فوجئت بحفيدتي الكبري «ملك» ذات العشر سنوات من عمرها.. تزورني برفقه أسرتها.. وهي حزينة باكية تتجنب الحديث معي كعادتنا دائماً وعندما استفسرت عن حالتها أجابني ابني: إنها لم تتمكن من الحصول علي البطولة في لعبة الكاراتيه التي تمارسها ومعها شقيقها الأصغر.. فابتسمت وأخذتها إلي ركن من الصالون الذي نجلس فيه قائلا لها :هل معني أنك خسرت البطولة أنك لن تمارسي هذه الرياضة، أجابتني: يا جدو أنا أديت ما علي ولكن منافستي كانت أقوي مني وأجدر بهذه البطولة فقلت لها: إذن ما يحزنك، عليك أن تفهمي جيدا أن الرياضة مشوار طويل وجولات كثيرة من الهزائم والإنتصارات ولا يوجد بطل رياضي في العالم لم يهزم أو يترك الرياضة لضياع بطولة ما ولابد أن تنسي تماما هذه المباراة وأن تكون هي حجر الأساس في الإنطلاق لتحقيق كل البطولات القادمة وأن تتمسكي دائما بالروح الرياضية التنافسية وأن يكون التدريب الجيد هو طريقك للمنافسة الشريفة.. وجدتها ترتمي بين أحضاني وتشكرني وتؤكد أنها سوف تحقق كل كلامي لها.. وكم كان جميلاً أن أخبرتني في مساء اليوم التالي أنها ذهبت إلي التمرين وحققت تقدما كبيرا فيه مع بقية الفريق.
نعم إن الأساس في ممارسة الرياضة هو التمسك بالروح التنافسية الحقيقية بين اللاعبين في مختلف الألعاب مهما اختلفت الأعمار كما أن التشجيع الرياضي هو الطريق الأوحد لدفع الفرق واللاعبين لتحقيق النتائج الرائعة علي أرض الملاعب في جميع الألعاب سواء كانت فردية أو جماعية وحتي لو كانت علي المستوي المحلي أو الدولي.. ومن منا ينسي كارثة التشجيع السيئ الذي كان وراء مذبحة ستاد بورسعيد منذ أربع سنوات والتي راح ضحيتها 74 شابا من مشجعي النادي الأهلي وذلك نتيجة سيئة للتعصب الأعمي الذي قاد إلي هذه الجريمة الرياضية وما تبعها من توقف طويل ومؤسف للنشاط الكروي المصري.. ثم الكارثة الأخري التي وقعت في ستاد الدفاع الجوي وراح فيها 22 مشجعا زملكاوياً أثناء التدافع للدخول إلي أرض الملعب لمشاهدة المباراة.. هذه صور للتشجيع والتعصب الأعمي ونعلم جميعا كم دفعنا فيها عددا كبيرا من الشباب الذين راحوا ضحايا وشهداء أبكوا أمهاتهم وأباءهم ولم تجف عليهم الدموع حتي الآن.
ولكن هناك صورة مضيئة للتشجيع الرائع الذي كان وراء تحقيق فوز المنتخب المصري لكرة اليد مؤخرا بالبطولة الأفريقية علي منافسه التونسي وذهابه إلي بطولة الأليمبياد في ريو دي جانيرو بالبرازيل، هذا المنتخب الذي لم يعرف الكثيرون منا أحدا من أبطاله ولم يتلق الدعم المادي أو المعنوي المناسبين رغم أنه حصل علي هذه البطولة الأفريقية خمس مرات متتالية وهذا لم يحققه المنتخب الكروي منذ 8 سنوات والذي ينفق عليه الملايين وكل فرد فيه علم معروف للكبير والصغير من الشعب وتتسابق البرامج الفضائية في الحديث عنه واستضافته بصفة دائمة.
إننا نتمني أن نعيد غرس الروح الرياضية والتشجيع السليم والنابع من الأخلاق القويمة الدافعة في نفوس شبابنا واللاعبين والوقوف وراءهم بكل الحب والوطنية لتحقيق كل الانتصارات الرياضية من أجل رفع العلم المصري خفاقاً عالياً في السماء وفي جميع المحافل الدولية والعالمية في كافة أنواع الرياضة.