معالم الوادي المقدس.. نقطة انطلاق ومباركة «مشروع التجلي الأعظم »

معالم الوادى المقدس
معالم الوادى المقدس

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار بأن د.مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء وعددًا من الوزراء واللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء والوفد الرفيع المرافق حرصوا على أن تكون نقطة الانطلاق ومباركة مشروع التجلى الأعظم الصلاة فى الوادى المقدس والدعاء بنجاح هذا المشروع حين زيارتهم فى يوليو 2020 لدير سانت كاترين فى إطار توجيهات الرئيس السيسى بتطوير مدينة سانت كاترين ملتقى الأديان حيث قاموا بالوضوء من بئر موسى ثم الصلاة بالوادى المقدس داخل الدير على مصليات وفرها رهبان دير سانت كاترين وهذا يحدث لأول مرة فى تاريخ الدير.

 

وأشار خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان إلى أن الوادى المقدس يضم شجرة العليقة الملتهبة وكنيسة العليقة الملتهبة وبئر موسى والمنظر العالمى الذى يعد علامة بارزة فى ذاكرة مصر القديمة والحديثة وهى تعانق مئذنة الجامع الفاطمى مع برج كنيسة التجلى وكانت القديسة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين هى أول من صلى بهذه البقعة فى القرن الرابع الميلادى وهى الشاهد الأول الذى أكد أن الشجرة الحالية بداخل دير سانت كاترين هى الشجرة الحقيقية الذى ناجى عندها نبى الله موسى ربه وبوركت هذه البقعة وما حولها لتشمل كل أرض سيناء.

 

وينوه الدكتور ريحان إلى أن القديسة هيلانة قامت بأول رحلة حج مسيحى فى التاريخ وقد بدأت فكرة الحج المسيحى بعد مرسوم ميلانو 313م والاعتراف بالمسيحية فى عهد الإمبراطور قسطنطين، وفى سنة 326 م زارت الملكة أو القديسة هيلانة الأراضي المقدسة بفلسطين بغرض مشاهدة الأماكن المهمة في حياة السيد المسيح، ومن ضمن ماشاهدت مغارة على مشارف بيت لحم حيث ولِدَ فيها السيد المسيح وقامت ببناء كنيسة المهد فى موضع ميلاد السيد المسيح عليه السلام ثم جاءت إلى الوادى المقدس طوى بسيناء لتبنى كنيسة صغيرة فى حضن العليقة المقدسة بعد أن تأكدت أنها الشجرة الحقيقية الذى ناجى عندها نبى الله موسى ربه وتبركت بها وأنشأت كنيستها الخالدة وأطلقت عليها اسم العذراء مريم والذى أدخلها الإمبراطور جستنيان ضمن كنيسة التجلى حين إنشاء دير طور سيناء فى القرن السادس الميلادى والذى تحول اسمه إلى دير سانت كاترين بعد العثور على رفات القديسة كاترين فى القرن التاسع الميلادى.

 

ويضيف الدكتور ريحان أن كنيسة العذراء مريم جددت بالكامل فى العصر الإسلامى وتم تغطية جدرانها الشرقية بالبلاطات الخزفية الزرقاء وقد شهد الرحالة الألمانى ثيتمار الذى زار سيناء عام 1216م أن أوراقًا من شجرة العليقة الملتهبة أخذت بعيدًا وتم تقسيمها بين المسيحيين ليحتفظوا بها كذخائر ثمينة وفشلت قديمًا وحديثًا كل محاولات إعادة إنباتها حيث ينمو نبات آخر ليس له خصائص شجرة العليقة المقدسة بأنها خضراء طول العام وليس لها ثمرة ويطلق عليها العليقة المشتعلة لأنها اشتعلت بالنار ولم تحرق النار الشجرة ولم تطفئ مائية الشجرة النار وهنا تكمن المعجزة.

 

ويوضح الدكتور ريحان بأن كل من يدخل هذه الكنيسة من القرن الرابع الميلادى وحتى الآن يخلع نعليه تبركُا بمعجزة مناجاة نبى الله موسى ربه وخلع نعليه تأدبًا مع المولى عز وجل ويدخل لهذه الكنيسة الآن من خلال بابين من الحجرتين شمال وجنوب شرقية كنيسة التجلى وتنخفض أرضيتها 70سم عن أرضية كنيسة التجلى مساحتها 5م طولًا، 3م عرضًا و تحوى مذبح دائرى صغير مقام على أعمدة رخامية فوق بلاطة رخامية تحدد الموقع الحقيقى للشجرة، ويقال أن جذورها لا تزال باقية فى هذا الموقع

 

ويتابع الدكتور ريحان إلى أن جذور شجرة العليقة تقع أسفل كنيسة العليقة وأغصانها خارجها، وتضم كنيسة العليقة المقدسة شرقية ذو تجويف مغطى بنصف قبة  كما يزخرف تجويف الحنية الفسيفساء وبها أمبون من الخشب يجلس عليه مطران الدير وقد كتب على ذراعيه بالصدف المعشق فى الخشب اسم واقف هذا الأمبون وتاريخ وقفه له نصه ( وقف الفقير إبراهيم مسعد الحلبى لدير طور سيناء المعمور سنة 1713م ).

 

ولفت الدكتور ريحان إلى أن البرج الذى يعانق المئذنة بنى فى العصر الإسلامى وهناك إضافات معمارية وأثاث على الدير فى العصر الإسلامى ساهمت فى ازدهاره وقام ببناء البرج راهب من سيناء يسمى غريغوريوس عام 1817م  ويشمل تسعة أجراس معدنية مهداه من الكنيسة الروسية عام 1817م، وجرس خشبى قديم يستخدم يوميًا والأجراس المعدنية فتستخدم فى الأعياد، أمَا الجامع فيرجع تاريخه إلى عهد الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله وقد بناه الأمير أبو المنصور أنوشتكين الآمرى عام 500هـ، 1106م علاوة على مسجد آخر أعلى جبل موسى ومسجدين بوادى فيران ليصلى فيه الجبالية من العاملين داخل الدير وخارجه وأهل المنطقة ورمزًا للعلاقات الطيبة بين عنصرى الأمة التى بلغت ذروتها فى العصر الفاطمى كما صلى فيه حجاج بيت الله الحرام وتركوا نقوشًا لهم داخل الجامع وكان الحجاج المسيحيون والمسلمون منذ عام 1885م يبحرون معًا فى نفس السفينة من السويس إلى الميناء المملوكى بطور سيناء ويذهبون معًا عبر وادى حبران الوادى الذى عبره نبى الله موسى من قبل ليتلقى ألواح الشريعة بالوادى المقدس حتى يصلوا إلى جبل الشريعة وله عدة مسميات منها جبل موسى وجبل سيناء وجبل المناجاة ليصعدوا معًا هذا الجبل المبارك ثم يهبطوا إلى الدير حيث يصلى الحجاج المسيحيون فى كنيسة التجلى والحجاج المسلمون فى الجامع الفاطمى وبعدها يكمل المسيحيون رحلتهم بالدير أو يتجهوا إلى القدس ويغادر المسلمون عبر وادى حبران إلى ميناء طور سيناء المملوكى ليبحروا إلى جدة ومنها إلى مكة المكرمة.