أكلات شعبية سيناوية تراثية.. أشهرها اللصيمة

صورة أرشيفية -  اللصيمة
صورة أرشيفية - اللصيمة

 يتميز التراث السيناوي بالكثير من المأكولات المميزة، ومن بينها الأكلات الشعبية التى أصبحت ضمن مكونات التراث الشعبي السيناوي ويتناقلها أبناء سيناء جيلا بعد جيل حتى أصبحت لصيقة بالتراث الشعبي السيناوي، وفي مقدمتها: اللصيمة أو اللِّبة كما يطلق عليها في البادية.

 

وقال رئيس جمعية متحف التراث السيناوي كمال الحلو إن التراث إما مادي أو معنوي؛ فالمادي، كالآثاروالمتاحف والتحف التذكارية والحلى والصور الفوتوغرافية والمجوهرات والقطع الأثرية والأنتيكات، أما الشق المعنوى للتراث (وهو ما يعرف باسم التراث الشعبي) فيتكون من عادات الناس وتقاليدهم كالفلكلور الشعبى من الحكايات والأمثال الشعبية والأشعار والقصائد والأهازيج وأنواع اللعب والأغانى وأساليب التداوى والولائم والوجبات (الأكلات الشعبية ) التى تعود إلى عصور قديمة.

من جانبه أشار عبد العزيز الغالى عضو اتحاد الكتاب وأمين عام متحف التراث السيناوى ومؤلف كتاب "مطبخ سيناء" إلى أنه نظراً لاختلاف طبيعة الحياة في الصحراء أصبح التراث الطهوى أو تراث الغذاء يعد من الجوانب التي تعكس تميز وخصوصية سيناء (بدواً وحضرا)، كما أن طبيعة العيش في الصحراء واجتماع البدو في الليل حول جلسات "السامر السيناوي" حيث النار المشتعلة وبكارج القهوة السيناوية قد عكست الكثير من جوانب الثقافة المادية والمعنوية لدى سكان بادية شبه جزيرة سيناء، وأنها تعكس عادات وتقاليد بدو سيناء في معيشتهم اليومية.

وقال إنه من خلال التعرف على بعض عادات وتقاليد أهل بادية سيناء من خلال مأكولاتهم الشعبية .. فهناك الكثير من الأكلات الشعبية السيناوية التراثية، وفى مقدمتها : اللصيمة أو اللِّبة كما يطلق عليها في البادية والتى تعد من أشهر أكلات أهل سيناء الشعبية، مشيرا الى أن هذه الأكلة الشعبية موجودة في سيناء منذ قدوم سيدنا موسى (عليه السلام)، وقد عرفها أهل الطور بجنوب سيناء أولا في وادى طور سيناء ثم انتشرت منه إلى باقى مدن سيناء، والمعروف أنه الخبز الذى قدمه سيدنا شعيب عليه السلام إلى سيدنا موسى (وله مذاق خاص)، ولقد عرف أهل الأردن وبلاد الشام هذه الأكلة وأسموها "القرص" كما عرفت قديماً لدى أهل دول الخليج العربى ويطلقون عليها اسم (القُرْصَان).

وأضاف أن "اللصيمة" انتشرت لسهولة طهيها، كما أنها ليست مكلفة، وتعد من الوجبات كاملة القيمة الغذائية؛ فمكوناتها عبارة عن : دقيق وماء مع ذرة وملح ، وتعجن وتوضع في النار وتخرج من النار نظيفة بدون ذرة رمل ، ويتم خبز ( قرص المُلَّةْ ) وهو عبارة عن دقيق يتم عجنه وتجهيزه على هيئة رغيف كبير جدا وسميك .. ثم تشعل النار حتى يتم تسخين الرمال تحتها .. ثم يوضع القرص ويغطى بالرمال الساخنة حتى ينضج ، ويتم إخراجه وتنفيضه ويتم تقطيعه ثم يشوى العجر ( وهو البطيخ الذى لم ينضج ) أو الباذنجان بديلا عنه إذا فيتم شيّه وتنظيفه ثم تقطع الطماطم ويضاف الفلفل البلدى ويتم عجن كل ذلك بالأيدى .. ثم يُصَب زيت الزيتون بغزارة ، وتقدم ساخنة للأهل وللضيوف .

ولفت الى أن اللصيمة من أهم وأشهر الأكلات التراثية لدى بدو سيناء، ومن العادات المتبعة أثناء أكلها قيام الشيخ الكبير بتوزيع أجزاء من حرف اللبة (أي قطع صغيرة من القرص المطهى) على الحضور لتعم البركة قبل أن يتم تجهيزها ، وتمثل عهداً وميثاقاً لمن أكلها ألا يخون ، ويتم أثناء خبزها التجهيز لعمل الشاى والقهوة كنوع من الكرم إذا حل ضيف أو غريب أو ضل الطريق فتقدم له اللصيمة ثم يتم تقديم فنجان قهوة أو شاى له.

