الإعلان عن تشكيل حكومة توافق ليبى برئاسة فائز السراج دون مشاركة فعالة للأطراف الحقيقيين قد يكون سبب وفاتها إكلينيكيا بعد تجاهل متعمد لدور الفريق خليفة حفتر الذى يرى أن تأييده حسب وصفه يدعمه الشعب الليبى وحده، على الرغم من إصرار بعض أعضاء المؤتمر الوطنى احد أطراف المعادلة ممن ينتمون لتنظيم الاخوان الليبى على عدم الاعتراف به كقائد عام للجيش الليبى، ويأتى دور رئيسى برلمان طبرق ومؤتمر طرابلس حجر عثرة فى طريق التوافق بعد رفضهما الإعلان الاخير واعتبارهما أن التوافق المعلن عنه لا تمثله سوى مجموعة من المستقلين،واتفاقهما على ان تكون سلطنة عمان المحطة التالية لانطلاق حوار ليبى- ليبى حقيقى- حسب اعتقادهما بعد لقاء مالطا قد يدعمهم فيه الفريق حفتر.
قد يكون إصرار كوبلر المبعوث الدولى لليبيا على الإسراع فى اعتماد اتفاق «الصخيرات» دوليًا يأتى فى إطار نية المجتمع الدولى التدخل العسكرى ليكون بموافقة حكومة معترف بها من جانبه حتى لا يتم تحميله مسئولية القضاء على بقايا ركام الدولة الليبية، وعلى الرغم من اتصاله الوثيق برموز النظام السابق الذين يحركون الاوضاع ميدانيا على الساحة الليبية بشكل واضح إلا أن المجتمع الدولى يصر على التنصل من تلك الصلة فى العلن وهو ما يكشف ازدواجيته وانتقائيته مع معطيات المعادلة.
ذكرنى ما يحدث فى ليبيا بالمبادرة الخليجية التى شهدها اليمن عام 2011 لتسكين آلامه إفتقدت لنظرة بعيدة المدى، نتج عنها تعقيد للوضع بعد الاحتلال الحوثى الذى خطط له على عبد الله صالح الرئيس السابق لليمن بمساعدة أطراف إقليمية.. وما أشبه الليلة بالبارحة، الاعلان عن حكومة توافق فى ليبيا ما هو إلا محاولة لحل الأزمة لكن بنكهة يمنية وبرعاية دولية ونوايا خبيثة قد تكون فى ظاهرها محاولة للعلاج ولكنها فى الحقيقة محرك جديد للصراع.
الخلل الحقيقى فى حل الأزمة الليبية وهى على مشارف عامها الخامس ليس فى أطرافها ولكن فى المعالجة الدولية التى تحقق مآربها فى وقف تدفق طوفان الهجرة من سواحل ليبيا لأوربا وتأمين احتياجاتها النفطية دون النظر إلى المصلحة الليبية.
[email protected]