أين اختفت أمى «نوال»
مع تقدم العمر
أنظر الى أمى فأرانى
أنظر الى نفسى
فأرى أمى
مع تقدم العمر
أصبحت أشبهها
الخصلات البيضاء
الروح الساخرة
الزاهدة فى الأشياء
مع تقدم العمر
تذوب الحدود بينى وبين أمى
أصبح لى فصيلة دمها النادرة
ورنة ضحكتها الغامرة
قلبها العفوى الطفولى
رقتها المفعمة بالصلابة
حيوية قتلتها أخطاء الأطباء
قلمها العاشق لشدو الكتابة
مع تقدم العمر
تبادلنا الأدوار
أصبحت ابنتى
ولم تعد أمى
حزنها حزنى
أمدها بأفراحى المشكوك فى أمرها
وهمها أصبح همى
الآن ألتفت حولى
فلا أراها ولا أسمعها
أشياؤها الحميمة موجودة
وهى غائبة أين ذهبت؟
أين اختفت؟
بحثت فى كل مكان
بعناء ودون جدوى وبكاء
كانت فى كل مكان
واختفت من كل مكان
لكل منْ يهمه الأمر
ابحث معى عن أمى
لكل منْ يعنيها الأمر
ابحثى معى عن أمى
ممشوقة القلم والقوام
والكرامة والأحلام
فاتنة سمراء بشَعر لون الثلج
خطواتها رشيقة تقفز إلى الخطر
عينان يقظتان تلمعان بلون الليل
تضيئان النصف المعتم من القمر
لن تخطئوها
فهى لا تشبه أحداً إلا نفسها
ان وجدتوها
أخبروها أن ابنتها الوحيدة
بالألم تنزف
إلى أحضانى أرجعوها
إلى قلمها وسريرها
إلى ابنها ومعطفها الأزرق
من رحمها جئت
لكنها كانت طفلتى
لكننى أحبك
متقلبة المزاج
صعبة الإرضاء
عصية المنال
تصرفاتى غير مفهومة
لكل النساء والرجال
لا أكترث لتلوين شعَرى وأظافرى
لا يستهوينى إلا عناق الخطر
وإيقاعات المحال
سريعة الغضب وسريعة الملل وسريعة النسيان
أختفى فى لحظة
كالقهوة سريعة الذوبان
بائسة يائسة
كثيرة البكاء
تجتاحنى المرارة على وسادة الذكريات
ألهث وراء الظلال
ربما أبدو عكس ما أكون
ربما أنا وهم
متغطرسة مغرورة حمقاء
وحيدة ليس لى أصدقاء
ربما ينتهى مصيرى
إلى الانتحار أو الجنون
لكننى «أحبك».