مجلسنا واحد ومعلمنا واحد 

حاتم نعام
حاتم نعام

أصابتني الدهشة عندما رأيته !ماذا يفعل هنا هذا الولد المسيحي في كُتاب الشيخ سيدنا متولي الأعصر الذي يعلمنا ويحفظنا كتاب الله ، رأيته يصطحبه والده ويسلمه « لسيدنا » كما نطلق عليه في القرية  والمشايخ الأجلاء حفظة القرآن الكريم ويقول له اتفضل الواد يا سيدنا وتركنا وانصرف  الابتسامة تعلو وجهه والحيرة تتملك قلبي كنا نجلس في حلقة من الأولاد والبنات وسيدنا يقف تارة ويدور حولنا تارة وهو يقرأ آيات من القرآن بصوت مرتفع ونحن جميعا نردد وراءه ويكرر ويزيد حتى نتمكن من الحفظ.

جلس الولد المسيحي واكتملت الدائرة به لم استوعب ما يدور وكيف  لعقل طفل في سن السابعة أن يستوعب هذا المعنى شردت بعيدا مضطربا أريد أن أفسر ما يدور حولي وأسئلة كثيرة حاصرت عقلي الصغير فنحن هنا لم تجمعنا لعبة الكرة الشراب في أرض فضاء  ولم نلعب استغماية لعبتنا المفضلة بعد المغربية في شارعنا ولم نشاهد  برنامج اطفال أو مسلسل في بيتهم كما اعتدنا سويا ويشاركنا أحيانا أسرته ونأكل سويا أثناء مشاهدة تلفزيون أبيض وأسود فهنا مكان له قدسية خاصة  خاصة مكان  لحفظ القرآن الكريم  وبطريقة لا أرادية بدأت استرق النظر إليه خلسة بهدف التأكد من إن كان يردد معنا ما يتلى علينا حتى وجدت كراسة  ملونة  بين يديه وليس لوح من الصفيح  الذي نتعلم عليه في الكتاب كيف نخط الحروف والنصوص  مع الأدوات الآخرى من القلم البوص والحبر وأمهلنا سيدنا دقائق لالتقاط الأنفاس وطلب من الولد المسيحي ان يعطيه الدفتر الذي بين يديه وبدأ يعلمه أبجديات القراءة والكتابة وكان احتواء سيدنا للولد رسالة   معناها أن معلمنا واحد وجلستنا واحدة ولعبنا واحد ووطنا واحد، مصر عاش على أرضها العديد من الأديان في تسامح وسلام والتبادل الإنساني و المواقف التاريخية ممتدة في العلاقة بين الدين الإسلامي والمسيحي اهمها ما تعرض له المسلمين الأوائل من بطش كفار قريش، فلجأوا للنجاشي ملك الحبشة الذي احتضنهم ونصرهم ولبثوا عنده بضع سنيين وعندما مات النجاشي أقام عليه الرسول محمد عليه الصلاة والسلام صلاة الغائب  في المدينة كما أن النبي محمد تزوج مارية القبطية وأنجبت له إبراهيم ابن الرسو .

ربما يكون هناك سجال بين مسلم ومسيحي يوما ما  لكن لم ولن يكون هناك شقاق.