مع احترامى

وحياتك يا شيخ منصور

فرج  أبو العز
فرج أبو العز

«ما لا يدرك كله لا يترك كله.. وأن تأتى متأخرا أفضل من ألا تأتى».. هكذا قرار د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بتحديد مهلة 10 أيام لإزالة صناديق التبرعات من المساجد، تنفيذا لقرار حظر جمع تبرعات أو مساعدات نقدية أو وضع صناديق للتبرعات بالمساجد.. القرار جاء متأخرا ولا أعرف لماذا لم ندرك هذا الباب من الموارد الذى يفترض أن يلعب دورا مهما وتنظيميا فى تغطية احتياجات المساجد من تجهيزات وكذلك حالات الحماية الاجتماعية بصورها المختلفة وأبرزها سداد ديون الغارمات وتزويج الفتيات اليتيمات.
فى إطار جهود الدولة لتعميم الشمول المالى وضبط الإنفاق الاجتماعى ليصل إلى مستحقيه فى المقام الأول تأتى تلك المبادرات المهمة التى تمنع الاستغلال باسم الدين وتمنع ألاعيب ضعاف النفوس الذين تسمح لهم أنفسهم الضعيفة بالاستيلاء على أموال النذور والتبرعات فى المساجد.
نادرا ما تجد فى أى مسجد أو حتى زاوية على أرض المحروسة إلا وبه صندوق لجمع التبرعات لا أحد يعلم من يشرف على إنفاق أمواله وفق القنوات الشرعية المخصصة لها والأهم من ذلك تحديد المسئول عن صرف تلك الأموال أهو أهل للثقة أم لا وهل تلك الأموال تنفق بالفعل على قنواتها الشرعية أم تذهب فى معظمها هباء من باب «والقائمين عليها».
لا نفترض فساد الذمم على الإطلاق ولا نتهم أحدا بالاستيلاء على أموال صناديق المساجد لكن الأمر كله يتعلق بنفس بشرية قد تضعف تأثرا بظرف ما ويجب أن نحدد بدقة قواعد جمع تبرعات لصنايق المساجد ويحبذ أن توضع جميعها فى حساب موحد تحت إشراف وزارتى الأوقاف والتضامن لتحديد أوجه الصرف منها بشفافية وإفصاح ولا يمنع على الإطلاق من تشكيل مجلس إدارة لكل مسجد مسموح له بوضع صناديق للتبرعات لتوريد الأموال للصندوق الموحد.
أعتقد أن وضع صناديق التبرعات فى المساجد موضوع من الأهمية بمكان ومنع تلك الصناديق يتطلب مجهودا شاقا من وزارة الأوقاف باعتبارها الجهة الرسمية المشرفة على المساجد وليس هناك ما يمنع من تشكيل لجنة عليا يرأسها وزير الأوقاف لوضع آلية واضحة لكيفية التبرع سواء نقدا أو عينا وكيفية إثبات مبالغ التبرعات وتوريدها للحساب الموحد وآلية الصرف منها سواء لاحتياجات المساجد وصيانتها أو للحالات الاجتماعية التى يحق لها قانونا الصرف من تلك الأموال على أن يكون تحديد الحالات المستفيدة من قبل وزارة التضامن باعتبارها الجهة الرسمية المسئولة عن شبكة الحماية الاجتماعية.
سنرفع القبعة للدولة ممثلة فى وزارة الأوقاف حال نجاحها فى ضبط تلك الصناديق التى يعتبرها البعض سبوبة لنفسه والمحيطين به وليس غريبا ولا جديدا أن هناك أموالا من تلك الصناديق كانت تستخدم من قبل جماعات وتنظيمات غير شرعية لجمع مناصرين لها من متلقى التبرعات ولن أقول تأدبا ومن باب أن بعض الظن إثم أن بعض أموال تلك الصناديق قد تذهب لتمويل عمليات ضد الدولة والشعب.
أكرر أنا لا أتهم أحدا ولست من هواة إطلاق الاتهامات من كل صوب وحدب دون دليل ولعل إخضاع تلك الأموال ومثيلاتها لإشراف أجهزة الدولة يقطع الشك باليقين ويزيد من ثقة الناس فى مصدر أموالها أولا ثم أوجه الصرف منها وتراثنا الشعبى ملىء بحالات احتيال كثيرة من باب صناديق النذور لأصحاب الكرامات.
بين أبرز الحكايات التى يتداولها الناس حول الاحتيال فى هذا المجال حكاية عاطلين تعثرت أمامهما سبل الحياة ففكرا فى حيلة تدر عليهما الأموال دون مجهود.. دفنا حمارا وشيدا عليه مقاما باسم الشيخ منصور وروجا زورا لكراماته.. تدفقت الأموال على الشيخ منصور ليتقاسمها العاطلان.. فى أحد الأيام جار أحدهما على نصيب الآخر ولما واجهه رد عليه: وحياة الشيخ منصور لم أظلمك.. فرد عليه الآخر: «يا راجل إحنا دفنينه سوا».