كنوز | «الأخبار» تضىء الشمعة «101» للأب الشرعى للكاريكاتير المصرى

«الأخبار» تضىء الشمعة «101» للأب  الشرعى للكاريكاتير المصرى
«الأخبار» تضىء الشمعة «101» للأب الشرعى للكاريكاتير المصرى

نحتفى بمحمد عبد المنعم رخا، لأنه الأب الشرعى للكاريكاتير المصرى الذى تخرج فى مدرسته «جورج بهجورى، عبد السميع، أحمد طوغان، مصطفى حسين، صلاح جاهين، جمعة، حجازى، زهدى، رءوف عبده، وسلسلة طويلة من الأسماء»، وهو أول رسام كاريكاتير يحصل على عضوية نقابة الصحفيين، وأول رسام يدخل السجن بتهمة العيب فى الذات الملكية، وهو مؤسس أول جمعية لرسامى الكاريكاتير وكان رئيسًا لها، وأول رسام يبتكر مجموعة..

من الشخصيات الكاريكاتيرية ومنها «ابن البلد - وبنت البلد - رفيعة هانم - والسبع أفندى - وحمار أفندى - وقرفان أفندى - وميمى بيه - وغنى حرب - وسكران باشا طينة»، شخصيات مصرية صميمة خفيفة الدم استلهمها من قاع وسطح المجتمع، لتعبر عن نبض الشارع بسخرية من الأوضاع الاجتماعية والسياسية فى العهد الملكى إلى ما بعد ثورة 23 يوليو 1952، حتى رحيله فى 18 أبريل 1989.

اليوم الذى سقطت فيه الريشة من يده وودعته مصر فى جنازة شعبية ورسمية لما له من قامة وقيمة جعلت الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس يقول إنه أول رسام كاريكاتير مصرى خالص، خطوطه تحمل الشخصية المصرية والتعبير المصرى واستطاع أن يصل لقمة الرسام «صاروخان» الذى تأثر به فى بداياته ثم تعداه وتساوى معه.

تستحق حياة «رخا» التى امتدت من الميلاد حتى الرحيل 78 عامًا أن يتم تجسيدها دراميًا فى مسلسل تليفزيونى متخم بأحداثه الثرية والمواقف المؤثرة دراميًا وإنسانيًا ومهنيًا، والشخوص السياسية والصحفية والفنية التى عرفها وعرفته عن قرب، والملايين الذين ارتبطوا برسوماته وكانوا يتابعونها فى أكثر من صحيفة ومجلة كان يرسم لها فى وقت واحد، و«رخا» هو ابن بلدة سنديون التابعة للقليوبية، أحب فن الكاريكاتير منذ طفولته من خلال الرسوم التى كان يطالعها فى مجلة «اللطائف المصورة».

وانتقلت أسرته إلى القاهرة بعد وفاة والده، والتحق بمدرسة باب الشعرية الابتدائية، وكان فى هذا العمر يقلد رسوم المجلات التى تقع تحت يديه، وقررالالتحاق بمدرسة الفنون الجميلة لأن أسرته اجبرته على الالتحاق بمدرسة الخديوية الثانوية، فرسب بالسنة الأولى ثلاث سنوات متلاحقة لحبه لفن الرسم ورغبته المتجذرة فى داخله لدراسة الرسم، ولهذا التحق دون أن يخبر أسرته بالقسم الحر بمدرسة ليوناردو دافنشى الإيطالية التى كانت الدراسة بها مسائية، وكان يخبر أسرته أنه يذهب فى المساء للمذاكرة مع زملاء له.

وبعد عامين من الدراسة وجد نفسه يرسم باحترافية، فتفرغ للرسم وأهمل الدراسة بالمدرسة الخديوية، وقرر أن يحترف الرسم الصحفى كما يقول فى مذكراته، وواتته الفرصة من خلال إعلان نشره الشيخ يونس القاضى مؤلف نشيد «بلادى بلادى» لحاجته لرسام كاريكاتير، فذهب للعمل معه بمجلة «الفنان» عام 1927، ولم تستمر المجلة لأكثر من 4 أعداد وتوقفت، لكن الشيخ القاضى الذى آمن بموهبة «رخا» عرفه على أصحاب الصحف والمجلات، فبدأ نجمه يلمع فى مجلتى « الستار» و«الناقد».

