خبير آثار يرصد حقيقة المقامات والأضرحة بسيناء

مقام النبى هارون
مقام النبى هارون

هناك العديد من المعلومات المغلوطة عن ارتباط المقامات بمنطقة سانت كاترين بأسماء الأنبياء مثل مقام النبى هارون ومقام النبي صالح، طبقا لما أكده خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار.

وأوضح خبير الآثار أن القبر هو مكان تكريم الميت طبقًا للآية الكريمة «ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرهُ» آية 24 سورة عبس، أي جعل له قبرًا يوارى فيه إكرامًا ولم يجعله مما يلقى على وجه الأرض تأكله الطير وهناك القبر الذي يعلوه قبة والقبر الذي يعلوه كوخ والقبر الذي لا يعلوه قبة أو يحيط به كوخ ويعرف بالقبر، واعتاد أهل سيناء على دفن موتاهم بجانب الأولياء ويطلقون على أوليائهم لقب النبي.

وأشار د.ريحان إلى تعريفات مختلفة للأماكن التي يعلوها قبة مثل المزار أو المقام أو المشهد أو الضريح، أمّا المزار فهو بناء يُبنى فوق مكان دفن أحد الأنبياء أو أحد الأولياء الصالحين أو مكان صلاتهم وإقامتهم يزوره الناس لطلب البركة والشفاعة ويشير إلى موضع الزيارة من أماكن الأولياء.

وأوضح  أن "المَقَام" هو موضعُ الإقامة وزمانها وليس بالضرورة أن يكون المَقام مكان دفن أو قبر قد يُنسب لأحد الأنبياء أو الأولياء بل من الممكن أن يكون مكان إقامته في يوم من الأيام أو مكان صلاته أو كان قد مر عليه في يوم من الأيام ومن ثم اشتهر هذا أو ذاع بين الناس على أنه أحد مقاماتهم، فيشاد على هذا المكان بناء أو مسجد لكي يزوره الناس وفي الغالب هو قبر فخم، والضَريح هو الشَّقُّ في وسط القبر وقد يُعنى به القبر نفسه وهناك ضريح حقيقي فيه قبر ورفات لميت بعينة ولا خلاف فيه مثل قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فى المدينة المنورة وهناك ضريح رؤية أو مشهد رؤية وهى تلك الأضرحة المنامية التي تقام لولي من أولياء الله الصالحين دون أن يكون مدفون بها جسد متوفي ويعلوها في الغالب قبه لتعظيم ما تحتها ولولم يك شيئا وتعارف عليها بأنها أضرحة الرؤيا وظاهرة الموالد لذوي المقامات المنامية وغيرهم هى ظاهرة ترجع لأصول مصرية قديمة لا علاقة لها بالأديان وترتبط بأعياد المصريين القدماء الدينية للآله مثل عيد أمونوبيس وبتاح وأبيس وغيرها، أمّا كلمة المشهد فيُقصد به عادةً البناء الحامل للقبر أو المكان الذي تتم عنده الزيارة، وعادة ما يكون فوقه قبة مبنيّة والمَشْهَدُ هو ضَّريح أحد الأولياء  ويقيده البعض بأضرحة الرؤيا.

وبخصوص سيناء يشير د.ريحان إلى مقام ومسجد الشيخ الجيلانى بطور سيناء، الذي يطلق عليه سكان طور سيناء «الكيلاني»، وهو الضريح والمقام الوحيد الموجود في جنوب سيناء لأحد أولياء الله الصالحين الذين لا تتوفر عنهم معلومات كثيرة رغم إطلاق الاسم نفسه على منطقة الكيلانى الأثرية، التى يوجد بها أقدم منازل للصيادين التي بنيت بحجر الشعاب المرجانية، وغالبًا ما يخلط الناس في طور سيناء بين قصته وقصة الخضر مع نبى الله موسى، ويقال إن الشيخ الجيلاني جاء من السعودية، وأقيم على المقام مسجد شهير بناه عامل مسيحي يدعى بنيوتى جريجورى الذي ولد عام (1256هـ/ 1840م)، ومات عام (1359هـ/ 1940م)، وكان المقام موجودًا قبل بناء المسجد، وكان أول مسجد بطور سيناء وكان يقع ثلثه فى البحر.

