القبض علي العشرات خططوا لإسقاط الحكومة واغتيال ماكرون وتدبير تفجيرات إرهابية

سلاح الفوضى.. هل يتمكن اليمين الفرنسي المتطرف من إسقاط الحكومة!| تقرير

ريمي داييه أحد أنصار اليمين المتطرف عقب القبض عليه
ريمي داييه أحد أنصار اليمين المتطرف عقب القبض عليه

مي السيد


اشتدت المعركة بين اليمين المتطرف الذى يسعى للسيطرة على مقاليد الحكم والتحكم فى زمام الأمور فى فرنسا، وبين التيار الموصوف بالمعتدل، الذى يبتعد عن العنصرية والتفرقة بين طبقات المجتمع، ويحاول اليمين المتطرف بشتى الطرق تنفيذ أجندته التى يعتبرها معارضوهم مشتقة من بقايا النازية والفاشية.

ويعتقد اليمين المتطرف أن السلطة السياسية المتمثلة فى الحكومة، يجب التخلص منها والتى طالما عارضت وجودهم كمجموعة بشرية لها أفضلية العيش والإستمرار فى بلدانها الأصلية دون السماح للأخرين والمهاجرين بالتمتع بنفس الحقوق والحريات.

ومن أجل تنفيذ تلك الأجندة يتورط أعضائها فى قضايا اغتيال وعنف والتخطيط لإسقاط الحكومات المتعاقبة، بل واغتيال الرئيس الفرنسى ذاته، مما جعل حضورهم على الساحة السياسية والإجتماعية خطر يهدد الحياة بشكل عام، ليس فى فرنسا بحسب، بل أوروبا بأكملها مهددة من ذلك الخطر، الذى انشغلت عنه بالأزمات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية.

مخططات إرهابية


لم تأتى تلك الإتهامات الحكومية لليمين المتطرف فى فرنسا من فراغ، بل كان إحباط الأجهزة الأمنية للعديد من مخططاتهم، على مدار الأعوام الماضية، سببا فى كفيلا لجعل الحكومة فى حالة عداء دائم معهم، فمنذ فترة وجه قاض فرنسى داخل محكمة لمكافحة الإرهاب الإتهام إلى 4 أشخاص، لتخطيطهم لسلسة هجمات بما فى ذلك على مراكز تطعيم ضد كورونا.

وفي إطار التحقيق ذاته ألقت أجهزة الأمن على مجموعة كبيرة من اليمين المتطرف بلغ عددهم 12 شخصاً، تبين أتهم خططوا لسلسلة من الهجمات الدموية على محفل ماسونى وشخصيات بارزة وصحافيين، وهوائيات الإنترنت لشبكة الجيل الخامس.

وأيضا أسقطت الأجهزة الأمنية والإستخباراتية شبكة من اليمين المتطرف مكونة من 6 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 2 و 62 عاما خططوا للهجوم على رئيس البلاد، واعترف المتهمون بالتخطيط للاعتداء على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأنهم أرادوا طعنه بالسكين أثناء مراسم الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى التي حضرها عشرات الزعماء والقادة..

ومنذ أيام القبض وزارة الداخلية الفرنسية القبض  على 5 من "النازيين الجدد" تتراوح أعمارهم بين 43 و69 عاماً، خططوا لتفجيرات إرهابية، والاطاحة بالحكومة الفرنسية، وفي ضربة كبيرة لليمين المتطرفة والمتطرفين  أوقفت السلطات الفرنسية منذ أيام قليلة  ريمي داييه، أحد أنصار اليمين المتطرف والمعروف بإطلاق نظريات مؤامرة للاشتباه بضلوعه في التخطيط لعمليات انقلابية وأعمال عنف.

 ولم تن تلك المرة الأولي التي يتم فيها على ذلك اليميني المتطرف، بل في شهر 7 الماضي تم القبض عليه بتهمة خطف فتاة صغيرة، حيث اشتبه المحققون أنه قام بتلك العملية بحجة الاعتراض علي الأحكام القضائية التي تجرد الآباء من حق حضانة أولادهم.

نواة اليمين المتطرف

ورغم تلك العمليات الأمنية الناجحة والضربات الاستباقية، إلا أن انتعاشه التنظيم في البلاد وتمكنه من المشاركة ي الحياة السياسية، بل وتخطيطه للسيطرة علي كرسي الحكم، أدي إلى حالة من الجدل داخل وخارج وفرنسا، عن السبب الحقيقي وراء استمراره في الصعود سياسياً رغم المجازر التي يحاول القيام بها،  فحزب ماري لوبين بات القوة الثالثة في البلاد وحصلت هي على خمس الأصوات في الانتخابات الأخيرة، بل اعتبرت أيضا بنشاطها اليميني أول إمراه تحظى بشعبية في فرنسا.


 وإذا أردنا معرفة أسباب انتعاشة اليمين المتطرف علينا العودة الي البدايات قليلاً، تعود جذور اليمين المتطرف في فرنسا إلى الجمهورية الفرنسية الثالثة حوالي عام 1880، حيث بدأت النواة الأساسية لليمين المتطرف فبدأت عندما تم تشكيل المنظمة الأممية الاشتراكية في مؤتمر باريس، الذي فرض المذهب المحافظ على الاشتراكيين، والذي يهدف الي الانصياع لحركة العمال الدولية على حساب الأمة.