والتقى فى مطبعة «بارباريان» بالعتبة بأمير الصحافة محمد التابعى الذى نشر له رسمتين فى «روز اليوسف»، وتعرف فى ذات المطبعة على عدد من أصحاب المجلات ورؤساء التحرير، فرسم فى «البلاغ» و«الصباح» و«أبو الهول»، و«المسرح» و«المستقبل»، ويقول رخا فى مذكراته عن هذه الفترة أنه كان يرسم بالجملة والقطاعى، وأغراه انتشار رسوماته فى أغلب المجلات والصحف إلى أن يبيع فدانى أرض ورثهما عن أبيه، ليكون صاحب مجلة أطلق عليها «اشمعنى»، ويقول «رخا» عن اختياره لهذا الاسم للمجلة «كنت أقول لنفسى فى كل ساعات الليل والنهار اشمعنى جبرائيل تقلا يملك جريدة ؟

فقررت أن أصدر مجلتى بدون ترخيص، رسمتها وطبعتها وأعددت نسخها لتسليمها للباعة، وفجأة جاء البوليس وصادر كل النسخ، تصورت أن الشعب يتعجل إسقاط الحكومة حتى يقرأ «اشمعنى»، وسقطت حكومة محمد محمود بالفعل وجاءت حكومة عدلى يكن، فأعاد الدستور للشعب وأعطانى رخصة «اشمعنى» التى أنفقت عليها كل ما أملك ولم أربح منها ما انفقته»، وتعلم «رخا» من هذه التجربة أنه لا يصلح إلا أن يكون رسام كاريكاتير وفقط، وجاءت المحطة الفارقة فى حياة «رخا» عندما عمل مع أمير الصحافة عندما أصدر مجلة «آخر ساعة»، ولعب مصطفى أمين المؤمن بموهبته دورا كبيرا فى حياته عندما عمل معه بمجلة «الاثنين» عام 1941، وانتقل معه منها عندما أسس على ومصطفى أمين «أخبار اليوم» عام 1944 . 


وهناك محطة مؤلمة جدا فى حياته عندما قيدت حريته خلف القضبان برقم «السجين 3328» عام 1933 عندما نشر فى جريدة «المشهور» المدعومة من الأمير عباس حليم حبيب العمال، كاريكاتيرا شديد النقد والسخرية من حكومة الرجل الحديدى إسماعيل صدقى، وقدم «رخا» للنيابة التى أفرجت عنه مما أشعل غضب رئيس الوزراء الذى ترصد له وطلب من أحد عمال المطبعة أن يضيف جملة «يسقط الملك ابن …».

وأكد «رخا» للنيابة أنه ليس صاحب هذا التعليق الملفق، وحكم عليه بأربع سنوات، وخرج عام 1936 بعفو من حكومة النحاس ليعمل فى عدد من الصحف والمجلات ويبتكر شخصية «ابن البلد» التى تمثل المواطن المهموم بالبلد ، وشخصية «بنت البلد» المتميزة بالملاءة والبرقع الأسود، و«رفيعة هانم».

المتسلطة التى تتحكم فى زوجها النحيف النحيل «السبع افندى»، واستلهم شخصية «قرفان أفندى» من صديق له لا يطيق حتى نفسه ولا يبتسم أبدا، وأوحى له عبقرى الكوميديا نجيب الريحانى بشخصية «ميمى بيه» الشاب المايص ثقيل الظل الذى يفرض نفسه على البنات وينال الشتائم والضرب، وابتكر شخصية «حمار أفندى» الذى يمشى رافعا رأسه، مدعيا العلم والمعرفة، وهو أجهل من الحمار!


انتخب «رخا» عضوا بمجلس نقابة الصحفيين 10 مرات متفرقة، وتولى منصب وكيل النقابة مرة واحدة، وحصل على وسام الاستحقاق عام 1976، ووسام الجمهورية عام 1981، وأنشأ وترأس الجمعية المصرية لرسامى الكاريكاتير فى يناير عام 1984، وفاز بجائزة مصطفى وعلى أمين، ونال جائزة الدولة التقديرية للفنون.


« كنوز »

إقرأ أيضاً|كنوز| عبد الوهاب يقبل رأس تمثال شوقي في «زحلة»