«البيزنس» لايصنع جامعات قوية

علامات استفهام حول إدارة وزير التعليم العالى لملف الجامعات الخاصة

د.خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى
د.خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى

قرارات سريعة لم تخضع لدراسات متأنية، أحدثت حالة من العشوائية فى ملف التعليم العالى وأصبحت تهدد هذا الملف المهم بفوضى عارمة، فالتصريحات التى تخرج من وزير التعليم العالى شبه يوميا يتباهى فيها بتضاعف أعداد الجامعات الخاصة من 18 جامعة إلى 36 جامعة بسرعة البرق، والحديث عن وجود 18 جامعة أخرى فى الطريق، كلها تدعو إلى العجب ، فبنظرة سريعة تجد أن الجامعات الخاصة أصبحت أسهل الطرق للوصول إلى الكنز، فالأرباح والمكاسب خيالية تفوق أرباح تجارة الهيروين، والسؤال: هل نحن بحاجة إلى كل هذا العدد من الجامعات؟!.

إقرأ أيضاً | تعاون علمي بين المعهد القومي للمعايرة والمترولوجي الفرنسي 

وماهى القواعد والضوابط التى تحكم إنشاءها وإدارتها، الشواهد تؤكد أن عددا كبيرا من هذه الجامعات حادت عن الأهداف التى وضعتها الدولة، وهى التوسع فى إتاحة التعليم وبجودة متميزة تحقق التنافسية فى سوق العمل، فأصبح الهدف هو اللهث وراء تحقيق الثروات الطائلة، كذلك غاب الدور الرقابى للوزارة، و السؤال: أين وزير التعليم العالى مما يحدث؟، فهل دوره هو أن يساهم بأن يكون عدد الجامعات فى «الليمون»، أم أن تكون هناك جامعات خاصة قوية راسخة تحقق قيمة اقتصادية مضافة للناتج القومى من خلال خلق رواد أعمال ومبتكرين ، وتقديم بحث علمى متميز يساهم فى نجاح خطط التنمية.

اتهامات وانتقادات كثيرة تطال وزير التعليم العالى بتحول الرؤيا من ربط الموافقة على اقامة جامعات خاصة جديدة بالحاجة الحقيقية لهذه الجامعات والتخصصات التى تقدمها، إلى مجرد أرقام تضاف إلى قائمة مؤسسات التعليم العالى، وأصبح وضع مستشارى وزير التعليم العالى فى الجامعات الخاصة غير مفهوم، هل هم مستشارون للوزير أم مستشارون للجامعات الخاصة تدفع الدولة رواتبهم ، وزاد «الطين بلة» التخبط الذى سيطر على نظام القبول بالجامعات الخاصة هذا العام ، فبعد أن بدأ تطبيق نظام القبول الموحد للجامعات الخاصة هذا العام ورغم وجود بعض السلبيات ، إلا أن الوزير واستجابة لضغوطات كبيرة من أصحاب الجامعات الخاصة حافظ على مكاسبهم السنوية، وعالج الوزير هذه السلبيات بفتح الباب على مصراعيه أمام الجامعات الخاصة لقبول الطلاب بخفض الحد الأدنى تارة وتحطيم كافة الضوابط تارة أخرى فتحول الأمر إلى فوضى، وتحولت بعض الجامعات الخاصة إلى نماذج «بيزنس» لا تتفق مع ما تطمح اليه الدولة ، وتضع وزير التعليم العالى فى مواضع الشبهات، وحديث عن مجاملات لبعض رجال الأعمال.

وساهم إعلان وزير التعليم العالى وفى مؤتمر صحفى على الملأ بمنح أحد رجال الأعمال حق إنشاء 10 جامعات تكنولوجية خاصة فى تأكيد الاتهامات الموجهة لوزير التعليم العالى بتكريس مبدأ الاحتكار ، والسعى وراء الشو ، وبأن العدد فى «اللمون» ، ودون خطط مدروسة، وما يؤكد ذلك أن الوزير تناسى تطوير 45 معهدا فنيا منتشرة حاليا فى مختلف أنحاء الجمهورية وتأن من ضعف العملية التعليمية بها، رغم احتوائها على أكثر من 60 ألف طالب، وتناسى الوزير أنه تم وضع هذه المعاهد تحت مسمى كليات تكنولوجية وتم تجهيز معاملها بتجهيزات فائقة وبها عشرات المعامل المغلقة التى لم يتم فتح بعضها حتى الآن لمجرد أن البرامج التعليمية التى يتم تدريسها بتلك المعاهد متقادمة وسطحية وتحتاج فقط لرؤية تخطيطية جديدة لبرامجها التعليمية كى تتماشى مع تطورات الصناعة وخطط الدولة التنموية وشوية دهانات وتجديد مع تدريب كوادرها التدريسية على البرامج الجديدة وكثير منهم تلقى تدريبا دوليا على أعلى مستوى لم يستفيدوا منه بسبب البرامج التعليمية التى عفا عليها الزمن .