه أهمية كبيرة وقد وصل عدد المتطوعين حول العالم ما يزيد على ٢٢ مليون متطوع. وأكد أن الواقع يحتم علينا ألا نفصل الأعمال التطوعية عن التنمية، لأنها تعد جزءاً أصيلاً وأساسياً لتنمية المجتمع، وهو الأمر الذى أدركه الرئيس السيسى منذ توليه المسئولية وجعله يطلق العديد من المبادرات الإنسانية التى أسهمت فى تخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين .
وأضاف أن جمعية سفراء الهداية هى جمعية خيرية هدفها رعاية الطلاب الوافدين الدارسين فى الأزهر الشريف على غير منح، وتعمل على مساندة الأزهر الشريف فى تزويد العالم بالدعاة من خلال صياغة شخصية داعية على أساس الفكر الإسلامى المعتدل، لافتا إلى أن رسالتها تتلخص فى توفير مناخ مناسب لطلابها من خلال تقديم العديد من الخدمات التى تعينهم على التفوق الدراسى، وإعدادهم ليكونوا سفراء هداية فى بلادهم وقت العودة إليها.
وأشار إلى أن مبادرة حياة كريمة التى أطلقها الرئيس السيسى، تعكس قوة الجمهورية الجديدة وتعد نقلة حضارية كبيرة فى تاريخ مصر الحديث وتؤكد إرادة القيادة السياسية التى تبنى وتعمر، كما أنها تسهم فى تغيير وجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية داخل القرى والريف المصرى فى كافة المحافظات، داعيا الجميع إلى المشاركة فيها لكى تحقق أهدافها المرجوة منها.
وإلى نص الحوار:
حدثنا عن جمعية سفراء الهداية، والهدف من وراء تأسيسها؟
"سفراء الهداية" جمعية خيرية مسجلة فى وزارة التضامن الاجتماعى برقم 8287 لعام 2008، هدفها رعاية وكفالة الطلاب الوافدين الدارسين فى الأزهر الشريف على غير المنح الدراسية وغير المقيمين بمدن البعوث الإسلامية، وتهدف إلى التكامل مع الأزهر الشريف فى أداء رسالته فى رعاية طلاب العلم من شتى بقاع الأرض.
كما تهدف الجمعية إلى صياغة شخصية داعية على أساس الفكر الإسلامى المعتدل، وإبراز الدور التاريخى لمصر بوصفها حاضنة للإسلام، ومحافظة على اللغة العربية، التى تعد مدخلا لفهم الدين الصحيح، إضافة إلى دعم الأزهر فى تزويد العالم بالدعاة، والسعى فى تكوين نموذج معيارى لخدمة طلبة العلم والمسلمين الجدد، ونشر وإعداد كوادر وقيادات وبرامج متخصصة للنهوض بالمؤسسات الإسلامية والعالم الإسلامى، كما تدعم الكوادر التى تعمل فى مجال الدعوة، من خلال توفير فرص عمل لهم.
كم عدد الخدمات التى تقدمها الجمعية لطلابها؟
تقدم الجمعية للطلاب الوافدين الكثير من الخدمات المهمة على رأسها خدمة الدعم التعليمى، وخدمة اللغة العربية، وتحفيظ القرآن الكريم، وخدمة الدعم الإدارى والمهارى، إضافة إلى خدمة الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الأخرى التى توفر للطالب المناخ المناسب الذى يمكنه من استذكار دروسه والتفوق الدارسي. ولتشجيع الطلاب على مواصلة التميز الدراسى تحرص الجمعية كل عام على تنظيم احتفالية كبرى لتكريم الطلاب المتفوقين يحضر فيها الدكتور محمد المحرصاوى رئيس جامعة الأزهر، ونائب عن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، بالإضافة إلى مشاركة عدد كبير من اساتذة وقيادات الأزهر وجمعية سفراء الهداية.
ويتحدث الطلاب الوافدين خلال الحفل باللغة العربية الفصحى ليعبر كل واحد منهم عن حب الآخرين وتعايشه معهم.
شاركت فى الكثير من الأعمال الخيرية قبل انضمامك إلى فريق سفراء الهداية، وضح لنا ماهية العمل التطوعى المفيد وانعكاسه على المجتمع؟
من الجيد أن يتبرع الإنسان بما يعتبره ذا قيمة للآخرين دون انتظار أى مقابل، لأن لا شيء أغلى من الوقت والمال، ويعتبر العمل التطوعى من الركائز المهمة لارتفاع الوطن والأرض والتنمية الاجتماعية، ونشر قيم التعاون والترابط بين الناس،
بالإضافة إلى كونه سلوكاً إنسانياً فريداً، لأنه يظهر التفانى والكرم وحب الخير تجاه البشرية جمعاء.
وسواء كان ذلك فى الجهود الفكرية أو الجسدية أو المالية أو الاجتماعية فإن الجميع ينالون مكافآت من الله تعالى، لأن هدفهم الأسمى أن ينهضوا بالمجتمع وينموه دون انتظار عائدات مالية.
