«القرملاوى» .. أديب الجوائز : لم أقلد رواية محفوظ

أحمد القرملاوي
أحمد القرملاوي

الكتابة وسيلته للتعبير عما يدور فى وجدانه، وقد نجح فى التوغل داخل أعماق قرائه، مما صنع له قاعدة جماهيرية أخذت تتسع مع كل نص أدبى يصدر له، إنه الروائى والقاص أحمد القرملاوي، الذى نشر أول أعماله مطلع عام 2013، وصدرت له مجموعتان قصصيتان وخمس روايات، بالإضافة إلى كتاب مترجم بعنوان «كافيهات» للأديب الفرنسى ديديه بلوند، وميزة القرملاوي أن قراءه يمثلون مختلف الأطياف والمراحل السنية جماهير فى شتى أنحاء عالمنا العربي، وقد تُوجت رحلته بالعديد من الجوائز تأتي في مقدمتها جائزة معرض الكتاب وفي هذا الحوار الشائك يتحدث القرملاوي «للأخبار» عن أسرار رحلته الأدبية ويجيب برحابة صدر عن أسئلة قد تقسو أحيانا.

درست الهندسة، فما علاقتها بالأدب؟
لا يوجد تناقض بين الأدب وأي عمل آخر، فالأدب إعادة تصوير وصياغة الحياة طبقًا لرؤية الأديب، وهو أمر يُمكن استلهامه من أي مجال يعمل فيه الإنسان. وبالنسبة لي، فقد كان توجهى إلى الفن والأدب أسبق بكثير على الهندسة، فلم يكن عمرى قد تجاوز الثانية عشرة حين اهتممت بالأدب والموسيقى والشعر والخيال.

حدثنا عن أهم أعمالك الأدبية؟

جميع أعمالي على نفس الدرجة من الأهمية بالنسبة لي، فهذه هي محطات الرحلة التي صنعت مني الشخص الذي تهتم الآن بمحاورته، وإن كان البعض يربط الأهمية بحصول العمل على جائزة كبيرة أو تحويله إلى فيلم سينمائي أو عمل درامي، غير أن هذا المعيار لا يُمثلنى على الإطلاق.

أما عن أبرز إبداعاتي فقد نشرت مجموعتي القصصية الأولى «أول عباس» عام 2013، ثم رواية «أمطار صيفية» التي حازت جائزة الشيخ زايد للكتاب عن فئة المؤلف الشاب عام 2018، ثم رواية «نداء أخير للركاب» التي نالت جائزة أفضل رواية في اليوبيل الذهبي لـ معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2019.

و ما العمل القريب إلى قلبك والذى يُعبر عن شخصك؟
قد يكون العمل الأكثر التصاقًا بتجربتي الشخصية واستلهامًا لسيرة عائلتى الذاتية هو «ورثة آل الشيخ»، غير أنني أرى أن جميع أعمالي تعكس وجهة نظري عن الحياة من زوايا مختلفة، كما أن جميع شخصياتي الرئيسية تتأثر بي وتُعبِّر عني بشكل أو بآخر.

البعض يرى أن هناك تشابهًا بين أحداث رواية «ورثة آل الشيخ» وحديث الصباح والمساء لنجيب محفوظ.. ما ردّك؟
وماذا ترى أنت؟.. بالفعل البعض تحدَّث عن تذكره لأجواء حديث الصباح والمساء أثناء قراءة ورثة آل الشيخ، وهذا أمر طبيعى ناتج عن كون الروايتين تعالجان نفس الفترة التاريخية، أما الحديث عن التشابه في الأحداث فهو غريب بدرجة كبيرة.

هل ترى نفسك رائدًا لنوع جديد من الأدب المصري؟
بالتأكيد لا، فلو رأيت فى نفسى ذلك لصرتُ حبيس هذا التصوُّر الخيالي، ما قد يُفقدنى متعة التجريب والإبداع وحرية التجربة والخطأ.

أرى أن الأديب عليه ألا ينشغل بهذه الآراء والتصوُّرات، وأن يُترك ذلك للنقاد فهم الأقدر على التحليل والتنظير والأدرى بالسياق العام لاتجاهات الأدب المصرى، وكل ما يشغلني هو أن أستمتع بما أكتب وألا أُكرر نفسى من عمل إلى آخر.

البعض يرى أنه لا يوجد رابط بين مغامرات وحكايات «نداء أخير للركاب».

حبَّذا لو ترتّب لى لقاء مع هذا «البعض» حتى نتناقش فى آرائهم وأفهم عنها المزيد، يخوض البطل فى رواية «نداء آخير للركاب» رحلة متصلة ذات محطات متوالية لإعادة اكتشاف حياة أبيه الغائب والتعرف على تجربته، فلا أفهم حقيقةً من أين سيأتى عدم الترابط. لكن تبقى القراءة تجربة ذاتية ووجهة نظر شخصية، ومن غير الممكن أن يتفق الجميع على وجهة نظر وحيدة فى أى عمل أدبى أو فنى.

لماذا تعتمد على العوالم الموازية أو الخيالية فى معظم أعمالك؟
كتابة القصة والرواية عمل تخيلى فى الأساس، فأنا لا أكتب التحقيقات الصحفية ولا أنقل الواقع بحذافيره بالتأكيد، بل أعالجه بخيالي فى صورة شخصيات وحكايات، أما ما يمكن وصفه بالعوالم «الموازية» أى غير القريبة بالنماذج المعروفة فى الحياة الواقعية، فلم أكتب هذا النوع سوى فى روايتى الأولى فقط، «التدوينة الأخيرة»، وهى من أمتع التجارب التى خضتها مع الكتابة الإبداعية،

فى رواية «أمطار صيفية»، يرى بعض القراء أن كشفك للنهاية فى مطلع الرواية أضعفها؟
لهم أن يروا ما يشاءون، ولى رؤيتى الفنية التى أعبّر عنها من خلال البناء الروائى والأسلوب السردي، «أمطار صيفية» ليست بالعمل التشويقى الذى يعتمد على كشف لغز ما فى نهاية الرواية، بل عمل تأملى يُشرِّح صراعًا ما يدور تحت جلد الواقع الذى نراه، لذا فإننى أعتبر النهاية التى أفضَت إليها الأحداث مدخلًا للصراع وليس العكس.

ما ردك على تعليق البعض بأن «دستينو» أقرب إلى فيلم تشويقى منها إلى نص أدبي؟
تقنية البناء والكتابة فى «دستينو» بعيدة كل البعد عن الكتابة السينمائية، وسيحتاج مَن يحوِّل هذه الرواية إلى فيلم سينمائي للكثير من الخيال والمهارة فى صياغة السيناريوهات، غير أننْى سعيد بهذا التعليق، فقد حاولتُ في هذه الرواية أن أبنى حبكةً مشوِّقة تزيد من متعة التلقي أثناء القراءة، ومن الطبيعي أن تتأثر أجناس الحكى ببعضها البعض، ولا بد أن جميع من كتبوا النصوص الأدبية فى النصف الثاني من القرن والعشرين وما تلاه قد تأثروا بتقنيات السينما وطريقتها فى الحكي.