من المتهم في كارثة غرق المركب في نيل الوراق؟.. هل هو سائق الصندل الذي صدم المركب فأغرقه؟.. أم سائق المركب الذي أقل العشرات من المواطنين، دون أن يضع اعتبارا لعدم قدرة المركب علي حملهم، ولعدم توافر أي معدات للسلامة والإنقاذ؟.. ام أن المواطنين يتحملون جزءا من المسئولية في وقوع الكارثة، فرغم وقوع كوارث مماثلة في مواقع اخري مختلفة، بل في محيط نفس المكان، فإنهم يكررون نفس الخطأ بالاحتشاد علي متن مركب صغيرة وسط الظلام، دون التفكير للحظة واحدة في قدرة المركب علي تحمل أعدادهم الكبيرة، ويقينهم بأن المركب يفتقد لتوافر أي معدات لإنقاذهم في حال تعرضهم لأي حادث؟.. أم تعدد المسئولية وشيوعها بين عدة أجهزة تابعة للدولة، هي المتهم الأول، فهناك هيئة النقل النهري تتبع وزارة النقل، تتحمل جانبا من المسئولية، إلي جوار شرطة المسطحات المائية التابعة لوزارة الداخلية، ووزارة الري المختصة بكل ما يتعلق بنهر النيل؟

في اعتقادي ان المتهم المتسبب في وقوع كارثة مركب الوراق، هي جميع السابق ذكرهم، فكلهم شاركوا في حدوث الكارثة بشكل مباشر او غير مباشر.
إبحار صندل ليلا دون اتخاذ الاجراءات اللازمة لتأمين سيره في ظل انتشار مراكب صغيرة تعبر جانب النيل، يعتبر عاملا رئيسيا، سواء كان هناك تصريح بسيره ليلا او عدم وجود التصريح.. كذلك أصحاب المراكب المنتشرين علي ضفاف النيل، خاصة في المناطق الشعبية والذين يقلون العشرات من المواطنين علي مدار ساعات اليوم في رحلات للتنزه، دون الالتزام بتوفير معدات للانقاذ لاستخدامها في حالات الخطر.. ورغم أن المواطنين هم ضحايا الكارثة، إلا أنهم ايضا جزء من المسئولية لمخاطرتهم بحياتهم في ركوب مثل هذه المراكب الصغيرة وبأعداد كبيرة، يكون بينها اطفال ونساء ورجال ليست لديهم مهارة بالسباحة ورغم ذلك يستقلون المراكب ليلا في رحلات ظاهرها التنزه والفرحة وتنتهي بمآسي دامية!.. ولكن الاتهام الرئيسي في الكارثة تتحمله أجهزة الدولة المتعددة، والتي تبرأت جميعها من دماء الضحايا، فحملات التفتيش لو كانت تتم، ينبغي أن يتبعها اتخاذ اجراءات فعلية بمنع المراكب غير الصالحة وغير المتوافر بها معدات الانقاذ، فلو اقتصرت تلك الحملات علي حصر المراكب وتسجيل بعض البيانات حولها في بعض الاوراق، فإنها تصبح كأن لم تكن!.. كما أن تعدد المسئولية بين عدة وزارات، يمنح الفرصة لكل وزارة بان تلقي عن نفسها تهمة التقصير، وبالتالي يصبح القاتل مجهولا رغم أنف الجميع.
الكارثة الاعظم المتمثلة حاليا في وجود العشرات من هذه المراكب لم تتوقف وتواصل رحلاتها منذ وقوع كارثة الوراق وبعضها يقف علي مراسي عقار نقابات مهنية علي ضفاف النيل، لحمل رواد هذه النقابات، وكأن شيئا لم يحدث، يعيشون في واد والحكومة في واد آخر باجتماعاتها وقراراتها التي تخرج علينا بها أعقاب كل كارثة مفجعة نتعرض لها.
كنت اتمني أن يقوم المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء بجولة في محيط موقع الحادث، ليشاهد بنفسه تنفيذ القرارات التي تم اتخاذها من قبل بمنع حجب النيل وازالة جميع التعديات عليه.