«وادي السند» أكبر حضارات العالم القديم.. اختفى شعبها في ظروف غامضة

حضارة "وادي السند"
حضارة "وادي السند"

الانهيار ظاهرة طبيعية فبغض النظر عما بلغته من قوة ومكانة فمنحنى الصعود يجب أن يعود للهبوط مرة أخرى وفي أحسن الأحوال تظل في مرحلة الثبات.. فهي حقيقة علمية لا مفر منها وقانون يخضع له كل شيء ومن بينها الحضارات فبغض النظر عن قوة الحضارة والمدى التي استطاعت الوصول إليه والأراضي الخاضعة تحت حكمها إلا أنها تكون معرضة للانهيار.

 

وواجهت العديد من الحضارات القديمة شبح الانهيار فتجد حضارات تعرضت لخسائر سريعة ومستمرة ومع تعقيد أمورها الاجتماعية والاقتصادية تبدأ في التفتت لتفقد الحكومة سيطرتها على أراضيها وتسقط الخدمات العامة حتى تصل للانهيار وهناك حضارات انهارت فجأة مثل الحضارة الرومانية التي كانت تسيطر على مساحة أراضي بلغت 4.4 مليون كيلومتر وبعد 5 أعوام من ازدهارها اصبحت تسيطر على 2 مليون كيلومتر فقط ثم فقدت سيطرتها بشكل كامل حتى أصبحت غير مسيطرة حتى على شبر واحد.

 

وعلى جانب آخر، تجد حضارات كادت أن توشك على الانهيار ولكنها تتمكن من الرجوع مرة أخرى كالحضارة المصرية والصينية وحضارات أخرى انهارت وسط ظروف غامضة كحضارة "وادي السند" واحدة من أكثر 3 حضارات انتشارا في العالم والتي سيطرت على مساحات شاسعة من الأراضي وضمت تحت حكمها ما يزيد عن 10% من سكان العالم لتختفي وسط الكثير من الالغاز والغموض الذي لم يكشف بعد.

 

"وادي السند" هي تلك الحضارة التي تأسست عام 3300 قبل الميلاد على روافد نهر السند ويعود تاريخها إلى العصر البرونزي وسيطرت على مناطق عديدة في آسيا حيث امتد موقعها من شمال شرق أفغانستان لتمر عبر باكستان وتصل إلى غرب وشمال غرب الهند ليخضع تحت حكمها أكثر من 386 ألف ميل من الأراضي لتحكم شعب بلغ قوامه أكثر من 10% من سكان العالم لتدخل ضمن أكثر 3 حضارات انتشارا في العالم مع الحضارة المصرية القديمة وحضارة بلاد الرافدين.

 

ومع بلوغ ذروة ازدهارها وتطورها وقوتها في الفترة بين عام 2600 قبل الميلاد وحتى عام 1900 قبل الميلاد تمكنت في خلال تلك الفترة من توسيع أراضيها ووصلت إلى مرحلة من التطور في تخطيط وبناء المدن لا توجد لها مثيل حيث احتوت مدنهم على أنظمة صرف صحي ظلت منقطعة النظير حتى العصر الروماني كما طورت نصوص كتابية لم يتم فك شفرتها حتى الآن ووضعت نظام معياري للأوزان والمقاييس لتساعدهم في الزراعة والتجارة.

 

وتخضع في النهاية لقانون الطبيعة ويبدأ منحنى ازدهارها في الهبوط لتختفي تماما مع عام 1300 قبل الميلاد في ظروف غامضة وبشكل مفاجئ لتبدأ الالغاز فالبعض ظن أن السكان هجروا المدن وهاجروا إلى جنوب شرق آسيا واعتقد اخرون أن الغزو الآري هو المتسبب في انهيارها لكن هذه النظرية اختفت لتظهر اخرى تؤكد أن دورة الرياح الموسمية توقفت عن المنطقة لمدة قرنين مما جعل الزراعة في تلك المنطقة شبه مستحيلة مع إضافة عوامل أخرى مثل الزلازل وتفشي الأوبئة مثل الملاريا والكوليرا ولكن يظل الاختفاء لغز محير حتى الآن.

 

وتعود حضارة وادي السند للظهور مع عشرينيات القرن العشرين عندما تم اكتشاف اعمال فنية ومواقع أثرية وبقايا مدن يعود تاريخها إليها وسميت بـ "حضارة هارابا" نسبة إلى أول موقع أثري تم اكتشافه.