أحمد جمال
هو حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجى الأنصارى رضى الله عنه، ولد فى المدينة المنورة قبل مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحو ثمان سنوات، ونشأ فى بيت شرف ومكانة، وكان شاعراً فذاً فى الجاهلية والإسلام، نصر الإسلام ونافح عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه وبيانه، حتى لُقب بشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنصافه يقتضى توقيره وتبجيله، وإكرامه واحترامه، ويكفيه شرفاً أنه صحب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ودافع عنه، ونظر فى وجهه، وسمع وحى الله من فمه، ومات صلى الله عليه وسلم وهو راضٍ عنه وقد قيل إن حسان كان يكبر النبى صلى الله عليه وسلم ببضع سنين، وقد روى حسان بن ثابت رضى الله عنه بعض الأحاديث عن النبى صلى الله عليه وسلم.
مكانته
إن للصحابى حسان بن ثابت رضى الله عنه العديد من الصفات التى تميزه وجعلته فى مكانة رفيعة فى الإسلام من أهمها أنه شاعر الأنصار قبل الإسلام، ثم أصبح شاعر النبى صلى الله عليه وسلم، ثم أصبح شاعر اليمانيين فى الإسلام، كان فحل الشعر، أى أن شعره كان ذا مرتبة رفيعة وشديد وقوى الهجاء، وكان ذلك بطلب من النبى صلى الله عليه وسلم.
وحاز حسان بن ثابت مكانة رفيعة، ليس فقط لأنه شاعر رسول الله، بل إن شعره كان من الأسباب التى حفظت فيها اللغة العربية، وذلك من فصاحة شعره، وغناه بالمفردات العربية، فقد كانت لديه قدرات تعبيرية رفيعة، وإمكانات لغوية لم تكن عند الكثير من غيره. نَظَمَ حسان بن ثابت مدائح نبوية كثيرة، وأشعاراً تذكر فضائل الإسلام، وقد شكّلت معاً ما يسمى بالأشعار الدينية. مدح الكثير من الصحابة والخلفاء الراشدين.
صفات شعره
وأصبح شعره محطّ دراسة لكثيرين، وتغيّر شعر حسان بن ثابت -رضى الله عنه- بين الجاهلية والإسلام، فشعره فى الجاهلية لا حدود له ويزيّنه الخيال، أما شعره فى الإسلام فقد صوّرَ الحقائق وأَرَّخَ الأحداث. كان فصيحاً، سريع الحفظ، صادقاً، اتّصف شعره بأنه فخم اللفظِ، والأُسلوب القوي، مع الالتزامِ بقواعد الدّين، حتى قيل عنه إنه أشعر أهل المَدَر، ولم يَقُل من الشعر للتكسّب أبداً بعد الإسلام، بل كان شعره لنُصرة الدين والعقيدة. أيّده الله بروحِ القدس فى هجاء المشركين الذين قاموا بإيذاء النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين بشعرهم.
وكان قومه الخزرج على صراعٍ دائمٍ مع قبيلة الأوس الذين كان لهم شاعرٌ يسمّى قيس بن الخطيم، فكانوا يهجون بعضهم بعضاً. وكان حسّان مثله مثل باقى الشعراء فى الجاهلية لديه من الشعر ما هو فى الغزل ومدح النساء، ولكن لم يعد لذلك بعد الإسلام، وكان يذهب فى المواسم إلى سوق عكاظ فيمتدح ذوى الشأن ويكسب من ذلك رزقاً وفيراً، حتى قيل إن غساسنة الشام كتبوا له مُرتّباً شهرياً إزاء أشعاره، فهو لم يمدحهم فحسب، بل كان يفتخر بهم بشعره كونهم أخواله، فحسّن ذلك من شعره، ومثلما مارس الهجاء والفخر فى شعر قومه وهم الخزرج، مارس كذلك المدح والتملُّّق فى شعر الملوك، وهكذا.
الدفاع عن الإسلام
أسلم فأبدع فى جميع أنواع الشعر، فمدح النبيَّ والمسلمين، وهجا المشركين، وكان له دورٌ مهم فى الإسلام، فقد كان الشعر يُعتبر كالإعلام فى ذلك العصر، فكان الشعر سياسياً على شاكلة معيّنة، وهى أن يقوم الشاعر بهجاء الفريق الخصم ومدح فريقه، وهكذا، فكان حسان يدافع عن السُّلطة الدينية الإسلامية، ليس لهدف التكسُّب ولا الاستجداء؛ بل دفاعاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين، حتى أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قد وضع له منبراً فى المسجد يقوم عليه أثناء دفاعه عن الإسلام، ويمكن اعتبار أشعاره من الأشعار البليغة والقوية فى التعبير، حيث كان فى شعره غزل قبل دخوله الإسلام، أما عندما دخل الإسلام، فإنه أصبح يقتبس معظم معانى قصائده من الأحاديث النبوية الشريفة، والقرآن الكريم.
شعره عن الرسول محمد
كان شعر حسان بن ثابت يتميز بالقوة، إذ كان يدافع عن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، ويذكر أخلاقه الحميدة والرفيعة، كما كان يدافع عن الصحابة والخلفاء، ويوجد العديد من الأشعار التى لاقت قبولاً واسعاً عند المسلمين.
وفاته
توفى شاعر الرسول حسان بن ثابت سنة ٠٤هـ، وذلك فى عهد على بن أبى طالب، وقد كان يبلغ من العمر حينها مائة وعشرين سنة، بعد رحلة طويلة من العطاء.