كتب: إسلام عبدالخالق
«يا مأمنة للرجال يا مأمنة للميّه في الغربال».. مثل شعبي دارج في قرى الريف ضُرب قبل الكثير من السنين للتحذير من غدر الحبيب بمحبوبته؛ لكن «أم صفاء» لم تفطن لذلك وآمنت لزوجها أكثر من اللازم رغم علمها بأنه لا يؤتمن، حتى إذا ما راعته رغم سرقته إياها وحفظته في غربته عاد وشهرّ بها واتهمها زورًا بأنها قد حولت طفلهما من ذكرٍ لأنثى، بل وتمادى في ذلك ليزعم أن حقنة طبية وراء ما حدث، وأنه قد ضرب الزوجة مرارًا وتكرارًا لأجل أن تعترف فرفضت، ليشوه صورتها بين أهالي قريتهما ويجذب بحديثه اهتمام القاصي والداني، ويخرج الموضوع من مجرد إدعاء إلى الملأ يثير الشكوك حول الزوجة وسلوكها، قبل أن تتكشف الحقيقة ويتهدم معبد الكذب على رأس صاحبه، وإلى التفاصيل.
حكاية لها العجب.. وصف يكاد يتطابق مع الواقعة التي شهدتها قرية مناجاة أبو وحش، التابعة لمركز الحسينية بمحافظة الشرقية؛ بعدما خرج أحد أهل البلدة إلى العامة يتهم زوجته بالكذب عليه وإنجاب طفلًا في أثناء غربته للعمل بإحدى الدول العربية، وأنه حينما عاد فوجيء بأن الطفل ما هو إلا بنت، وحينما سأل الزوجة أخبرته بأنه كان ولدًا لكن بخطأ طبي وعن طريق حقنة أخذها وقتما ارتفعت حرارته يومًا تحول إلى بنت.
الزوج، ويُدعى راضي، حداد، قال؛ إنه سافر إلى إحدى الدول العربية للعمل بها، وذلك يوم السبت 15 أغسطس عام 2015م، لكنه بعد ثلاثة أشهر بالتمام والكمال، وعشية يوم الأحد 15 نوفمبر من نفس العام، فوجيء بزوجته تُهاتفه وتُخبره بأنها أنجبت طفلًا في الليلة السابقة لاتصالها، وطلبت منه أن تُسمي الطفل محمد أو باسم، لكنه رفض الاسمين واختار للمولود اسم مصطفى، مؤكدًا في حديثه على أنه ظلّ يطمئن من زوجته على نجلهما طوال أربع سنوات، حتى عاد فجأة نهاية عام 2019م، ليتفاجأ بأن من في البيت أنثى من صلبه وليست ذكرًا، وحينما استفسر من الزوجة أخبرته بأن البنت هيّ مصطفى نجلهما، وأن حقنة بالخطأ قيمتها مائتين وسبعون جنيهًا وراء تحوله من ذكرٍ إلى أنثى، ليؤكد ويزعم الرجل وهوّ يتذكر تفاصيل تلك الليلة أنه ضرب زوجته لأجل أن تُخبره بالحقيقة فلم تحيد عما أخبرته به قيد أُنملة، فيما اتسعت دائرة التأثر بذلك الحديث بين أهل البلدة والبلاد المجاورة، قبل أن تخرج الزوجة عن صمتها وتكشف حقيقة الاتهام وكواليس ما حدث.
رد الزوجة جاء مغايرًا لما تفوه به زوجها واتهمها به؛ إذ أكدت على أن ما تحدث به الزوج محض كذب وافتراء، قبل أن تزيد في ذلك وتتهمه بسرقة ذهبها فور زواجهما، حيث كانت تعمل "خياطة" وجمعت مالًا اشترت به فيما بعد ذهبًا قبل زواجها منه، لكنه بدلًا من أن يُحافظ عليها سرق ذهبها، وبحسب حديثها لم يكُن ذا مسؤولية قبل وأثناء سفره للعمل بالخارج.
«أم صفاء» أكدت على أن زوجها كان على علم بحملها وأنها قد أنجبت أنثى لا ذكرا، وأن الطفلة أسمتها صفاء وليس مصطفى، لكن الموظف المختص والمسؤول عن تسجيل المواليد هوّ من أخطأ في تسجيل البنت ولدًا وأسماه مصطفى بدلًا من صفاء، قبل أن تشير الزوجة إلى أن زوجها، وفور عودته من الخارج، سعى معها لتغيير اسم ابنتهما وسارا معًا في الإجراءات اللازمة لذلك، منوهةً بأن ما فعله كان بهدف التشهير بها لا أكثر، وأنه سبق واعتدى عليها بالضرب.
«كداب وحرامي».. وصف صادم اختتمت به الزوجة حديثها وهي تشير إلى سيرة زوجها وصورتها الذهنية المنطبعة داخل عقلها، إذ أكدت على أنه سرقها من قبل وزاد الطين بلة بأن ادعى زورًا واختلق رواية كاذبة كما حديثه بأن طفلتهما كانت ذكرًا وليس أنثى، قبل أن تنوه بأنه سرد حكاية لا أساس لها من الصحة، خاصةً وأنه كان برفقتها في كل خطوة منذ حملها، حتى أنه سافر إلى الخارج للعمل وهوّ يعلم تمام العلم أنها حامل في بنت وليس ولد، بل إنها كانت كثيرًا ما تدعمه طوال غربته بإرسال الأموال والحاجيات الشخصية بدلًا من أن تنتظر منه الدعم كحال كل من يغترب عن أسرته لأجل العمل، بيد أنها اعتادت أن زوجها ليس الزوج الذي كانت تأمله وترجو أن تستظل بظله، فهوّ حتى ليس كوقع المثل الشعبي «ضِل رجل ولا ضِل حيطة».
كذب وافتراء
الواقعة نالت اهتمام كبير من جانب الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، والتي أصدرت بيانًا أكدت خلاله؛ على أن الزوج كان يزعم ويتهم زوجته وشقيقها زورًا بإثبات طفل ذكر باسمه أثناء تواجده خارج البلاد للعمل عام 2015م، في إشارة إلى حديثه الذي زعمّ خلاله بأنه عقب عودته عام 2019م اكتشف أن الطفل أنثى وليس ذكرًا، وحال مواجهته زوجته أخبرته بأنها أنجبت طفلة وعندما سعت لإثباتها بمكتب الصحة اكتشفت فيما بعد أنه تم إثباتها بشهادة الميلاد باسم ذكر عن طريق الخطأ من الموظف المختص.
الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية قالت؛ إن الجهات الأمنية بمديرية أمن الشرقية استدعت الزوجة وشقيقها، وبسؤالهما أنكرا ما جاء في اتهام الزوج لهما، قبل أن يتهمانه بالاعتداء على زوجته بالضرب ومحاولة التشهير بهما، وسط تأكيد من جانب الزوجة على أنها وضعت طفلتها صفاء في عملية ولادة أجرتها بأحد المستشفيات بمحافظة الشرقية، وأن شقيقها وزوجته كانا برفقتها أثناء الوضع، وهوّ ما أكدته الزوجة بأن زوجها كان على علم بحدوث خطأ أثناء تسجيل بيانات الطفلة، وأنه ذهبّ رفقتها فور عودته لاستكمال إجراءات تصويب الاسم الخطأ، لكنه فجأة قرر أن يختلق روايةً كاذبةً وخرج إلى الناس يسردها كما لو كانت حق، وهوّ يعلم تمام العلم أنه لا يفتعل سوى الكذب والافتراء ويسعى للتشهير بها وبشقيقها ليس إلا.