هكـذا تحــدث الفـائز بنوبــل

هكـذا تحــدث الفـائز بنوبــل
هكـذا تحــدث الفـائز بنوبــل

حوار‭: ‬صالحة‭ ‬حداد - ترجمة‭:‬‭ ‬عبد‭ ‬الرحيم‭ ‬يوسف

عبد‭ ‬الرزاق‭ ‬قرنح‭ ‬مؤلف‭ ‬له‭ ‬تسع‭ ‬روايات‭: ‬‮«‬ذاكرة‭ ‬الرحيل‮»‬،‭ ‬‮«‬طريق‭ ‬الحجيج‮»‬،‭ ‬‮«‬دوتي‮»‬،‭ ‬‮«‬الفردوس‮»‬‭ (‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬القائمة‭ ‬القصيرة‭ ‬لجائزة‭ ‬البوكر‭ ‬وجائزة‭ ‬ويتبريد‭)‬،‭ ‬‮«‬الإعجاب‭ ‬بالصمت‮»‬،‭ ‬‮«‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬البحر‮»‬‭ (‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬القائمة‭ ‬الطويلة‭ ‬لجائزة‭ ‬البوكر‭ ‬والقائمة‭ ‬القصيرة‭ ‬لجائزة‭ ‬كتاب‭ ‬لوس‭ ‬أنجلوس‭ ‬تايمز‭)‬،‭ ‬‮«‬الهجران‮»‬‭ (‬القائمة‭ ‬القصيرة‭ ‬لجائزة‭ ‬كُتاب‭ ‬الكومنولث‭) ‬‮«‬الهدية‭ ‬الأخيرة‮»‬،‭ ‬‮«‬قلب‭ ‬الحصى‮»‬‭. ‬عمل‭ ‬أستاذا‭ ‬للغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬فى‭ ‬جامعة‭ ‬كِنت،‭ ‬وكان‭ ‬أحد‭ ‬محكمى‭ ‬جائزة‭ ‬مان‭ ‬بوكر‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2016‭. ‬ويعيش‭ ‬فى‭ ‬كانتربيري‭.  ‬

‭ ‬أهلا‭ ‬بك،‭ ‬أشكرك‭ ‬كثيرا‭ ‬على‭ ‬وقتك‭ ‬فى‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬أسئلتي‭.‬بالنسبة‭ ‬لى‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬حيوات‭ ‬أخرى‮»‬‭ ‬رواية‭ ‬آسرة‭ ‬وكاشفة‭ ‬بما‭ ‬تحكيه‭ ‬من‭ ‬قصص‭ ‬متعددة‭ ‬الأجيال،‭ ‬وبالسياقات‭ ‬التاريخية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬التى‭ ‬تشكل‭ ‬خلفية‭ ‬لها‭.‬كنت‭ ‬محظوظةبقراءة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬التاريخية‭ ‬لكُتاب‭ ‬أفارقة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحياة‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬وبدا‭ ‬كل‭ ‬كتاب‭ ‬قرأته‭ ‬أشبه‭ ‬بخبرة‭ ‬فريدة‭ ‬تعلمت‭ ‬منها‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬تواريخ‭ ‬البلاد‭ ‬الافريقية‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬أعرفه‭ ‬عن‭ ‬بلدى‭ ‬الجزائر‭. ‬لماذا‭ ‬تتعادل‭ ‬أهمية‭ ‬حكى‭ ‬القصص‭ ‬التاريخية‭ ‬مع‭ ‬حكى‭ ‬القصص‭ ‬الحاضرة،‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬سياق‭ ‬الأدب‭ ‬الافريقي؟

