مفاجأة الطب الشرعي في واقعة اغتصاب فتاة المنوفية

الضحية
الضحية

حبيبة جمال

مكالمة تليفونية من رجل لم يقل اسمه، أبلغنا فيها باغتصاب فتاة صغيرة السن، بواسطة شخصين، لمدة ٤ أيام كاملة، ولأن ما قاله خطير وواقعة مؤلمة، قررنا على الفور السفر لمكان الواقعة بمحافظة المنوفية للتحقق من الواقعة، التقينا بكل الأطراف، الفتاة صاحبة البلاغ، وأسرتها، كما تعرفنا على تحريات المباحث في الواقعة في محاولة لمعرفة الحقيقة، وكانت نهاية رحلتنا الكثير من المفاجآت لم نكن نتوقعها، وهذه هي التفاصيل.

في تمام العاشرة صباحا، تحركنا من أمام مبنى اأخبار الحوادثب، بوسط المدينة الصاخبة، متجهين لمحافظة المنوفية محل الواقعة المثيرة، وتحديدا مدينة تلا، قاطعين عشرات الكيلومترات حتى وصلنا بيت الفتاة، محطتنا الأولى، هو بيت صغير، أثاثه يدل على ضيق الحال وظروف الأسرة الصعبة، رحبت بنا والدة الضحية بعدما أخبرناها بهويتنا، ثم جلست تحكي لنا التفاصيل، فقالت: اأنا سيدة بسيطة، أعمل في مجال خدمة البيوت، لدي من الأطفال ثلاثة، أكبرهم اهـايديب، التي سارت على نهجي، فعرفت الشقاء منذ الصغر، وتعمل أيضا في البيوت شغالة، يوم الواقعة؛ طلبت منها الذهاب للمدينة نفسها حتى تشتري لنا طلبات للبيت، فأخذت هاتف والدها معها حتى نطمئن عليها، تأخرت كثيرا، بدأ القلق يسيطر علي، فاتصلت بها لكن لا أحد يجيب، وأحيانا نجد الخط مفتوح ونشعر وكأن هناك من يسمع صوتنا ولا يرد فازداد القلق أكثر بنا، خرجت كالتي فقدت عقلها أبحث عن ابنتي في الشوارع، وعندما فقدت الأمل، لم اتردد في أن اذهب لتحرير محضر اختفاء، وبعد ٤ أيام بدون نوم أو حتى طعام، وجدت ابنتي تدخل علينا منهكة غارقة في دمائها، لتحكي لنا الكارثة التي حلت علينا جميعًا؛

وهي أنها تم اغتصابها بواسطة أشخاص خطفوها، وفقدت عذريتها، لم أشعر بنفسي وقتها، سقطت على الأرض، تجمد الدم في عروقي، تمنيت أن أكون في كابوس، لكنها الحقيقة المؤلمة، على الفور ذهبنا للمركز وتقدمنا ببلاغ آخرب. 

صمتت الأم قليلا وبدأت تتساقط من عينيها الدموع، واستكملت قائلة: اكان نفسي أفرح بيها، وأشوفها عروسة، زي أي أم بتحلم باليوم ده، لكن منهم لله حرموني من اللحظة دي، حتى نظرات الناس لم ترحمنا، ولم يقف بجانبنا أحد من جيراننا أو حتى أقاربنا، كل ما أريده هو حق ابنتي والقصاص العادلب.

هنا تعلق سؤال بذهني بلا إجابة؛ كيف لعائلة تعلم أن ابنتهم تم اغتصابها بوحشية ولم يتحرك فرد من أفرادها دفاعًا عن المجني عليها؟!

بيت في الزراعات

كانت هايدي تجلس بالقرب منا وطبيعي أن نسألها عما حدث لها، ما الذي حدث لها في الأيام الأربعة التي عاشتهم مخطوفة في وكر هذين الذئبين، فقالت والحزن بدا على وجهها: ابعدما اشتريت طلبات المنزل، وأثناء وقوفي على الطريق ابحث عن سيارة للعودة، فجأة وجدت نفسي مخطوفة بواسطة شخصين داخل التوك توك، بعدما كتما أنفاسي، حاولت الاستغاثة لكن لم أنجح في ذلك، حتى وصلنا لبيت مهجور وسط أرض زراعية، ووضع احدهما المطواة على رقبتي، واعتديا علي جنسيا دون أن تردعهما توسلاتي.

