إبداع

د. منى حلمى تكتب : قصيدتان

إبداع
إبداع

‭ ‬أين‭ ‬اختفت‭ ‬أمى‭ ‬‮«‬نوال‮»‬

مع‭ ‬تقدم‭ ‬العمر‭ ‬

أنظر‭ ‬الى‭ ‬أمى‭ ‬فأرانى‭ ‬

أنظر‭ ‬الى‭ ‬نفسى‭ ‬

فأرى‭ ‬أمى

مع‭ ‬تقدم‭ ‬العمر‭

أصبحت‭ ‬أشبهها‭ ‬

الخصلات‭ ‬البيضاء‭ ‬

الروح‭ ‬الساخرة

‭ ‬الزاهدة‭ ‬فى‭ ‬الأشياء‭ ‬

‭ ‬مع‭ ‬تقدم‭ ‬العمر‭ ‬

تذوب‭ ‬الحدود‭ ‬بينى‭ ‬وبين‭ ‬أمى‭ ‬

أصبح‭ ‬لى‭ ‬فصيلة‭ ‬دمها‭ ‬النادرة

ورنة‭ ‬ضحكتها‭ ‬الغامرة‭ ‬

قلبها‭ ‬العفوى‭ ‬الطفولى‭ ‬

رقتها‭ ‬المفعمة‭ ‬بالصلابة‭ ‬

حيوية‭ ‬قتلتها‭ ‬أخطاء‭ ‬الأطباء‭ ‬

قلمها‭ ‬العاشق‭ ‬لشدو‭ ‬الكتابة‭ ‬

مع‭ ‬تقدم‭ ‬العمر

تبادلنا‭ ‬الأدوار‭ ‬

أصبحت‭ ‬ابنتى‭ ‬

ولم‭ ‬تعد‭ ‬أمى‭ ‬

حزنها‭ ‬حزنى‭ ‬

أمدها‭ ‬بأفراحى‭ ‬المشكوك‭ ‬فى‭ ‬أمرها‭ ‬

وهمها‭ ‬أصبح‭ ‬همى‭ ‬

‭ ‬الآن‭ ‬ألتفت‭ ‬حولى‭ ‬

فلا‭ ‬أراها‭ ‬ولا‭ ‬أسمعها

أشياؤها‭ ‬الحميمة‭ ‬موجودة

وهى‭ ‬غائبة‭ ‬أين‭ ‬ذهبت؟

أين‭ ‬اختفت؟‭ ‬

بحثت‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬مكان

بعناء‭ ‬ودون‭ ‬جدوى‭ ‬وبكاء‭ ‬

كانت‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬

واختفت‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان

لكل‭ ‬منْ‭ ‬يهمه‭ ‬الأمر‭ ‬

ابحث‭ ‬معى‭ ‬عن‭ ‬أمى‭ ‬

لكل‭ ‬منْ‭ ‬يعنيها‭ ‬الأمر‭ ‬

ابحثى‭ ‬معى‭ ‬عن‭ ‬أمى‭ ‬

ممشوقة‭ ‬القلم‭ ‬والقوام‭ ‬

‭ ‬والكرامة‭ ‬والأحلام

فاتنة‭ ‬سمراء‭ ‬بشَعر‭ ‬لون‭ ‬الثلج

خطواتها‭ ‬رشيقة‭ ‬تقفز‭ ‬إلى‭ ‬الخطر‭ ‬

عينان‭ ‬يقظتان‭ ‬تلمعان‭ ‬بلون‭ ‬الليل‭ ‬

تضيئان‭ ‬النصف‭ ‬المعتم‭ ‬من‭ ‬القمر‭ ‬

لن‭ ‬تخطئوها‭ ‬

فهى‭ ‬لا‭ ‬تشبه‭ ‬أحداً‭ ‬إلا‭ ‬نفسها‭ ‬

ان‭ ‬وجدتوها‭ ‬

أخبروها‭ ‬أن‭ ‬ابنتها‭ ‬الوحيدة

بالألم‭ ‬تنزف‭ ‬

إلى‭ ‬أحضانى‭ ‬أرجعوها‭ ‬

إلى‭ ‬قلمها‭ ‬وسريرها‭ ‬

إلى‭ ‬ابنها‭ ‬ومعطفها‭ ‬الأزرق‭ ‬

من‭ ‬رحمها‭ ‬جئت‭ ‬

لكنها‭ ‬كانت‭ ‬طفلتى‭ ‬

لكننى‭ ‬أحبك‭ ‬

متقلبة‭ ‬المزاج

صعبة‭ ‬الإرضاء‭ ‬

‭ ‬عصية‭ ‬المنال

تصرفاتى‭ ‬غير‭ ‬مفهومة

لكل‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬

لا‭ ‬أكترث‭ ‬لتلوين‭ ‬شعَرى‭ ‬وأظافرى‭ ‬

لا‭ ‬يستهوينى‭ ‬إلا‭ ‬عناق‭ ‬الخطر

وإيقاعات‭ ‬المحال

سريعة‭ ‬الغضب‭ ‬وسريعة‭ ‬الملل‭ ‬وسريعة‭ ‬النسيان

أختفى‭ ‬فى‭ ‬لحظة‭ ‬

كالقهوة‭ ‬سريعة‭ ‬الذوبان‭ ‬

بائسة‭ ‬يائسة‭ ‬

كثيرة‭ ‬البكاء‭ ‬

تجتاحنى‭ ‬المرارة‭ ‬على‭ ‬وسادة‭ ‬الذكريات

ألهث‭ ‬وراء‭ ‬الظلال‭ ‬

ربما‭ ‬أبدو‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬أكون‭ ‬

ربما‭ ‬أنا‭ ‬وهم‭ ‬

متغطرسة‭ ‬مغرورة‭ ‬حمقاء

وحيدة‭ ‬ليس‭ ‬لى‭ ‬أصدقاء‭ ‬

ربما‭ ‬ينتهى‭ ‬مصيرى‭ ‬

إلى‭ ‬الانتحار‭ ‬أو‭ ‬الجنون‭ ‬

لكننى‭ ‬‮«‬أحبك‮»‬‭.‬