وماذا عن أهمية هذا العمل ومردوده الإيجابى؟
يمثل العمل التطوعى للمجتمع قيمة كبيرة لأنه يسهم فى تلبية احتياجات أفراده، ويسد الثغرات وأوجه القصور فى احتياجات المؤسسات والجمعيات الرسمية التى تعمل على تلبية الاحتياجات الفعلية للمجتمع.
كما أنه يساهم فى تعزيز الوحدة بين أفراد المجتمع وتقوية العلاقات الشخصية وتطوير جميع جوانب المجتمع وتعزيز قوة العلاقات بين اشخاصه، إلى جانب نشر الثقافة والأفكار الإيجابية، مما يعزز تقدم جميع المجتمعات.
وكما أنه يعمل على تشجيع المنافسة النشطة بين المتطوعين والأفراد فى العديد من المجالات، وتعزيز المنافسة بينهم التى تعمل على تطوير عملهم وأدائهم مقارنة بالآخرين،
الأمر الذى سيفيد المجتمع فى نهاية المطاف ويقدم له الخدمات التطوعية من الأفراد الذين لديهم تأثير إيجابى على الأشخاص المرضى والفقراء، والمهددين بأخطار مثل الحروب والكوارث الطبيعية، فيشعرون بالأمل عندما يجدون من يقف إلى جانبهم لتجاوز العقبات التى يواجهونها والتقدم نحو الحياة.
كيف يسهم العمل التطوعى فى نهضة البلاد وتقدمها؟
من أسمى أنواع الإنسانية أن يهب الإنسان نفسه ووقته لخدمة الآخرين دون مقابل، والأسمى من ذلك عندما ينقذهم مما هم فيه من صعوبات ومشقات، حيث يعد الوقت والمال من أغلى ما يملك الفرد، لذلك وهب الفرد جزءا من وقته وماله للآخرين هو خير من الدنيا وما فيها، قال تعالى «ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير».
والعامل النفسى للإنسان المتطوع يجعله يتخلى عن الصفة الأنانية فى أفضل مراحل عمره، إذ يعلمه عدم السعى خلف نفسه وإيثار احتياجات الفقراء عليها، فالأعمال التطوعية هى نواة المجتمعات المتقدمة وجزء لا يتجزأ من إبداع ونهضة وتطور الدول.
ويمكن القول أن العمل التطوعى وبالأخص العمل التطوعى الجماعى من أبرز وأهم عوامل تطور الفرد والمجتمع والبيئة، فـ بالتطوع فى التعليم أو عمل المشاريع، أو التبرع بالأموال للفقراء، أو تنفيذ المشاريع النهضوية، وإلى غير ذلك من الأمور المتعددة والمختلفة، سيجنى المجتمع والدولة على حد سواء أحسن الثمار، ولعل العامل المشترك فى الدول المتقدمة أن ساعات العمل التطوعى كثيرة وأعداد المتطوعين كبيرة، ومثال ذلك وجود 22 مليون شخص يشاركون بالتطوع وبشكل رسمى كل عام، وبساعات عمل تطوعى رسمية وصلت 90 مليون ساعة عمل كل أسبوع فى المملكة المتحدة البريطانية.
والواقع يحتم علينا ألا نفصل الأعمال التطوعية الاجتماعية عن التنمية، لأن التطوع جزء أساسى وأصيل لتنمية المجتمع.
وكيف حث الإسلام عليه؟
الإسلام يشجع على المشاركة فى العمل التطوعى، لأنه يعزز الترابط بين المجتمعات ونشر القيم الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
والعديد من الكتب والأحاديث النبوية تثبت ذلك من خلال سرد فضائل وتأثير الأعمال الصالحة، ومنها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له.
وقوله تعالى (ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير).
وقول الله تعالى (فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون).
الكثير من الشباب يتجه فى الوقت الحالى إلى المشاركة فى الأعمال الخيرية، سواء بجهد فردى أو من خلال الانضمام إلى إحدى المؤسسات المتخصصة فى هذا المجال، من وجهة نظركم ما الدافع من وراء ذلك، وما الذى يمثله هذا العمل للفرد داخل المجتمع؟
باختصار شديد يمكن القول إن العمل التطوعى جعل للحياة بعد آخر من خلال ممارسة هذا العمل، فلم يعد الأفراد يهتمون فقط بالاحتياجات الشخصية، بل عادوا يهتمون بشئون الآخرين واحتياجاتهم.
وعندما يسعى الفرد لإرضاء الآخرين، فإنه يشعر بالراحة النفسية، وعندما ينظر إلى الإعمال التى قدمها تجعله يشعر بالسلام الداخلى، وهذا يرجع إلى أن الفرد لم يعد مقيدا بغرفته الخاصة، أو يعتمد فقط على العمل والمنزل والأصدقاء، وهذا يعطى الشخص فرصة للعمل فى فريق متكامل يكون قادراً على التعامل مع مجموعة من الأشخاص المختلفين وبالتالى ينجح ويكتسب خبرات متنوعة فى مجالات متعددة، تكون عملية لحياة الشخص اليومية ومن أهم مما درسه فى المدرسة والجامعة.