 ٤ أيام أطلب منهما أن يتركاني أذهب لأسرتي ولكن بلا فائدة، ٤ أيام دون طعام أو شراب، حتى عندما يتركاني، يظلان واقفين أمام البيت، حاولت أكثر من مرة أن أهرب، لكني لم أنجح في ذلك، حتى بدأ والدي ينشر صوري على الفيس بوك، من هنا شعر الشابان أنهما في خطر، فقررا تركي، فمن وقت الحادث وأنا لا أنام، واستيقظ مفزوعة من النوم، فتقدمت أنا وأمي ببلاغ ضد هذين الشخصين، ورجال النيابة أخذوني للمكان الذي كنت فيه ومثلت ما حدث معي، وتم توقيع الكشف الطبي علي، فأمرت النيابة بحبس المتهمين ٤ أيام على ذمة التحقيقب. 

كانت هذه الرواية الأولى كما قصتها علينا الطفلة ووالدتها، بالتأكيد هناك أسئلة وألغاز وحلقات مفقودة في تلك الواقعة، أسئلة كثيرة دارت داخل عقولنا، كيف يتم اختطافها في وضح النهار وفي منطقة مليئة بالسكان دون أن ينقذها أحد أو حتى يكون هناك شاهد واحد يروي ما شاهده؟!، حتى في وسط حديثنا معها ذكرت اسم المتهم بالكامل، فكيف حفظته بهذا الشكل؟!، كيف كانت تلك الفتاة التي لم يتعد عمرها الـ ١٧ عاما على هذه الدرجة من التركيز لتحفظ المكان المهجور والذئبان يضعان السلاح الأبيض على رقبتها؟!، حتى لم نجد أي جرح ظاهر على جسدها يوحي بأنها كانت تقاوم أو تعرضت للعنف، حتى الجيران، فليس من عادات أهل الريف ترك جارهم لوحده في مأزق كهذا دون الوقوف بجانبه؟!، ما شعرنا به هناك هو أن الجيران جميعهم بلا استثناء لا يريدون التحدث مع أهل الفتاة، الحقيقة أنها أسئلة جعلت الشك يتملك منا، فتواصلنا مع مصادرنا داخل مديرية الأمن بمحافظة المنوفية لمعرفة الرواية الأمنية، وكانت المفاجأة. 

مفاجآت

ما حدث لتلك الفتاة كان برغبة منها مقابل مبلغ من المال، وعندما رفض المتهمان إعطاءها المبلغ قررت الانتقام منهما والادعاء بأنهما اغتصباها، أيضا لم يكن هناك محضر اختفاء تم تحريره للفتاة كما ادعت الأم، تحريات المباحث أثبتت أن الأب  متهم في عدة قضايا منها المخدرات، السرقة، والدعارة، حتى الأم كان لها نصيب من تلك القضايا.. عرفنا أيضًا أن الأب قرر تسجيل فيديو لابنته ويحكي فيه ما حدث لها كذبًا وزرًا في محاولة لابتزاز أهالي المتهمين، وبناء على هذا الفيديو تم القبض عليه بتهمة نشر البلبلة وإثارة الرأي العام، أيضا التقرير الأولي للطب الشرعي أثبت أن الفتاة فقدت عذريتها منذ شهر أي قبل الواقعة. 

تواصلنا هاتفيًا مع محامي الفتاة أحمد بكر، الذى تولى الدفاع عن حق الضحية لنعرض عليه ما عرفناه، فقال: اما أعرفه أن الطبيب الذي وقع الكشف الطبي على الضحية أبلغني أنها تعرضت للاغتصاب بعنف وبناءً عليه فقدت عذريتها، ولكن ليس معي صورة من هذا التقرير حاليا، أيضا المتهمين تم توجيه تهمة الاغتصاب لهما، وتجدد حبسهما ١٥ يومًا على ذمة التحقيق، حتى أن أهالي المتهمين عرضوا على أسرة الطفلة مبلغ ٦٠٠ ألف جنيه للتنازل، لكنهم رفضواب!

أما بخصوص السجل الجنائي لوالد ووالدة الفتاة، فقال: الا أعرف عن تلك القضايا شيئا، كل ما أعرفه أن الأب عليه حكم بالضرب وذلك بسبب خلافات بينه وشقيقته، وهي في طريقها للتصالحب. 

كانت هذه هي التفاصيل الكاملة للواقعة، نقلناها إليكم دون التحيز لطرف ضد الآخر، فنحن لسنا جهة تحقيق، وفي النهاية يبقى للقضاء والذي سيقول كلمته في تلك القضية الحكم الذي هو عنوان الحقيقة، فما زالت التحقيقات مستمرة.