محمد عدوى
أيام قليلة وتحل ذكرى مهمة.. انتصار أكتوبر، العبور، يوم تغير فيه الواقع وتحقق ما كان يصنف مستحيلا، يوم رسم البهجة والفخر على وجوه الجميع.. 6 أكتوبر لم يكن انتصارا عسكريا فقط.. كان درسا، إعلان إرادة شعب، نحن نريد أن نصنع شيئا مختلفا، نسترد من خلاله الكرامة والأرض، أن نعيش مرفوعى الرأس دون خجل.
مرت سنوات اقتربت من الخمسين عاما، ونحن نفخر بهذا اليوم وسوف يظل 6 أكتوبر يوم فخر إلى أبد الدهر.. سوف يظل إعلانا للقدرة المصرية والعظمة العسكرية والتخطيط المتقن والإرادة والإخلاص والوفاء.
ربما تكون من باب المصادفة أن أولد فى شهر أكتوبر للعام 1973، ربما يكون قدرا، لكنه بالتأكيد شيئا يدعونى دائما للزهو والسعادة، لم أعش ولم أدرك لحظات الفرحة بالانتصار.. أدركت أهمية أكتوبر بعد أن وعيت.. لكنى الآن أعرف شعور الشعب الذى خرج للفرحة عشية الانتصار المجيد.. أنا الآن أعرف جيدا وأقدر شعور والدى عندما كان يقول ويحكى دائما عن بكاءه لحظة الانتصار.. أدرك وأفهم مشاهد الفرحة التى جاءت فى أفلام حفظناها وعشقناها جسدت اليوم العظيم سينمائيا، أدرك وأقدر سعى وفرحة رأفت الهجان بطل الصقور الذى ساهم فى هذا الانتصار بشكل أو بآخر.. كنت أتمنى أن أكون أيضا مساهما، كنت أريد وأنا صغير أن يزداد فخرى بالمشاركة فى هذا الانجاز.. راودتنى مشاعر كثيرة وتخيلات كثيرة.. هناك دائما فرق بين المشاركة فى الحدث والسماع عنه.
لوهلة وأنت تفكر فى الكيفية التى تم بها العبور.. الخطة التى أبهرت العالم والظروف التى مرت بها البلاد لتخرج من الضيق إلى البراح.. تدرك أن هذا تم بالعمل، فقط العمل الجاد المتقن.. العمل هو الخلاص، هو الغاية.
يمكن أن يكون “كل يوم 6 أكتوبر”.. يمكن أن تشعر به دون أن تمسك ببندقية وتحارب.. فى رأيى الحرب لم تنته.. أن تعمل وترى نتيجة هذا العمل، أن ترى تغييرا يحدث هو انتصار.. أن تتصدى لما كان يراه البعض مستحيلا وتغيره هو انتصار.. أن تغير واقع فرض عليك هو انتصار.
نحن الآن نعيش فى كل أسبوع “يوم 6 أكتوبر”.. لست مبالغًا أو أُعبر مجازيا.. فقط طُل بنظرك حولك.. اعطْ قلبك فرصة لإدراك ما يحدث.. مصر قبل 73 كانت شيئا، وبعده كانت شيئا آخر.. مصر الآن شيئا وقبل أعوام قليلة كانت شيئا آخر، مصر تتغير وتنتصر فى معركة جديدة، حربا جديدة، حرب التطوير والانجاز والعمل الدائم والمتواصل، لا تقل أهمية عن حرب استرداد الأرض، البناء أصعب، ومصر الآن تبنى.. الشعور الوطنى بالفخر إن طابت نفسك وجلست تفكر بحب وبذهن صاف سوف ترى أنه يزداد ويماثل شعور الأولين الذين عاصروا 73، بناء المكان والإنسان مهمة ليست بالسهلة، المعركة مستمرة والعمل الجاد يتواصل، حكى لى صديق مغترب أنه عاد إلى مصر ووجدها تغيرت كثيرا.. هذا شعور النصر.. هذه إرادة شعب وقائد يدرك أن المعركة لم تنته، يدرك أن الماضي يرفع الرأس والحاضر يجب أن يكون كذلك.. فى كل أسبوع يوم 6 أكتوبر.. ملحمة دائمة تحدث، انتصار جديد.. وأياما مجيدة.
إن كنت محظوظا وسعيدا بكونى من مواليد أكتوبر 73 وغاضبا لأننى لم أشارك فى هذا النصر، فأنا أيضا محظوظ وسعيدا وأنا أرى مصر جديدة، جمهورية جديدة يتم تدشينها بمفهوم النصر الذى تحقق فى سيناء.. أدركت وأسعى الآن أن أكون مشاركا.. أنْ أعمل وأبذل العرق فى عملى.. هذا هو المفهوم الذى تحقق به الاعجاز الوطنى.. هذا هو المفهوم الذى يتبناه الرئيس عبد الفتاح السيسى.. هذا ما يفعله الرجل كل يوم.. مصر تتغير بالعمل.. الملحمة تحدث كل أسبوع، افتتاح كل يوم ومبادرة كل يوم وبناء كل يوم، إنجاز وإعجاز لا يتحققان إلا بالإيمان والعمل.. الإيمان بأن هذا الوطن يقدر ويستطيع بالعمل.. الإيمان بأن هذا الرجل يعمل ويستطيع.
إذا كان نصر أكتوبر تم تجسيده سينمائيا ودراميا فى كثير من الأعمال.. فأظن أن المعركة الحالية والانجاز الحالى يستحق أيضا أن نراه على الشاشة.. أنْ يعمل أهل الفن وأن ينجزوا أعمالا مهمة ليس فقط عن ما يحدث، ولكن أن يعملوا بروح أكتوبر وروح الجمهورية الجديدة.. روح أكتوبر مازالت حية ونشطت مؤخرا ومازالت المعركة مهمة ومستمرة.