‭ ‬أحيانًا‭ ‬يمكن‭ ‬للكتابة‭ ‬عن‭ ‬لحظة‭ ‬تاريخية‭ ‬أن‭ ‬تكثف‭ ‬فهمنا‭ ‬لحدث‭ ‬أو‭ ‬زمن‭ ‬نعرفه‭ ‬فى‭ ‬إطاره‭ ‬الخارجى‭ ‬أو‭ ‬كواقعة‭ ‬بسيطة‭. ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬ان‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬التى‭ ‬تدور‭ ‬فيها‭ ‬أحداث‭ ‬القصة‭ ‬مهمة‭ ‬فعلا‭ ‬فى‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر،‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬الماضى‭ ‬أو‭ ‬الحاضر،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تكمن‭ ‬الأهمية‭ ‬فى‭ ‬الموضوع‭ ‬ومعالجته‭.‬

‭ ‬تغطى‭ ‬الرواية‭ ‬زمنًا‭ ‬تاريخيًا‭ ‬طويلا‭ ‬من‭ ‬فترة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الألمانى‭ ‬إلى‭ ‬الاستقلال‭. ‬أى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الأبحاث‭ ‬قمت‭ ‬به‭ ‬لتبعث‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬الطويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬فى‭ ‬عملك؟‭ ‬وهل‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬شبيها‭ ‬بعملية‭ ‬بحث‭ ‬إلياس‭ ‬فى‭ ‬نهاية‭ ‬رواية‭ ‬حيوات‭ ‬أخرى؟

‭ ‬موقع‭ ‬أحداث‭ ‬الرواية‭ ‬ليس‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬المكان‭ ‬الذى‭ ‬ولدت‭ ‬فيه،‭ ‬ولقد‭ ‬شببت‭ ‬مع‭ ‬قصص‭ ‬الحرب‭ ‬والأزمنة‭. ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬لديّ‭ ‬فى‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬بعض‭ ‬الخبرات‭ ‬الشخصية‭ ‬لتمدنى‭ ‬بالمعلومات‭ ‬عن‭ ‬الموضوع‭. ‬ثم‭ ‬كان‭ ‬اللقاء‭ ‬مع‭ ‬الكولونيالية‭ ‬الأوروبية‭ ‬جانبًا‭ ‬مركزيًا‭ ‬من‭ ‬تدريسى‭ ‬وبحثي‭. ‬قمت‭ ‬ببعض‭ ‬القراءات‭ ‬المركزة‭ ‬حول‭ ‬شرق‭ ‬أفريقيا‭ ‬الألمانى‭ ‬عززت‭ ‬فهمى‭ ‬لهذه‭ ‬الفترة،‭ ‬لكن‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬إلياس‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عليّ‭ ‬أن‭ ‬أتردد‭ ‬على‭ ‬الأرشيفات‭ ‬أو‭ ‬أجرى‭ ‬مقابلات‭ ‬شخصية‭ ‬مع‭ ‬الناس‭. ‬

‮«‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحياة‮»‬‭ ‬هى‭ ‬قصة‭ ‬متعددة‭ ‬الأجيال،‭ ‬حيث‭ ‬تعيش‭ ‬شخصيات‭ ‬كثيرة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬نفس‭ ‬الظروف‭ ‬القاسية‭ ‬للاستعمار‭ ‬والحرب‭ ‬والفقد‭ ‬والحرمان‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬كل‭ ‬شخصية‭ ‬فريدة‭ ‬ولديها‭ ‬آراء‭ ‬وأفعال‭ ‬وردود‭ ‬أفعال‭ ‬مختلفة‭ ‬صوب‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭. ‬هل‭ ‬اعتمدت‭ ‬أى‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬على‭ ‬أشخاص‭ ‬حقيقيين؟‭ ‬وأى‭ ‬شخصية‭ ‬كانت‭ ‬الأصعب‭ ‬فى‭ ‬إعادة‭ ‬بنائها‭ ‬أو‭ ‬تخيلها؟

