طعم الحرية

جامعة الدول العربية تطلق قناة فضائية !

أسامة  عبد اللطيف
أسامة عبد اللطيف

أسامة‭  ‬عبد‭ ‬اللطيف

osamalatif71@gmail

أرجو‭ ‬ألا‭ ‬يصدم‭ ‬مقالي‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬الدولارات‭ ‬بنكهة‭ ‬البترول‭ ‬منتهزى‭ ‬الفرص‭ ‬الذين‭ ‬ينظرون‭ ‬لكل‭ ‬قناة‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬فرصة‭ ‬لزيادة‭ ‬أرصدتهم‭ ‬في‭ ‬البنوك‭.. ‬أصحاب‭ ‬منطق»السبوبة‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬يحاربون‭ ‬بسيف‭ ‬الممول‭ ..‬فالولاء‭ ‬لصاحب‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬الشيك‭.. ‬ليس‭ ‬مهما‭ ‬عندهم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬توقيعه‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬لليسار‭ ‬أومن‭ ‬اليسار‭ ‬لليمين‭ ‬عربيا‭ ‬أو‭ ‬عبريا‭.. ‬فالقناة‭ ‬التي‭ ‬أتحدث‭ ‬عنها‭ ‬حلم‭ ‬يحتاج‭ ‬لعرق‭ ‬وجهد‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬فيها‭ ‬للفهلوة‭.. ‬والأكلة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الموائد‭ ‬و‭ ‬لمن‭ ‬يتعيشون‭ ‬على‭ ‬حروب‭ ‬داحس‭ ‬والغبراء‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭.‬

أنا‭ ‬لا‭ ‬أفهم‭ ‬كيف‭ ‬كانت‭ ‬تجري‭ ‬اجتماعات‭ ‬وزراء‭ ‬الإعلام‭ ‬العرب‭.. ‬التي‭ ‬كلفت‭ ‬شعوبنا‭ ‬بدلات‭ ‬سفر‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭.. ‬وسودت‭ ‬صفحات‭ ‬الجرائد‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتحدثون‭ ‬فيه‭..‬وهل‭ ‬فكروا‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬القناة‭ ‬وإن‭ ‬فكروا‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬منعهم‭ ‬من‭ ‬التنفيذ؟

لا‭ ‬أعلم‭ ‬كم‭ ‬يتقاضى‭ ‬السيد‭ ‬أحمد‭ ‬أبو‭ ‬الغيط‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬راتبا‭ ‬عن‭ ‬عمله‭ ‬التطوعي‭..‬هو‭ ‬وفريق‭ ‬العمل‭ ‬بالجامعة‭ ‬ولكني‭ ‬أذكر‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬نفطية‭ ‬وهو‭ ‬يمن‭ ‬على‭  ‬السيد‭ ‬عمرو‭ ‬موسى‭ ‬بأن‭ ‬دخان‭ ‬سيجاره‭ ‬مدفوع‭ ‬من‭ ‬دولته‭ ‬كأنه‭ ‬موظف‭ ‬عنده‭!! ‬لذلك‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬لإنشاء‭ ‬قناة‭ ‬فضائية‭ ‬عربية‭ ‬تتحمل‭ ‬تكلفتها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬جميعا‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬منحنا‭ ‬جامعتنا‭ ‬المباركة‭ ‬إجازة‭ ‬عاما‭ ‬واحدا‭ ‬لتوفير‭ ‬تكلفة‭ ‬اطلاق‭ ‬قناة‭ ‬لا‭ ‬تستقطبها‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬دول‭.. ‬فسياستها‭ ‬موجهة‭ ‬للعرب‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭..‬وتسعى‭ ‬لربط‭ ‬العرب‭ ‬بقناة‭ ‬واحدة‭ ‬عصرية‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الدعاية‭ ‬أو‭ ‬التسبيح‭ ‬بحمد‭ ‬حاكم‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬نبوغه‭!! ‬

تخيل‭ ‬معي‭  ‬قناة‭ ‬تنطق‭ ‬بلسان‭ ‬عربي‭ ‬مبين‭ ‬مبدأها‭ ‬الوحدة‭ ‬العربية‭ ‬وتتوجه‭ ‬سياستها‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مشترك‭ ‬وهو‭ ‬كثير‭ ‬جدا‭.. ‬وتتغاضى‭ ‬عن‭ ‬المختلف‭ ‬حوله‭ ‬وهو‭ ‬قليل‭ ‬رغم‭ ‬تضخيم‭ ‬البعض‭ ‬له‭ .‬

