أحمد كريمة: من محظورات رعاية الأيتام ومجهولى النسب نسبتهم للكافل نفسه

الدكتور أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر
الدكتور أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر

بعد حملات مواقع التواصل الاجتماعى التى تشجع على كفالة الأيتام ومجهولى النسب تراجعت النظرة السلبية لدى الكثير ممن يترددون فى كفالة أطفال فى منظومة الأسر البديلة حتى تغير الحال شعبيا ورسميا وأصبح هناك طلبات عديدة لكفالة يتيم فى أسرة، نتاجا لقرار اتخذته وزارة التضامن الاجتماعى لتيسير وتطوير بعض إجراءات هذه المنظومة التى كانت تحد من رغبة البعض فى تمكين أطفال من منزل وعائلة حرموا منها.

ويبلغ حاليا عدد الأطفال فى هذه المنظومة ما يفوق 12 ألف طفل، وكذلك بعد تعديلات على قانون الطفل أنصفت هؤلاء الأطفال منها توصيف اللقطاء بالمعثور عليهم أو مجهولى النسب وإضافة كلمة الكافلة لمصطلح الأسرة البديلة تحقيقا لمصلحة الأطفال وتوضيح العلاقة بينهم وبين من يكفلهم.

هذه رؤية دينية للدكتور أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر توضح الفرق بين التبنى والكفالة وأكمل صورها وضوابطها وأحكامها حتى لا يقع الكافل فى الإثم أو يتضرر الطفل المكفول.

إقرأ أيضاً| أحمد كريمة عن التبرع بالأعضاء: أنا ضد إساءة استخدام العلم

يقول كريمة: تحض الشريعة الإسلامية على كفالة ذوى الحاجات ومن الكفالات المهمة كفالة اليتامى ومجهولى النسب إذا تمت وفق الأسس الدينية، وأكمل صورها الكافل لليتيم فى بيته يتعاهده بالنفقة والتربية قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن أحب البيوت إلى الله بيت فيه يتيم مكرم)، أو بالإنفاق والمتابعة بدفع المال ليكفى حاجاته كاملة وهو فى دار الأيتام، أو المساهمة فى جزء من نفقاته فذلك عمل صالح أجره عظيم وفضله كبير، وإذا كان هذا ثواب كافل يتيم واحد فإن الثواب يضاعف كلما زاد عدد المكفولين وإن كانوا إخوة من النسب أو الرضاع نال الكافل أجر الكفالة وصلة الرحم.

ويتابع: الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه فى الحياة التطبيقية كفل فى داره يتامى من أزواجه كأم المؤمنين أم سلمة رضى الله عنها، بل وحض على مواساة يتامى الشهداء لما استشهد سيدنا جعفر بن أبى طالب رضى الله عنهما فى معركة مؤتة فذهب لجبر خاطر أطفاله اليتامى ومسح على رءوسهم.

ويؤكد أن توفير احتياجات هؤلاء الأطفال كلها تندرج إما فى باب الزكاة المفروضة أو التطوعية، بل إن الله سبحانه جعل لهم حظا عند قسمة التركات فقال جل شأنه: «وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا»، ومن التكافل الاجتماعى والرحمة والمودة والإيثار القيام على شئون الأيتام ويماثلهم مجهولى النسب، لأنها نفوس آدمية جاءت إلى الحياة دون جريرة قال تعالى: «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا»، والوصايا باليتامى مسئولية جماعية للمجتمع يجب الوفاء بها وليست مسئولية فردية ولا صلة بالكفالة بديانة أو مذهب أو جنسية أو لغة ولكنها تعامل بين إنسان وإنسان قال تعالى: «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين».

ويستكمل: من محظورات رعاية الأيتام ومجهولى النسب نسبتهم إلى الكافل نفسه لحرمة التبنى قال تعالى: «ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم فى الدين»، أما الكفالة فهى عمل خيرى وواجب دينى محمود.

ومن الشروط الميسرة التى وضعتها وزارة التضامن الاجتماعى لنظام الأسر البديلة الكافلة سواء المنجبة أو غير المنجبة أن يكون أحد الأبوين مصرى الجنسية وليس الاثنين معا، واستحداث نماذج عقود كفالة للمرأة الوحيدة التى تخطت سن الثلاثين دون زواج وفى هذا التيسير ينبه د .كريمة على أن تعيش هذه المرأة مع أحد محارمها ولا تقيم بمفردها مع الطفل المكفول تفاديا للوقوع فى إثم الخلوة وإبداء الزينة عند وصوله سن البلوغ، وقد تم الحصول على موافقة الأزهر الشريف على منح الاسم الأول للأم البديلة فى خانة الأم فى شهادة الميلاد الخاصة بالطفل المكفول وأيضا الاسم الأول للأب البديل أو لقب الأسرة مراعاة للحالة النفسية للطفل وإن كان من باب سد الذرائع.

كما يقول د . كريمة الحذر من هذا التيسير لما قد يسببه من مشاكل فى المواريث والأولى تعريف الطفل المكفول بحقيقة العلاقة بينه وبين الأسرة الكافلة فى سن مبكرة بداية من عمر التمييز فى العاشرة وبدون إيذاء مشاعره لأن انتظار إيضاح ذلك له عند سن الرشد وهو ١٨ سنة للأنثى و٢١ سنة للذكر يسبب اضطرابات نفسية للمكفول يصعب علاجها.

كما يشدد د .كريمة على التفريق بين اليتيم ومجهولى النسب المكفول وبين أعضاء الأسرة الكافلة فى النوم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «وفرقوا بينهم فى المضاجع»، وأن الذكر لا يحل له الخلوة بإناث الأسرة فهو بمثابة الأجنبى، وإن تربت الأنثى فى حجر رجل فهى محرمة عليه لأنها ربيبة قال تعالى: «وربائبكم اللاتى فى حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بهن»، فاليتيمة التى تزوج إنسان بأمها يحرم على هذا الشخص أن يتزوجها لتحريم المحارم من النسب، وينصح: يلجأ البعض إلى إرضاع المكفول تحقيقا لحرمته فى النسب ولكن نخشى تطاول الأزمان وعوامل النسيان فيتزوج المكفول بعد بلوغه من إحدى فتيات هذه الأسرة فيقع فى المحرمات رضاعا ولذا يقترح د .كريمة عمل وثائق تصدر من الأحوال المدنية يدون فيها بيانات المكفول والأسرة الكافلة والوضع الاجتماعى للاسترشاد بها فى معاملات وثائق الدولة تفاديا لمشاكل الزواج أو المواريث.