لا‭ ‬توجد‭ ‬أى‭ ‬شخصية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬أشخاص‭ ‬حقيقيين‭. ‬تضاف‭ ‬شذرة‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬شذرة‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬هناك،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬متخيَل‭ ‬تمامًا‭ ‬بهدف‭ ‬خلق‭ ‬شخصية‭ ‬تدور‭ ‬فى‭ ‬ذهني‭. ‬ولأنى‭ ‬أعيش‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬لشهور‭ ‬أو‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬أثناء‭ ‬عملية‭ ‬الكتابة،‭ ‬تكتسب‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬صلابة‭ ‬أو‭ ‬واقعية‭ ‬قائمة‭ ‬بذاتها‭. ‬وبمجرد‭ ‬انطلاقها‭ ‬تبنى‭ ‬نفسها،‭ ‬إذا‭ ‬جاز‭ ‬القول‭.‬

‭ ‬هناك‭ ‬شخصيات‭ ‬نسائية‭ ‬فاتنة‭ ‬ومعقدة‭ ‬فى‭ ‬الرواية؛‭ ‬مثل‭ ‬آشا‭ ‬وعفية،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬النساء‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬التى‭ ‬تدور‭ ‬فيها‭ ‬الرواية‭ ‬كن‭ ‬فى‭ ‬الغالب‭ ‬يتعرضن‭ ‬للتجاهل‭ ‬فى‭ ‬مجتمعهن‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬يُنظر‭ ‬إليهن‭ ‬على‭ ‬أنهن‭ ‬صالحات‭ ‬فقط‭ ‬للبيت‭ ‬والزواج‭. ‬أحسست‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬شهادة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬النسائية‭ ‬يمكن‭ ‬كتابته‭ ‬جيدا‭ ‬فى‭ ‬قصة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬تقع‭ ‬فى‭ ‬أزمنة‭ ‬مختلفة‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬زمننا‭. ‬هل‭ ‬تعتقد‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بمقدور‭ ‬الكُتاب‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬يختلقوا‭ ‬أعذارا‭ ‬ويكتبوا‭ ‬عن‭ ‬شخصيات‭ ‬نسائية‭ ‬بسيطة‭ ‬أو‭ ‬أقليات‭ ‬بلا‭ ‬سلطة‭ ‬فقط‭ ‬بسبب‭ ‬الإطار‭ ‬الزمنى‭ ‬الذى‭ ‬تدور‭ ‬فيه‭ ‬القصة؟

لم‭ ‬يبدُ‭ ‬لي،‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬خبرتي،‭ ‬أن‭ ‬النساء‭ ‬يتعرضن‭ ‬للتجاهل‭ ‬كموضوعات‭ ‬للكتابة‭. ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬نقطة‭ ‬هامة‭ ‬فى‭ ‬رؤية‭ ‬أنهن‭ ‬كن‭ ‬أحيانا‭ ‬يُمَثلن‭ ‬كشخصيات‭ ‬دون‭ ‬قوة‭ ‬أو‭ ‬طموح،‭ ‬وفى‭ ‬أحيان‭ ‬أخرى‭ ‬كان‭ ‬يجرى‭ ‬أسطرتهن‭ ‬كشخصيات‭ ‬ذات‭ ‬قوة‭ ‬غير‭ ‬واقعية‭. ‬يعود‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬القارئ‭ ‬بالطبع‭ ‬فى‭ ‬تلقى‭ ‬أو‭ ‬رفض‭ ‬جهود‭ ‬الكاتب،‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬الأعذار‭ ‬التى‭ ‬تصاحبها‭.‬

