فرفش كده | رمانا الهوى!

رمانا الهوى
رمانا الهوى

أظن أننى أستحق دخول موسوعة جنيس للأرقام القياسية لأننى تعلمت السباحة فى أقل من دقيقة واحدة.

كان ذلك فى الخامسة من عمرى، قلت لوالدى: «عايز اتعلم العوم يابا زى العيال»..

فأخذنى من يدى إلى بحر النيل، وبمجرد أن خلعت ملابسى وأصبحت عاريا كما ولدتنى أمى، احتضننى ومشى بى فى النهر لمسافة بعيدة، وفجأة رمانى فى الغويط، فوجدتنى فى الأعماق أواجه الموت وحدى، والأسماك تنظر إليّ فى شفقة، قبل أن أطفو من جديد على السطح، وأبتلع كميات كبيرة من الماء، وأشاهد أبى يضحك كأنه يتفرج على مشهد كوميدى.


مددت إليه يدى لينقذنى ولم يتحرك، وغصت فى الأعماق مرة أخرى، والأسماك الصغيرة تجمعت حولى تصرخ وتولول فى محاولة لاستدعاء أحد من الجن لينقذنى من موت محقق.


ركبت على أكتاف الجنى حتى طفوت من جديد إلى السطح، وأنا أقرر عدم الاعتماد على أبى، وأستخدم كلتا يداى وأقدامى للوصول إليه، وكنت أظن أن المسافة بيننا سوف تتقلص ولكنها كانت تتسع، إلا أن الجنى ساعدنى حتى لمست جسد أبى فانتشلنى من الماء وأعادنى إلى حضنه، أما أنا فقد كنت أبكى وأرتعد وغير قادر على التقاط أنفاسى. 


أما القفز فى الماء من مسافة عالية جدا فقد تعلمته فى رابعة ابتدائى من أجل الفوز بقلب بنت جميلة بفيونكات ملونة وفستان نظيف، كانت تأتى من البندر مع أهلها، وتتفرج علينا ونحن نسبح، وقعنا جميعا فى غرامها، وكل عيل من العيال حاول إثبات أنه الأحق بامتلاك مشاعرها، واحتدمت المنافسة بين أربعة كنت واحدا منهم. 


الأول كان يغطس فى الماء ويضرب العيال بالشلاليت على رؤسهم ليعلن أنه الأقوى، والثانى كان يضع يده الثقيلة على رأس العيال فى الماء ليزهق أرواحهم ويضحك بغباوة وهو ينظر إلى وجهها وهى تبتسم، والثالث يغطس تحت الماء ولا يظهر إلا - بعد مرور ساعة على الأقل - على الشاطئ الآخر للنهر ليثبت أنه الأطول نفسا ويقف متفاخرا وهو يشاور لها «باى باي» وتحرك يدها له «باى باى».


أما أنا فقد اخترت أن أتسلق أطول نخلة على النيل وألقى بنفسى منها فى الماء والبنت الجميلة تراقبنى وتصرخ من هول الصدمة، وأكرر التسلق والقفز لأستمتع بخوفها علىّ، حتى اصطدمت فى النهاية بحجر فى الماء شق رأسى، واعتزلت غرامها.