700 مليار جنيه تكلفة مشروعات تنميتها فى 6 سنوات

تعمير سيناء.. ترجمة عملية لاستقرار الحـالة الأمنية

محطات معالجة المياه بسيناء
محطات معالجة المياه بسيناء

كتب: أحمد جمال

بعد أن ظلت الحرب ضد الإرهاب الشاغل الأكبر للمصريين فى شبه جزيرة سيناء خلال السنوات الماضية تبدل الوضع أخيراً بعد أن طفت مشروعات التعمير والتنمية على السطح وأضحت مسيطرة على جهود الدولة فى دلالة مهمة على نجاح الجهود الأمنية والانتقال إلى مرحلة أخرى ستكون فيها التنمية هى رأس الحربة فى عملية تأمين سيناء، الأمر الذى ستكون له نتائجه الإيجابية على أرض الواقع خلال السنوات المقبلة.

خلال افتتاحه محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر، أشار الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أن الحرب فى سيناء حربان إحداهما على الإرهاب وأخرى للتنمية، وهو ما يؤكد على أن استراتيجية شاملة أمنية واقتصادية وتنموية تستهدف قطع الطريق على أى محاولات من شأنها تهديد الأمن القومى المصرى من الجبهة الشرقية.

حققت القوات المسلحة بالتعاون مع الشرطة نجاحات أمنية مهمة استطاعت أن تمهد البيئة المواتية لتأمين المشروعات العديدة التى دشنتها الحكومة خلال السنوات الماضية، ووصلت جهود التنمية إلى وسط وشمال سيناء، وهو ما يدعم ثقة المواطنين الذين ستكون أمامهم فرص عديدة للاستفادة من هذه المشروعات تحديداً مع افتتاح المشروع الأخير الذى يهدف لاستصلاح 400 ألف فدان وما يوفره من مياه معالجة لهذا الأمر بطاقة 5٫6 مليون متر مكعب يوميا.

قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، خلال كلمته أثناء افتتاح محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر، إن سيناء شهدت فترة صعبة بسبب العمليات الإرهابية المتكررة، ولكن الرئيس السيسى أعلن عن المشروع القومى لتنمية شمال سيناء عن طريق تنميتها ورفع جودة البنية التحتية، تزامنًا مع الحلول الأمنية لمواجهة الإرهاب، مشيراً إلى أن الدولة خططت لاستغلال كل الموارد الطبيعية الموجودة على أرض سيناء من أجل توطين الشباب المصرى وزيادة الرقعة المعمورة.

وأوضح أن الدولة خططت لمد جسور التنمية إلى سيناء لربطها بقلب الدولة المصرية؛ والتغلب على عزلها الذى كان عائقا لمدة طويلة، ثم استهداف تطوير البنية التحتية، وزيادة الاستثمارات، وخلق فرص عمل للشباب، وأن الرئيس السيسى وجه بتسريع عمليات التنمية فى سيناء، مضيفا: "حجم المشروعات المنفذة فى سيناء تم بتكلفة تجاوزت 700 مليار جنيه مصرى خلال 6 سنوات فقط".

تعددت المشروعات التنموية فى شبه جزيرة سيناء خلال السنوات الماضية، لعل أبرزها إنشاء نفق الشهيد أحمد حمدى 2 وطريق الإسماعيلية العوجة لربط شرق سيناء بغربها، ومطار البردويل الدولى، وطريق النفق ــ رأس النقب، ويعد من أهم الطرق الحديثة بوسط سيناء، ويربط بين آخر جزء بشرق سيناء بآخر نقطة من ناحية الغرب.

وكذلك إنشاء محطة تحلية مياه البحر بالعريش، ومحطة معالجة مياه الصرف الصحى بمدينة الطور، إلى جانب انطلاق العمل فى 18 تجمعا تنمويا لزرع الصحراء بالبشر بعمق سيناء افتُتح من بينها التجمع التنموى أبو رصاصة، والتجمع التنموى النثيلة 1-3، وتجمع طيبة التمد، وهى تجمعات موزعة بمناطق وسط سيناء وجنوبها منها 11 تجمعا فى شمال سيناء و7 تجمعات بجنوب سيناء.

ويضم كل تجمع متكامل أراضى زراعية مجهزة، منزلا، ديوانا، مسجدا، مدرسة تعليم أساسي، ساحة رياضية، مرافق خدمية متنوعة، أنشطة ومشروعات إنتاجية، هذا إلى جانب المدن الجديدة  التى مازالت فى مراحل الإنشاء وعلى رأسها مدينة الإسماعيلية الجديدة وستستوعب قرابة 314 ألف نسمة، مدينة سلام مصر (شرق بورسعيد)، التى تشمل 4340 وحدة سكنية و4889 وحدة سكنية بالمنطقة السياحية، ومدينة رفح الجديدة وتضم نحو 10 آلاف وحدة سكنية و400 بيت بدوى، ومدينة بئر العبد الجديدة التى تشمل نحو 16٫6 ألف وحدة سكنية.

وكذلك جرى إنشاء 81 ألف وحدة سكنية و400 منزل بدوى، فى شمال ووسط سيناء، والانتهاء من 2000 وحدة سكنية بالكامل فى مدينة المساعيد بالعريش، إضافة إلى إنشاء العشرات من التجمعات السكنية البدوية وسط سيناء، والبدء فى إنشاء مدينة سلام مصر، التى تصنف كعاصمة اقتصادية جديدة، وتبعد عن بئر العبد بمسافة 40 كيلو مترًا.

