حكايات| اختفاء غابات مصرية.. أسرار تكشفها حفريات «الفأر سفروتس»

قسم الجيولوجيا بجامعة المنصورة
قسم الجيولوجيا بجامعة المنصورة

لا تزال صحاري مصر تبوح بأسرارها مدفونة في رمالها، ومع كل محاولة للبحث عن حفريات يُزاح الستار عن مفاجآت ارتبطت بأرض المحروسة وطبيعة الحياة فيها منذ ملايين السنوات.

 

شروق الأشقر الباحثة بفريق سلام لاب المتخصص في الحفريات الفقرية تحدثت لـ«بوابة أخبار اليوم» عن الأهمية العملية للاكتشاف العلمي لـ«الفأر سفروتس» والذي يعتبر نوعا جديدا من القوارض القزمة الذي عاش في مصر قبل 34 مليون عام في الغابات الاستوائية المطيرة، والتي كانت تبلغ أطوال الأشجار وقتها من 40 لـ50 مترا، وبها الكثير من الحيوانات المتنوعة بالشكل والحجم والسلوك.

 

وبعد الكشف الجديد عن الفئران صغيرة الحجم التي عاشت في الغابات المصرية، تبين أن رأسها كانت في حجم عقلة الإصبع ولا يتخطى وزنها 45 جراما، والذي يتضح ارتباطه بمنخفض الفيّوم وهو الأكثر أهميةً من حيث إنتاج الحفريات الفقارية خاصة الثدييات من فترة الباليوجين (الفترة من 66 وحتى 23 مليون سنة مضت). 

 

 

في تلك الفترة وتحديداً قبل 34 مليون سنة، لم تكن صحراء الفيوم كتلك الأرض التي نعرفها اليوم، فقد كانت غابات استوائية مطيرة تشبه تلك التي نراها في إندونيسيا وماليزيا داخل نطاق منخفض اليوم؛ حيث تقع منطقة جبل قطراني الصحراء القاحلة الواقعة شمال بحيرة قارون في الفيوم والتي تتميز بمجموعة من الجبال الملونة وكأنها لوحة فنية شديدة الإبداع.

 

وتكمن في رمال الفيوم وجبالها أسرار وخبايا الحياوات القديمة؛ حيث كانت صحراء قطراني نابضة بشتى أشكال الحياة الاستوائية.. أنهار تفيض وجداول ومستنقعات مائية.. أشجار عملاقة تُحلق فوق غصونها الطيور وتثب عليها القردة.. غابات استوائية تعج بالزواحف والثدييات المختلفة، ويوما بعد يوم تبوح رمال الفيوم بأسرار حياوات الماضي السحيق عليها.

 

اقرأ أيضًا| أحجار تتحدى الصواريخ.. أقدم مرصد فلكي في التاريخ يخطف الأبصار

 

وجاء الكشف عن طريق فرق عمل بحثية بتعاون دولى بين جامعة المنصورة والجامعة الأمريكية بالقاهرة ووجهاز شئون البيئة المصرية وجامعة سزرن كاليفورنيا الأمريكية وجامعة سالفورد الإنجليزية من اكتشاف نوع جديد من القوارض عاش في الفيوم قبل 34 مليون عاما مضت ولا يوجد له مثيل من قبل ونشرت الدراسة اليوم في دورية (PeerJ). 

 

 

 

وفي تصريحات خاصة للدكتور هشام سلام عالم الحفريات الفقارية بالجامعة الأمريكية وجامعة المنصورة وقائد الفريق البحثي لـ«بوابة أخبار اليوم» يقول: «لقد تمكنا من دراسة جمجمتين ومجموعة كبيرة من الفكوك السفلية، لكن لم يكن الأمر بالسهولة الكافية فالعينات غاية في الصغر ورقيقة جدا وملتصقة بالطين الصخري الصلب مما جعل تحضير العينات للدراسة صعب للغاية لذا لزم علينا الأمر عمل أشعة مقطعية دقيقة لنستطيع دراستها في صورة ثلاثية الأبعاد».

 

ولا يتخطى طول الضرس لسفروت ميلليمتر واحد وجمجمته يصل طولها لحوالي 1.5 سم أما وزنه فلا يتخطى الـ45 جراما، لذا آثرنا تسميته باسم سفروتس نظرا لضآلة حجمه الواضحة، إضافة إلى امتناننا لجذورنا المصرية.

 

وبحسب شروق فإن الدراسة أظهرت العينات اختلافات واضحة في الصفات المورفولوجية (الخصائص الظاهرية على الأسنان) للأسنان العلوية والسفلية، وبمقارنته مع القوارض المكتشفة من القارة الأفروعربية نستطيع أن نجزم بأنه جنس ونوع جديد لم يُكتشف من قبل.

 

وتروي: «لم نسجل في هذه الدراسة جنس ونوع جديدن فقط لكننا استطعنا تسجيل أول عظام لجمجمة الفيوكريسيتومينز (المجموعة الكبيرة التى ينتمي إليها الكشف الجديد)».


 
وقد تم

 

تسجيل الكشفهم الجديد باسم قطرانيميز سفروتس «قطراني» نسبة لمنطقة جبل قطراني المكتشفة منها العينات و«ميز» تعني فأر باللاتينية أما «سفروتس» فهي مأخوذة من اللغة العامية المصرية والتي تعني صغير في الحجم.

 

وفي لحظة تكاد فريدة من نوعها وأثناء التعريف بكيفية البحث والتي قامت بها الباحثة شروق الأشقر لطرق البحث واستخدام الأدوات، بما يسمى بـ«جاكت صخري» للبحث عن عظام بأحد صخور الفيوم وتم العثور على سٓن لحوت.