تلمس‭ ‬روايتك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الموضوعات‭ ‬الحساسة‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تثير‭ ‬إزعاج‭ ‬القراء،‭ ‬مثل‭ ‬قرارات‭ ‬وأفعال‭ ‬إلياس‭ (‬شقيق‭ ‬عفية‭)‬،حين‭ ‬يقرر‭ ‬إلياس‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ (‬العسكري‭) ‬رغم‭ ‬معارضة‭ ‬واحتجاجات‭ ‬صديقه‭ ‬خليفة‭ ‬كى‭ ‬يحارب‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الألمان،‭ ‬ونعرف‭ ‬أنه‭ ‬أراد‭ ‬عودة‭ ‬المستوطنات‭ ‬قرب‭ ‬نهاية‭ ‬الرواية‭. ‬مع‭ ‬معرفتنا‭ ‬للدوافع‭ ‬الكامنة‭ ‬خلف‭ ‬أفعال‭ ‬إلياس‭ ‬وآرائه‭ -‬حيث‭ ‬شب‭ ‬مع‭ ‬الألمان‭- ‬هل‭ ‬تمثل‭ ‬هذه‭ ‬الدوافع‭ ‬عذرًا‭ ‬كافيًا‭ ‬لتعاونه‭ ‬وقبوله‭ ‬للمستعمرين؟‭ ‬وهل‭ ‬كان‭ ‬كشفك‭ ‬التام‭ ‬لدوافعه‭ ‬دعوة‭ ‬للقراء‭ ‬ربما‭ ‬ليروا‭ ‬الأشخاص‭ ‬الحقيقيين‭ ‬مثله‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬أكثر‭ ‬دقة؟

نعرف‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الجنود‭ ‬الذين‭ ‬حاربوا‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬كانوا‭ ‬أفارقة،‭ ‬بعضهم‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬البلد‭ ‬وبعضهم‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬أبعد‭. ‬تطوعوا‭ ‬ليحاربوا‭ ‬كمرتزقة‭ ‬إمبرياليين،‭ ‬ضد‭ ‬أفارقة‭ ‬آخرين‭. ‬كانت‭ ‬لديهم‭ ‬أسبابهم‭ ‬للالتحاق‭ ‬بهذه‭ ‬المعركة‭: ‬العمل‭ ‬المأجور،‭ ‬حظوة‭ ‬الارتباط‭ ‬بالسلطة،‭ ‬المغامرة‭. ‬من‭ ‬موقعنا‭ ‬فى‭ ‬التاريخ‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬هذا‭ ‬الارتباط‭ ‬غير‭ ‬مفهوم؛‭ ‬لكنه‭ ‬سيكون‭ ‬أقل‭ ‬غموضًا‭ ‬لو‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬السياق‭. ‬لا‭ ‬فائدة‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬حادثة‭ ‬تاريخية‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬دون‭ ‬التعاطف‭ ‬أو‭ ‬الفهم‭ ‬لدوافع‭ ‬فاعليها‭.‬

‭ ‬موضوع‭ ‬المرض‭ ‬حاضر‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬فى‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحياة‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬ذاتها‭. ‬تصف‭ ‬كتابتك‭ ‬بتمكن‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مريضًا‭ ‬بطريقة‭ ‬قوية‭ ‬لدرجة‭ ‬أنى‭ ‬استطعت‭ ‬الشعور‭ ‬بالألم‭ ‬الذى‭ ‬تعانى‭ ‬منه‭ ‬الشخصيات‭. ‬هذا‭ ‬المقطع‭ ‬بالتحديد‭ ‬عن‭ ‬والد‭ ‬خليفة‭ ‬لفت‭ ‬انتباهي‭: ‬‮«‬وقف‭ ‬خليفة‭ ‬لبرهة‭ ‬ينظر‭ ‬إليه،‭ ‬نحيلا‭ ‬ومنكمشا‭ ‬للغاية‭ ‬فى‭ ‬موته‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬قويا‭ ‬جدا‭ ‬وأشبه‭ ‬ببطل‭ ‬فى‭ ‬حياته‮»‬‭. ‬نرى‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬القليلة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصنعه‭ ‬مرض‭ ‬ما‭ ‬بشخص‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬قويًا‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬هل‭ ‬ميلك‭ ‬لوصف‭ ‬المرض‭ ‬بهذا‭ ‬الأسلوب‭ ‬القوى‭ ‬إثبات‭ ‬لهشاشة‭ ‬الحياة‭ ‬البشرية؟‭ ‬وكيف‭ ‬يتصل‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬خاص‭ ‬بعنوان‭ ‬روايتك؟