ولماذا يبتعد بعض الشباب الآخر عن العمل التطوعي؟ هل لأنه يبدو عملا يستغرق الكثير من الوقت والكثير من العمل الشاق؟ أم لأنهم لا يدركون أهمية التطوع؟
هذه الحياة مليئة بالأشغال، وقد يكون من الصعب العثور على الوقت للتطوع، لكننا نجد الوقت لقضاء ساعات على مواقع التواصل الاجتماعى دون أن نشعر بذلك، كذلك قد نقضى أوقاتنا فى مشاهدة الأفلام أو حتى الجلوس دون القيام بأى شيء، نعم إنه الطبع العربى المنغرس فينا، عدم القيام بشىء، ولكن هل علينا البقاء هكذا؟ بالطبع لا، ليس علينا سوى تخصيص بعض من هذا الوقت الفائض فى حياتنا للقيام بأشياء جيدة ومفيدة، قد تكفى ساعتين فى الأسبوع للمشاركة بنشاطات تطوعية: كالنشاطات البيئية، وحملات النظافة مثلا.
وعن الأسباب التى تدفعنا للتطوع، أو عن الفوائد التى يعود بها على المجتمع، أو الجهة التى تخدمها المنظمة التطوعية، فإنهم يجهلون جل الفوائد التى يعود بها هذا العمل على المتطوع نفسه، حيث يقدم التطوع مساعدة حيوية للمحتاجين، وقضايا جديرة بالاهتمام، كما أنه يساعد المتطوع فى الحد من التوتر، والتقليل من الاكتئاب، ويحفز عقله ونفسيته، ويجعله يشعر بقيمة وجوده.
ويعتبر التطوع وسيلة لكسب الكثير من المهارات التى يمكن الاستفادة منها فى مكان العمل، وتشمل هذه المهارات: الثقة بالنفس، وتبادل الآراء، والشعور بالمسؤولية، والعمل الجماعى والابتكار.
كما أنه سيزود المتطوع بخبرة كبيرة لتحقيق مكاسب شخصية، وسيكون إضافة جيدة إلى سيرته الذاتية، حيث يجعله مميزا، ويتيح له التواصل والتعرف على أشخاص جدد، والحصول على المزيد من الفرص.
بماذا تنصح الشباب المقبلين على العمل التطوعي؟
أنصحهم بإخلاص النية لله والعمل من أجل مساعدة الآخرين والابتعاد عن المظاهر والتفاخر بالعمل الخيرى، وضرورة دراسة مشروع العمل وفهم حيثياته وتفاصيله والتمكن من المعلومات المتعلقة به لعدم خلط الأمور وحدوث سوء فهم مع متلقى الخدمة.
إلى جانب الصدق والعمل بإخلاص فالعمل التطوعى هو عمل نابع من رغبة فردية بمساعدة الآخرين دون انتظار أى مقابل مادي.
وأنصحهم أيضا بضرورة تنمية مهاراتهم بما يحقق أقصى درجة من الفائدة لهم وللمجتمع، وتحديد وقت فراغ مخصص لهذا العمل لعدم تقاطعه مع أوقات العمل أو الأوقات المخصصة للأسرة والأنشطة الأخرى لديهم.
وأقول لهم إن العطاء من القلب يصل للقلب مباشرة كذلك صدق المشاعر والعمل بمحبة لمساعدة الآخرين
كيف ترى مبادرة حياة كريمة التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومردودها على المجتمع المصرى؟
تعكس هذه المبادرة قوة الجمهورية الجديدة وتعد نقلة حضارية كبيرة فى تاريخ مصر الحديث، كما أنها تساهم فى تغيير وجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية داخل القرى والريف المصرى فى كافة المحافظات.
لذلك علينا جميعا أن نكون سفراء للمبادرة حتى تحقق أهدافها كاملة، لأنها من المبادرات التى ننتظرها منذ زمن طويل، حيث جعلت مواطنى الريف والقرى يشعرون بأنهم جزء من المكاسب والإصلاحات الاقتصادية التى تتحقق، فهى مبادرة شاملة لكافة القطاعات.
وما تم تنفيذه من مشروعات أو ما سيتم تنفيذه خلال العامين المقبلين يعد نقلة حضارية كبيرة فى تاريخ مصر الحديث وستصبح مصر نموذجا لأفريقيا ولكل الدول التى تسعى للتنمية، ويكفينا فخرا أن هذه المبادرة كان لها دور كبير فى تشجيع العمل التطوعي.
وأحب أن أشير كذلك إلى أن هذه المبادرة جاءت لتؤكد أننا أمة لا تحتشد ولا تجتمع إلا للخير والنماء، كما تؤكد إرادة القيادة السياسية الصلبة التى تبنى وتعمر وتحمى مصالحها واستقرارها بقيادة رجل عظيم وحارس أمين على مقدرات المصريين، الذين يساندوه دائما ولم يخذلهم فى أى من الملفات منذ أن تولى مسئولية إدارة شئون البلاد.