محمد عزالدين
فقدت الأوساط الثقافية المصرية والعربية واحدا من أهم الكتاب الذين أثروا الحركة المسرحية كتابة وترجمة ونقدا وإدارة، وهو د. فوزي فهمي، أستاذ الدراما والنقد، والرئيس السابق لأكاديمية الفنون الفنون، وذلك عن عمر ناهز 83 عاماً.
وكان الفقيد قد أثرى الحركة المسرحية العربية نقداً وإدارة وترجمة وكتابة، وتنقل فهمي في عدد من المناصب الإدارية في وزارة الثقافة المصرية بين معهد النقد والمركز القومي لثقافة الطفل، ثم وكيلاً لوزارة الثقافة فرئيساً لأكاديمية الفنون، ومن بين إنجازاته، والتي واجهت انتقادات في زمنها، كان إطلاق مهرجان المسرح التجريبي الذي كان يستضيف فرقاً عالمية من جميع أنحاء الأرض، لتقدم آخر ما توصلت إليه أفكار المسرح العالمي، إيماناً منه بالمعاصرة وتطور الفنون.
ولد فوزي فهمي أحمد في القاهرة يوم 21 أغسطس 1938، وتلقى تعليمه الإبتدائي بمدرسة “المعهد العلمي”، والثانوي بمدرسة “علي باشا مبارك”، ولميوله الفنية، قرر الالتحاق ولميله للفنون بالمعهد العالي للفنون المسرحية قسم الدراما، ولتميزه وحبه للمجال، حصل على الدكتوراة في علوم المسرح سنة 1975، حيث كان الراحل مولعا بالمسرح المصري معتبراً أن هذا الفن واجهة حضارية تقدم الصورة المثلي لمستوى ثقافة البلد.
وتنقل فهمي في عدد مناصب إدارية، فتم إنتدابه سنة 1978 عميدا لمعهد النقد الفني، ثم وكيلا لوزارة الثقافة ورئيسًا للمركز القومي لثقافة الطفل، ومن مجهوداته التي قدمها وقتها إنشاء الحديقة الثفاقية بالسيدة زينب والإشراف على ترجمة 100 كتاب للطفل، ومن أهم مولفاته التي خلدت في المسرح، “عودة الغائب” التي كتبها عام 1977، مسرحية “الفارس والأسيرة” كتبها عام 1979، مسرحية “لعبة السلطان” كتبها سنة 1986.
كما كان للراحل مجهودات كبيرة في ترجمة مئات الكتب المتعلقة بالفنون المسرحية بالتعاون مع مركز اللغات والترجمة بأكاديمية الفنون، والذي كان هو صاحب فكرته ومؤسسه، لتثري هذه الكتب المكتبة المسرحية، متضمنة ترجمات من لغات كنا نفتقد دراساتها مثل اللغات الروسية والبولندية والهندية وغيرها، هذا بجانب الندوات الفكرية والتي تحدث فيها قامات مسرحية كبيرة من مصر والعالم.
ولفوزي دورا هاما في فتح نافذة كبرى للاحتكاك بالثقافة المسرحية العالمية، حيث كان الراحل سببا رئيسيا وراء إطلاق مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي الذي واجه إنتقادات عديدة في بدايته، لكنه أكمل المشروع حتى أصبح المهرجان واحداً من التظاهرات الفنية المهمة على خارطة المهرجانات في المنطقة، حيث تولى رئاسة المهرجان منذ دورته الثانية عام 1989، واستمر رئيسا له حتى دورته الـ22 عام 2010، قدم خلال هذه الفترة العديد من الفعاليات المسرحية المهمة، بمشاركة الكثير من الفرق المسرحية من شتى دول العالم، وأصبح المهرجان على يديه نافذة ثقافية يطل منها المسرحيون المصريون والعرب على المسرح العالمي بمختلف تياراته.
وكانت وزارة الثقافة قد نعت الكاتب الكبير بكلمات الوزيرة د. إيناس عبد الدايم، التي قالت: “إن الراحل كان بمثابة الأب والمعلم والصديق لأجيال من المبدعين، وترك علامات بارزة في مجال المسرح والنقد”.
وقد قررت إدارة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي برئاسة د. جمال ياقوت إطلاق اسم الراحل د. فوزي فهمي على الدورة 28 من المهرجان الذي سينطلق في الفترة من 14 إلى 19 ديسمبر المقبل، كما أعلن ياقوت أن المهرجان سيصدر كتابا عن الكاتب الكبير الراحل فوزي فهمي ضمن فعالياته هذا العام، ويتضمن مسيرته الحافلة في المجال المسرحي.
وصرح ياقوت قائلا: “فقدنا قيمة علمية ثقافية مسرحية كبيرة، فالراحل هو الأب الروحي لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وإطلاق الدورة المقبلة باسمه هو أقل ما يقدم له، فهو الأستاذ والمعلم للعديد من الأكاديميين والباحثين المسرحيين في مصر والعالم العربي، وأثرى المكتبة العربية بالعديد من كتاباته المسرحية والنقدية، ومهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي تحت إدارة د. فوزي حافظ على نجاحه واستمراره لفترات طويلة، واستطاع تقديم جيل جديد من المسرحيين نتيجة مشاهدتهم وإطلاعهم على ثقافات أخرى”.