وأوضح أن "اللصيمة" تعتبر مضاداً حيويا لاحتواء عناصر الوجبة على كل الفيتامينات اللازمة للجسم .. فالعجر المشوى ( البطيخ الصغير ) المكون الأساسى للصيمة فوائده لا تعد ولا تحصى .. فهو يغسل المثانة ومدر للبول وينظف البطن ويُكثر ماء الظهر ويُعين على الجماع وينقى البشرة ، وهو ملين خفيف يساعد فى حالات الإمساك وعلاج لضغط الدم المرتفع ، وهو كذلك من الأغذية المفضلة لمرضى قرحة المعدة والذين يعانون من الحموضة ويقوي الدم ويفتت حصى الكلى ويخفف الأمراض الجلدية .. كما أن زيت الزيتون يساعد على هضم هذه الأكلة الدسمة المشبعة.

العجر المشوي

كما أن هذه الأكلة خالية من الكوليسترول مما يعدها غذاء وعلاجاً طبياً ، ولذلك أقبل عليها الأهالى بكثرة هذه الأيام للعلاج من كورونا أو كترياق أو حصانة تقيهم ضعف المناعة للجسم وللوقاية من داء الكورونا .. إذ أن اللصيمة تمنح الشخص طاقة كبيرة خاصة فى فصل الشتاء ، وتعتبر مضادًا حيويًا طبيعيًا لنزلات البرد وأمراض الشتاء . بالإضافة إلى أن زيت الزيتون يساعد المعدة على هضم الطعام ويعمل كمُلين للمعدة ، والفلفل الأخضر يحارب كثيرًا من الفيروسات داخل الجسم .

ويتميز المجتمع السيناوى عن غيره أيضا بأنواع أكلات معينة من الطعام الصحى والطبيعى والذى يطهى بطريقة صحية على نار الحطب ، ومن أشهرها : 

- المنسف : ويعتبر من أشهر الوجبات الشعبية بين البدو والحضر ، وسُمى بالمنسف لأن صوانى الطعام يتم نسفها (أي لا يتم إرجاع أى شىء منه) نظراً لمذاق الطعام الجميل، وهو عبارة عن فتة عيش ( الرقاق ) بالشوربة أو اللبن والسمن البلدى والذى يغطى بالأرز الأصفر وفوقه كُتل من لحم الماعز أو الضأن الطازج، وتغطى برغيف من الرقاق وتقدم ساخنة للضيوف وأهل الديار.

المنسف السيناوي

- العصيدة: وتعد الوجبة الاعتيادية لأهل الصحراء والبادية فى سيناء وتتكون من دقيق وسمن ولبن وبعض فصوص الهيل المطحون ، وقبل نضجه بقليل تضاف كمية من التمر إلى الخليط .

- الفراشيح : وهى عبارة عن عيش الرقاق البدوي، وتعتبر من أنواع الحلويات القليلة فى قائمة طعام البدو ، وتنفرد السيدات بإعداده دون الرجال .. حيث يحتاج في خبزه إلى دقة لفرد القرص ، ويتكون من دقيق ولبن وسكر و يمتاز الخليط بأنه سائل يتم سكبه على الصفيح الساخن كطبقة رقيقة تتماسك فور سكبها ، ويتناوله الصغير والكبير فور رفعه من فوق الصاج بشراهة .

الفراشيح

الفراشيح
- الكمونية: وهي الأكلة المفضلة لديهم على الإطلاق .. فهى عبارة عن أجزاء الخروف أو الماعز (الكبد والطحال والأمعاء) فيتم غسلها جيدا بالماء والملح ونقعها فى خل وبصل ، وبعد ذلك يتم تقطيعها قطعًا صغيرة ويتم تحمير البصل والطماطم فى طاسة مسطحة ثم تضاف إليهما القطع المتبلة بعد تصفيتها ، وبعد ذلك إضافة الملح والفلفل مع كثير من الكمون الذى يضفى على المكان رائحة رائعة مع رائحة الفحم .
- الجريشة : وهي من الأكلات الشهيرة .. خاصة بجنوب سيناء، وهى عبارة عن قمح مجروش على الرحى ويخلط بالسمن المستخلص من زبدة ماعز مخلوطة بالكركم والأعشاب الجبلية الجميلة واللبن.

- الفسيخ المقلي: وهو سمك البورى أو الدنيس المملح ، ويقلى في الزيت على النار ، ويستخدم في افطار يوم عيد الفطر المبارك عقب صيام رمضان . 

ويشكل الطعام السيناوى عامة ببساطته وطريقة طهيه على الحطب المـأخوذ من الأشجار المتواجدة بالطبيعة ميراثا عريقا وعظيما .. فهو جزء من ثقافة وحياة سكان شبه الجزيرة؛ حيث يصل الماضى بالحاضر ويشكل جزءا من التراث .


وعادة ما يعقب تناول الطعام في بادية سيناء تناول القهوة المطحونة بالهيل المحمص التى تشرب سادة ويطلق عليها اسم : قهوة عربى أو خضراء .. كما يقبل الأهالى على شرب الشاى المضاف إليه الزعتر البرى والمرمرية والقرنفل ، والذى يصنع دائما على حطب النار ليكون مذاقه مميزا وممتعا .