وإنشاء شبكة طرق واسعة بإجمالى أطوال تبلغ 2400 كيلو متر، تضمنت إنشاء 26 طريقا، وتطوير مطار العريش الدولي، وجارٍ تطوير ميناء العريش البحرى ورفع كفاءته بهدف جعله يضاهى وينافس الموانئ البحرية الأخرى كما تم إنشاء مرسى للصيادين برمانة، إضافة إلى تطوير بحيرة البردويل.

من جانبه، أوضح الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن نجاح الحرب على الإرهاب بمفهومها الأمنى أتاح المجال للانتقال لمستوى ثانٍ من مواجهة الإرهاب يرتبط بالشق التنموى الذى يتضمن إقامة المشروعات المختلفة وتقديم فرص عمل لأبناء سيناء وهو ما يعزز من الانتماء والمواطنة لدى المواطنين ليكونوا بمثابة حائط الصد الحقيقى لاستكمال ما جرى إنجازه على المستوى الأمني.

وأضاف أن أبناء سيناء يستفيدون بصورة مباشرة من المشروعات التنموية، بالتالى سيكونون أكثر حرصًا على أن تمضى الدولة فى تحقيق المزيد من النجاحات الأمنية والتنموية التى تضمن لهم حياة كريمة، وهو ما تعمل الحكومة على توفيره من خلال ربط سيناء بمدن القناة وإقامة مجمعات عمرانية حديثة تساهم فى تسريع حركة توطين المواطنين وشغل الصحارى الشاسعة.

وأوضح أن المشروعات التنموية تمهد لتوسيع العمران بعيداً عن شريط نهر النيل الضيق، وتستهدف مشروعات الحكومة تحسين البيئة المعيشية لأبناء سيناء أولاً حتى يكون هناك جذب للمواطنين للذهاب إلى هناك، وهو ما يجرى تنفيذه بالتوازى مع جهود نشر الوعى وتسليط الضوء على المشروعات الجديدة وعوائدها وأهميتها بالنسبة للشباب الخريجين الذين أضحى لديهم آفاق واسعة نحو ريادة الأعمال بعيداً عن الوظائف الحكومية التقليدية.

وأشار اللواء عادل العمدة، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، إلى أن الوصول للنجاحات الحالية فى سيناء جاء من خلال خطة استراتيجية لمكافحة الإرهاب تكونت من ثلاثة محاور؛ الأول، أمنى ويهدف إلى تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على الصفوف الأولى والثانية والثالثة من التنظيمات الإرهابية ومن ثم شل قدرتها على الحركة أو التأثير، وقطع الطريق أمام وصول عناصر أو أموال جديدة إليهم.

وشكل التعامل مع الأفكار المتطرفة التى بثتها هذه التنظيمات، ثانى محاور مكافحة الإرهاب، وبث الأفكار الوسطية وتوعية المواطنين وتجديد الخطاب الدينى الذى يدحض الأفكار المتطرفة، فيما ارتبط المحور الثالث بالمضى قدمًا باتجاه تنفيذ العديد من المشروعات التنموية.

وأضاف أن انخفاض وتيرة العمليات الإرهابية بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين مقاربة بما كانت عليه منذ النصف الثانى من العام 2013 ، يترجم نجاح تنفيذ الاستراتيجية الشاملة، وأن الذهاب باتجاه تنفيذ الشق التنموى سيكون صعبًا من دون أن يكون هناك حراسة وحماية فى بيئة صالحة تقوض جذب العناصر الإرهابية إلى سيناء.

وذهب اللواء أشرف أمين، الخبير فى مكافحة الإرهاب، للتأكيد على أن مشروعات التنمية تترجم بشكل مباشر تحسن الحالة الأمنية، وأن مردود جهود مكافحة الإرهاب تظهر واضحة من خلال حجم المشروعات المنفذة على الأرض تجديداً فى وسط وشمال سيناء، مشيراً إلى أن عوائد هذه المشروعات تعود إيجابًا على قوات الجيش والشرطة لأن توطين سيناء وشغلها بالمواطنين يساعد على سرعة جمع المعلومات عن أى عناصر متطرفة.

وأضاف أن الحكومة اختارت الطريق الأسلم فى تنمية سيناء بعد أن بدأت بتدشين المعابر والأنفاق التى تربط بين شمال وجنوب البحر الأحمر وتؤدى للوصول إلى شمال سيناء، إضافة إلى تطوير شبكة الطرق وتوطين العديد من المشروعات الصناعية وهو ما انعكس بشكل إيجابى مباشر على المواطنين الذين تلمسوا التطور الحاصل حولهم.

وأوضح أن افتتاح محطة معالجة مياه بحر البحر بعث برسائل عديدة مفادها أن الحكومة تعمل على توفير الأجواء المناسبة لإنجاح المشروعات والمستثمرين المحليين والأجانب وكذلك جذب المواطنين، وأنه آن أوان استغلال الصحارى الشاسعة من خلال استثمارات زراعية مختلفة سيكون لها دور مهم فى عملية العمران.

وأشار الدكتور وليد مدبولي، خبير الاقتصاد والتخطيط وإدارة المشروعات، إلى أن الإهمال الذى تعرضت له سيناء على مدار عقود طويلة يجعل الحكومة ساعية نحو الاهتمام بالبنية التحتية وأولها المياه حتى يكون هناك استدامة للمشروعات الأخرى، على أن يتبع ذلك اهتمام أكبر بالمشروعات الخدمية التى تجذب المواطنين للذهاب إلى هناك من خلال التوسع فى إقامة المدارس والجامعات وتحسين مستوياتها، مع ضرورة توفير عوامل جذب عديدة إليهم.