خارج النص

اعتذار غير مقبول!

أسامة السعيد
أسامة السعيد

لا تصدقوا الذئاب عندما ترتدى أثواب الحملان، ولا تمدوا أياديكم لمصافحة يد تلوثت بدماء الأجداد والآباء والأشقاء، ولاتزال تحمل وراء ظهرها خنجرا متهيئا للذبح كلما سنحت الفرصة.
لذلك لن يخدعنا الاعتذار السينمائى الذى أطلقه الرئيس الإسرائيلى إسحاق هيرتسوخ، وطلبه العفو من أهالى قرية كفر قاسم بالأراضى العربية المحتلة، على المذبحة البشعة التى ارتكبتها قوات عسكرية بحق أهالى القرية قبل 65 عاما، وبالتحديد فى 29 أكتوبر 1956، وراح ضحيتها 49 فلسطينيا من الشيوخ والنساء والأطفال.
اليوم يأتى قادة إسرائيل فى ثياب الحملان ليطلبوا العفو، بينما سجلهم الأسود حافل بالكثير والكثير من المذابح التى أراقوا فيها دماء العرب من كل الأوطان، ولايزالون يواصلون اغتصاب الحقوق العربية وارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطينى، فأى عفو يطلبون؟!
إسرائيل دولة عنصرية، بنت وجودها على اغتصاب الحقوق وإهدار دماء شعوب بأكملها، وليس الشعب الفلسطينى وحده، فيكفى أن نفتح سجلات التاريخ، لنقرأ ما ارتكبه رموز إسرائيل من مذابح على مدى العقود الماضية، من دير ياسين، إلى صابرا وشاتيلا، وحتى قانا، وصولا إلى مذابحهم المتواصلة فى الضفة الغربية وقطاع غزة، بل وحتى ضد أسرى الحرب من جنودنا المصريين فى أعقاب هزيمة 1967، وما وثقته العديد من الشهادات الإسرائيلية نفسها عن قيام أرئيل شارون رئيس الوزراء الأسبق وأحد صقور الحرب والسياسة فى تل أبيب من إعدام ميدانى لعشرات، وربما مئات الأسرى بدم بارد. وبدلا من أن يُحاكم كمجرم حرب، كرمته الدولة الصهيونية، واعتبروه إحدى أيقوناتهم التاريخية!!
كيف نصدق اعتذارهم اليوم، بينما كل أفعالهم العدوانية تكشف استمرار نفس العقلية العنصرية والعدوانية، وأن ما فى القلب سيبقى حتى ولو تغيرت مسارات السياسة، وهدأت حدة المواجهة.
حسن النوايا لا يكون بالكلمات المعسولة، أو بالدموع الزائفة، ولكن بمحاسبة حقيقية وجادة لمن ارتكبوا تلك الجرائم،  فانتهاكات حقوق الإنسان لا تسقط بالتقادم، والتاريخ الدموى لن يمحوه طلب العفو، بل الإدانة الحقيقية لمن ارتكبوا تلك المذابح، والتوقف عن أية أفعال إجرامية جديدة، وتعويض ضحايا تلك المذابح، ساعتها ربما يكون اعتذارهم مقبولا.. ولا أظنهم يفعلون!!