يذكر‭ ‬المهتمون‭ ‬بالاعلام‭ ‬العربي‭  ‬تجربة‭ ‬صوت‭ ‬العرب‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬الخمسينيات‭.. ‬ورغم‭ ‬أنها‭ ‬جمعت‭ ‬كل‭ ‬أحرار‭ ‬العرب‭ ‬وأخذت‭ ‬دعوة‭ ‬الوحدة‭ ‬العربية‭ ‬لها‭ ‬خطا‭ ‬ومنهجا‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬بسبب‭ ‬الاستقطاب‭ ‬كانت‭ ‬تهاجم‭ ‬تقريبا‭ ‬نصف‭ ‬أنظمة‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬جميعها‭ ‬والأردن‭ ‬وأحيانا‭ ‬نظم‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭.. ‬حتى‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة‭.. ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬الحق‭ ‬مع‭ ‬صوت‭ ‬العرب‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تدعو‭ ‬لاستقلال‭ ‬القرار‭ ‬العربي‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬المحاور‭ ‬لكنا‭ ‬نسينا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أنظمة‭ ‬عربية‭ ‬كثيرة‭ ‬مرتبطة‭ ‬بعلاقات‭ ‬لا‭ ‬فكاك‭ ‬منها‭ ‬مع‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬داعما‭ ‬لدولة‭ ‬اللصوص‭ ‬ولا‭ ‬يقر‭ ‬بالحق‭ ‬العربي‭ .‬

وشهدنا‭ ‬منذ‭ ‬25‭ ‬عاما‭ ‬تجربة‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬القطرية‭ ‬التي‭ ‬ورثت‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بأخر‭ ‬مكان‭ ‬صوت‭ ‬العرب‭..‬فهاجمت‭ ‬محاور‭ ‬وتخندقت‭ ‬في‭ ‬خندق‭ ‬ممولها‭ ‬وأصحابها‭..‬فدعمت‭ ‬محورا‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬محور‭.. ‬وأعادت‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬دول‭ ‬الاعتدال‭ ‬ودول‭ ‬الممانعة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬دول‭ ‬الرجعية‭ ‬والتقدمية‭..‬والنتيجة‭ ‬أن‭ ‬القناة‭ ‬حققت‭ ‬نجاحا‭ ‬لا‭ ‬ينكر‭ ‬لكنه‭ ‬كنجاح‭ ‬صوت‭ ‬العرب‭..‬قسم‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬إلى‭ ‬فسطاطين‭.. ‬وظهرت‭ ‬قناة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬التصدي‭ ‬للجزيرة‭.. ‬فأصبح‭ ‬كارهو‭ ‬الجزيرة‭ ‬يسمونها‭ ‬بالخنزيرة‭ ‬وكارهو‭ ‬العربية‭ ‬يسمونها‭ ‬العبرية‭ !!‬

‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬القنوات‭ ‬العربية‭ ‬الأهم‭ ‬والأكبر‭ ‬والأغنى‭  ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬جمهور‭ ‬محدد‭ ‬متحزب‭ ‬لجانب‭..‬فأصبحت‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تدري‭ ‬أداة‭  ‬لتقسيم‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العربي‭.. ‬لتدار‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬الحلم‭ ‬العربي‮»‬‭.. ‬كما‭ ‬تدار‭ ‬الـ‭ ‬bbc‭ ‬لها‭ ‬مجلس‭ ‬يديرها‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ..‬يحاسبها‭ ‬مجلس‭ ‬العموم‭ ‬البريطاني‭.. ‬وبذلك‭ ‬نضمن‭ ‬ألا‭ ‬تتدخل‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬بنفوذها‭ ‬لتوجه‭ ‬القناة‭ ..‬هل‭ ‬كثير‭ ‬علينا‭ ‬قناة‭ ‬واحدة‭ ‬تجمع‭ ‬ولا‭ ‬تفرق‭..‬تضم‭ ‬كفاءات‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭..‬أنا‭ ‬واثق‭ ‬لوتحقق‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭ ‬لتمكن‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬لمستوى‭ ‬من‭ ‬الوحدة‭ ‬يرضي‭ ‬الجميع‭..‬لن‭ ‬تنتهي‭ ‬الخلافات‭ ‬لكنها‭ ‬ستتوارى‭ ‬أمام‭ ‬المشتركات‭ ‬الكثيرة‭ ‬والأحلام‭ ‬الواحدة‭.‬