وهنا حدث انقسام كبير بين القوى الاشتراكية، والرافضون للتخلي عن الأمة والانصياع لحركة العمال الدولية، هم النواة الحقيقية لليمين المتطرف، الذي مع مرور الوقت الذى اعيد تشكيله وتحول الى شكل من أشكال القومية المعادي للسامية والماسونية وكره الأجانب.

النخبة البديلة

في البداية  يقول بسام الطحان أستاذ الجغرافية السياسية المقيم بباريس انه ففي البداية لابد أن نعرف الفرق بين اليمين المعتدل والأخر المتطرف ، فاليمين المعتدل يرى بأن المجتمع لابد أن يسلك مسلك كائن حى مكتمل ومنظم ومتجانس، أما اليمين المتطرف فيرغب بشدة في إلى التعبير عن الفوارق بين الأمم والأعراق والأفراد والثقافات بصورة مطلقة نظرًا إلى أنها تحول دون أحلامهم .

وتابع الطحان "يرى أنصار اليمين المتطرف أن مجتمعاتهم في حالة اضمحلال متواصل بسبب النخبة الحاكمة، ويصورون أنفسهم على أنهم يشكلون النخبة البديلة التي تتحلى بالرصانة والعقلانية دونًا عن غيرهم، والمهمة التي يكرسون لها حياتهم هي إنقاذ المجتمع من الهلاك المُنتظر، ويرون أنه لا بد من التخلي عن النظام السياسي الحالي أو تطهيره من القذارة حتى ينجو «المجتمع الفدائي» من الكارثة.


ويري الطحان أنه الفترة الأخيرة ارتفعت وثيرة التحريض علي العنف والأقليات  في السنوات الاخيرة بشكل كبير، ويعزى هذا الامر لوسائل الاتصال المتطورة عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت قادرة  اليوم على توحيد الأفراد الغاضبين، وأصبحت منصة لتصريف أعمال العنف الخبيثة تساهم في الترويج لهذه الافكار وإقناع العديد من الشباب بجدوى التغيير عن طريق العنف بدل استخدام الوسائل السلمية والحضارية.

وأضاف  اليمين أستاذ الجغرافية السياسية المقيم بباريس أن التطرف الغربي وتطرف الاسلام السياسي، هما وجهان لعملة واحدة، حيث إن الحد من أحدهما سيقلل من فعالية ودينامية وخطورة الآخر بشكل كبير، و كلا التيارين يتشابهان في العديد من الجوانب الهامة كتمجيد الذات واستخدام العنف لاقصاء الاخر المختلف، و يتغذى خطاب كل  واحد منهما من خطاب الأخر، واستخدام نهج سياسة التفرقة والتمييز في تعاطيهما مع الاختلافات المجتمعية التي تعتمل داخل  المجتمعات عبر بوابة الصراعات الدينية وإثارة النزاعات لتحقيق أجندته.

وسائل التواصل المتهم الرئيسي


وعن دور السوشيال ميديا في تأجيج الصراع قال بسام الطحان أن كل هذه المؤسسات الغنية الرأسمالية الواسعة الانتشار بدأت تستأثر بالسلطة نوعا ما وتحرم الدولة والمؤسسات من قدرات وهيمنة وسلطة على الشعب وفى العلاقات الخارجية، فمثلا أن تكون مؤسسة تملك المليارات، كالفيس بوك والماسينجر وغيرها وكلها مؤسسات تتبع لمالك واحد، أن يكون لها هذا السلطان على العالم فهذا بالطبع يضرب فى مصداقية الدولة، والتغلغل فى كل منزل وفى كل أسرة تجعل منها قوة رهيبة تستطيع أن تلتف حتى على كل سلطة الدولة..  وهذا فطبعا له تأثير على المجتمع وعلى حياة الفرد وعلى التربية فاليوم الطالب أو التلميذ يتعلم أكثر بكثير عن طريق النت والشبكة العنكبوتية من المدرسة والمشكلة قائمة فى كل دول العالم، وفى فرنسا تسعى الدولة الآن إلى الحد من تغلغل هذه الوسائل الإلكترونية التى دخلت فى حياة الفرد ، وتعيد تشكيل وجدانهم، وتجعل من السهل السيطرة علي اى شخص وجذبه لأيدلوجية معينة، بجانب عدم وجود محاسبة على الدعوات التحريضية لكل الكيانات التي تسعى للعنف.

وتابع الطحان" بات من الواجب واللازم والضرورى أن تنظر كل مؤسسات الدولة إلى سلطان هذه المواقع الإجتماعية والتى تتخطى حدود التربية التقليدية فيجب أن تكون هناك نصوص جديدة فى البرلمان، وقوانين جديدة تنظم كل هذه الثورة المعلوماتية التي قد تخلق مجتمعا جديدا لا علاقة له بالمثل العليا التى تنزع أو تصبو إليها مجتمعات معينة فى هذا العالم.