‭ ‬ميلى‭ ‬للكتابة‭ ‬عن‭ ‬الأمراض‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الزمن‭ ‬هو‭ ‬لتأمل‭ ‬تفشيها‭ ‬حينها،‭ ‬وفى‭ ‬الحقيقة‭ ‬لإظهار‭ ‬كم‭ ‬كان‭ ‬الناس‭ ‬ضعفاء‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬عواقبها‭. ‬ليس‭ ‬فى‭ ‬العنوان‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب،‭ ‬لكنه‭ ‬يتصل‭ ‬بالأسلوب‭ ‬الذى‭ ‬يستعيد‭ ‬به‭ ‬الناس‭ ‬حياتهم‭ ‬بعد‭ ‬الصدمة‭.‬

‭ ‬للرواية‭ ‬موضوعاتها‭ ‬الجوهرية‭ ‬القاسية‭ ‬جدًا،‭ ‬لكن‭ ‬موضوع‭ ‬الحب‭ ‬حاضر‭ ‬أيضا‭ ‬بقوة‭. ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الشخصيات‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بالحب‭ ‬أو‭ ‬العاطفة،‭ ‬أو‭ ‬لديها‭ ‬حب‭ ‬ما‭ ‬تجاه‭ ‬مهنة‭ ‬معينة؛‭ ‬مثل‭ ‬الحب‭ ‬بين‭ ‬عفية‭ ‬وحمزة،‭ ‬وحب‭ ‬إلياس‭ ‬لأخته‭ ‬عفية،‭ ‬وسعادة‭ ‬حمزة‭ ‬بالنجارة،‭ ‬وميل‭ ‬ابنه‭ ‬نحو‭ ‬حكى‭ ‬القصص‭. ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬شخصيات‭ ‬الرواية‭ ‬تستمر‭ ‬فى‭ ‬طريقها‭ ‬رغم‭ ‬مأزقها‭ ‬والوضع‭ ‬العالمي؟

‭ ‬إنه‭ ‬أحد‭ ‬الأشياء‭ ‬التى‭ ‬تجعل‭ ‬الناس‭ ‬تستمر‭ ‬فى‭ ‬طريقها‭: ‬العاطفة‭ ‬والمودة‭ ‬الصغيرة‭ ‬التى‭ ‬نمدها‭ ‬نحو‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬أصعب‭ ‬الأوقات‭.‬

باعتبارك‭ ‬كاتبًا‭ ‬تنزانيًا‭ ‬مشهودًا‭ ‬له‭ ‬ومحتفى‭ ‬به‭ ‬وصاحب‭ ‬خبرة‭ ‬كبيرة،‭ ‬ما‭ ‬نصيحتك‭ ‬للكُتاب‭ ‬الجدد‭ ‬والصاعدين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬البلاد‭ ‬الأفريقية؟

لا‭ ‬توجد‭ ‬أى‭ ‬نصيحة‭ ‬أعرفها‭ ‬غير‭ ‬الاستمرار‭ ‬فى‭ ‬الكتابة‭.‬

جرى‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬والجزائر‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬البريد‭ ‬الإلكتروني‭. ‬ونُشر‭ ‬فى‭ ‬يناير‭ ‬الماضى‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬مجلة‭ ‬أفريكا‭ ‬إن‭ ‬ديالوج،‭ ‬وهى‭ ‬مجلة‭ ‬إلكترونية‭ ‬حوارية‭ ‬تؤرشف‭ ‬الرؤى‭ ‬الإبداعية‭ ‬والنقدية‭ ‬مع‭ ‬الحكائين‭ ‬البارزين‭ ‬فى‭ ‬أفريقيا‭.‬