التوجه العمراني الجديد خطوة مهمة ولها أبعادها الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة، ولكنها خطوة لاتزال محكومة بظروف الواقع الحالي، حيث يتكدس السكان في الدلتا وشريط النيل الضيق في الصعيد. وطرح هذا الطموح النووي يجعلنا نفكر في قفزة جديدة وحقيقية لاستغلال ما يمكن استغلاله من الصحراء المصرية في مشروعات ومجتمعات عمرانية جديدة لا تلتصق بالقاهرة ولا بالدلتا والوادي، إنما تكون مجتمعات انتاجية تنطلق من الصحراء إلي البحر. فقد آن الأوان للاهتمام بالجانب الغربي من مصر، بعد أن حققنا انطلاقة الساحل الشرقي من البحر الأحمر وجزء صغير من سيناء مما خلق مجتمعا سياحيا يستوعب الآن أكثر من نصف حركة السياحة إلي مصر، آن الأوان لكي نفكر في الاستغلال الأمثل للصحراء الغربية لتكون مع الصحراء الشرقية بمثابة جناحين تحلق بهما مصر نحو المستقبل وتحل المشكلات المزمنة للوادي وتخفف الضغط عليه بتقليل التلوث والحد من تآكل الرقعة الزراعية. نحن لا ننطلق من فراغ في هذه القضية فقد أجريت دراسات كاملة ومستفيضة لإنشاء أول محطة نووية لتوليد الكهرباء في منطقة الضبعة بمحافظة مطروح، وأكدت الدراسات ملاءمة المكان لإقامة المشروع من جميع النواحي الجيولوجية والجغرافية والبيئية وتوافر مصادر المياه وسهولة ربط المحطة بالشبكة الكهربائية الموحدة للجمهورية. اضافة إلي  هذا وهو الأهم ـ إقامة مجتمعات عمرانية وصناعية وتعدينية تخلق كثافة بشرية مستقلة عن الوادي. الاسراع في إنشاء المحطة النووية الأولي لتوليد الكهرباء يمكن أن يكون الفرصة المناسبة لتعمير الصحراء الغربية الذي ظل حلما صعب التنفيذ، لن تحل مشكلاتنا بدونه وعلي رأسها مشكلة نقص الطاقة الكهربائية!