وتابع الدكتور ريحان بخصوص ما يعرف بقبر النبي هارون بمنطقة سانت كاترين فهو قبر رمزى "مشهد رؤية" ولم يدفن به نبى الله هارون، وأن نبى الله موسى وأخيه نبى الله هارون عليهما السلام توفيا بسيناء ولم يعرف لهما قبر وكان ذلك فى فترة تيه بنى إسرائيل متخبطين بين شعاب وأودية سيناء لمدة أربعون عامًا لرفضهم دخول الأرض المقدسة كما أمرهم الله سبحانه وتعالى فالقبر لا علاقة له بنبى الله هارون ورغم ذلك يتبرك به أهل سيناء ويدفنون موتاهم بجواره .

ولفت الدكتور ريحان إلى أن هناك أقوال ليس لها أساس علمى عن التبة الموجود عليها ما يعرف بمقام النبي هارون بأن لها ارتباط بنحت العجل الشهير أمامها والذي ربما يمثّل القالب الذى صب عليه  السامري العجل الذهبي الذي عبده بنو إسرائيل فوق التل المقابل لهذا النحت الذى عرف بمقام النبي هارون وذلك أثناء تغيب  نبى الله موسى عنهم أربعين يومًا، وكانوا يدورون حول هذا العجل في التبة فارتبطت باسم النبى هارون وذلك دون أى سند علمي أو أثري أو تاريخي موثق.

وأوضح أن هناك نحت في واجهة الجبل قرب دير سانت كاترين يشبه منظر العجل والذي يعتقد البعض أنه العجل الذي عبده بنو اسرائيل، وأن الحقائق الدينية تشير إلى أن عبادة العجل الذهبي كانت قرب بحر وليست منطقة جبلية حيث قام نبي الله موسى بحرق هذا العجل عند عودته بعد التغيب أربعون يومًا لتلقي ألواح الشريعة " التوراة" ونسفه في اليم أي البحر كما جاء في سورة طه }وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا{  وهذا العجل صنعه السامرى وهو صائغ ماهر من بنى إسرائيل قام بتحويل الذهب الذى استعرنه نساء بنى إسرائيل من السيدات المصريات ثم أخذنه معهن عند خروجهن من مصر.

وأن جبال سيناء شكلتها عوامل التعرية فصنعت بها منحوتات تفوق أعمال أعظم النحاتين وخصوصًا بمنطقة سانت كاترين والوادى الممتد من النقب إلى طابا (طريق النقب – طابا) وبه مجموعة منحوتات رائعة تمثل لوحات فنية يزيد من جمالها ورهبتها ضيق الوادى وكثرة منحنياته واتساعه عند بدايته ونهايته مما يترك فرصة كبرى للخيال الخصب، لذلك خيل للبعض أن هذا المنظر يمثّل العجل الذهبي وقيل أيضًا أن هذا الشكل ربما يمثّل القالب الذي صب عليه السامري العجل الذهبي الذي عبده بنو إسرائيل فوق التل المقابل لهذا النحت الذى عرف بمقام النبي هارون وذلك أثناء تغيب نبي الله موسى عنهم أربعون يومًا.

وأوضح الدكتور ريحان أن ما يعرف بقبر النبي صالح بمنطقة سانت كاترين فإنه لا علاقة له من قريب أو بعيد بنبى الله صالح وإنما المدفون بالقبر هو الشيخ صالح أحد شيوخ أهل المنطقة، وقد أطلق على أشهر أودية سانت كاترين وادى الشيخ نسبة إلى هذا الضريح وأن نبى الله صالح أرسل لقوم ثمود وعاش بمنطقة شمال الجزيرة العربية وكانت مساكن ثمود بالحجر والحِجْر أرض بها جبال كثيرة نحتت فيها منازل قوم ثمود وتقع فى المملكة العربية السعودية شمال المدينة المنورة وهناك آثار شهيرة للأنباط فى موقع الحجر القديمة يطلق عليها مدائن صالح مسجلة تراث عالمى باليونسكو.