كتب.. تامر عادل
منذ ما يقرب من عام، تشاجر عدة أشخاص بـ أسلحة نارية على الطريق الرئيسي بـ “شربين كفر الغاب” بالدقهلية، وخوفًا من تفاقمها تدخل “لمعى” - صاحب مقهي - ومعه آخرون واستطاعوا الإمساك بهؤلاء الشباب، لكن المفاجأة .. أن المشاجرة كان سببها تجارة المخدرات، وهو ما اكتشفته القوة الأمنية وقتها عندما وجدت بصحبتهم كميات كبيرة من مخدر الحشيش.
تحولت الواقعة إلى قضية، وأصبح «لمعى» الشاهد فيها، ولكي يخرج هؤلاء الأشخاص قبل الحكم عليهم حاول ذويهم تهديد «لمعي» بتغيير شهادته، وعندما رفض؛ حاولوا قتله، وراح ضحية الواقعة «محمد» أثناء جلوسه صدفة في مقهى «لمعي». التفاصيل في السطور التالية..
مر شهر على تخرج «محمد» في كلية التجارة شعبة اللغة الإنجليزية بجامعة المنصورة، وهذا الشهر، هو الأول له بعد حياة دراسية نالت منه ما نالت من تعب وكد وجهد وإرهاق، وعليه، كان طوال هذا الشهر يخرج يوميًا مع أصدقائه يجلسون في مقهى على الطريق يتسامرون فيه بعض الوقت.
موتوسيكل
الساعة الآن الثانية بعد منتصف الليل، صباح يوم العاشر من هذا الشهر، محمد ومعه ثلاث من أصدقائه يجلسون على طاولة مستديرة في مدخل قهوة المعلم «لمعي»، وأمامهم المشروبات التي طلبوها.
الهدوء ليلًا حل محل ضجيج هذا الشارع المزدحم نهارًا، الشارع الرئيسي المؤدي إلى شربين كفر الغاب. والذي تقع فيه قهوة «لمعي» والتي حدثت أمامها قبل عام تلك المشاجرة التي سبق ذكرها.
لم يقطع هذا الهدوء إلا صوت محركات ثلاث دراجات نارية، يقتربون من المقهى، وعلى كل دراجة منها يركب شخصان. في البداية لم يكن هناك أي شبهة حولهم، اللهم إلا صوت محركات دراجاتهم المزعجة بعض الشيء.
لكن ما فزع الجالسون على المقهى في لحظة واحدة، أن راكب إحدى الدراجات قال بصوت مرتفع : «جينا لك يا لمعي».
وما أن قيلت هذه الجملة إذا بوابل من الرصاص ينطلق من أسلحتهم النارية التي كشفوا عنها من داخل ثيابهم صوب كل الجالسين على المقهى، بشكل عشوائي.
لحظة فزع كانت هي تلك اللحظة، والتي وجد الحاضرون أنفسهم في مرمى نيران عشوائية دون أي سبب..
بعد أن تحرك مطلقو النيران من أمام المقهى فارين أطلقوا البقية من رصاصتهم على كل ما تقع عليه عيناهم، من محلات وسيارات وخلافه.
اصابة بالخطأ
إحدى هذه الطلقات الطائشة، استقرت في بطن «محمد» وأسقطته على الأرض وهو ينزف، نزفًا شديدا جعلت الشاب العشريني يغيب عن الوعي في لحظات قليلة.
أما عن الطلقات الأخرى فاستقرت رصاصتين في قدمي الحج «لمعي» نفسه صاحب القهوة، والذي لوحظ من تلك العبارة التى قالها أحد المهاجمين أنه كان هو المستهدف من تلك الواقعة المميتة.
وكان السؤال هنا، ما السبب الذي جعل هؤلاء الأشخاص يقبلون على قتل رجل بهذه الطريقة.
إجابة هذا السؤال بدأت قبل عام، عندما أبلغ «لمعي» الشرطة عن مشاجرة قامت أمام قهوته وأمسكوا فيها شخصين معهما اسلحة نارية وبعضا من مخدر الحشيش الذي يمثل كمية إتجار وليست تعاطي.
كمية المخدر التي كانت بحوزتهما جعلت «لمعي» ورجاله يتحفظون على أطراف الشجار حتى قدوم الشرطة، وما أن حضرت وتم اقتياد المتهمين إلى قسم الشرطة والتحفظ على ما معهما من مخدرات وأسلحة نارية حرر ضدهما محضرًا بالواقعة والحرز وإحالة المحضر بعد سماع أقوال شهود العيان إلى النيابة العامة للتحقيق فيها.
تهديد
بعد أن تم إحالة الواقعة إلى النيابة العامة، وجد «لمعي» نفسه محاطا بالكثير من الاتصالات الهاتفية من ذوي المقبوض عليهما وكلهم يحاولون معه بأكثر من طريقة لرجوعه عن شهادته التى قالها أمام جهات البحث وينفيها أمام النيابة العامة حتى يخرج الشباب من القضية.
لكن «لمعي» رفض هذا رفضًا قاطعًا، في كل مرة كانوا يتصلون به كانوا يجدون نفس الرد حتى اتبعوا معه أسلوبا آخر، وهو التهديد.
وعلى مدار أيام وشهور، أثناء نظر القضية في النيابة العامة وفي الجهات القضائية كان يتلقى منهم تهديدات بالجملة، لكنه كان صامدًا عازمًا على قراره، لا رجوع فيه ولا تراجع عنه.
استمر هذا الوضع قرابة عام، حتى جاء موعد النطق بالحكم، وتم الحكم بالسجن ١٥ عامًا على هؤلاء المتهمين بسبب الإتجار في المخدرات الأمر الذي جعل التهديد يدخل في حيز التنفيذ.
انتقام
يوم النطق بالحكم كان يوم الثامن من شهر سبتمبر الحالي، وحاولوا الانتقام بتلك الطريقة بعد أقل من يومين من صدور الحكم على المتهمين، لكن بدلا من أن يقتلوا «لمعي» كما قرروا وخططوا ونفذوا، قتلوا خطأ «محمد» ذلك الشاب الذي صادف وقوع تلك الجريمة جلوسه على القهوة بصحبة أصدقاء له.
مات «محمد» عن عمر يناهز الـ ٢٢ عاما بدون أي سبب أو ذنب، قتلوه لأنهم أرادوا قتل صاحب المقهى، ذلك الذي أبى أن يغير شهادته وأن يشهد زورًا.
يحكي «لمعي» في حديثه لـ «أخبار الحوادث» قائلا: «من حوالي ١١ شهرا كنت ماشى على الطريق رايح أقابل مراتى واولادى على الطريق الرئيسي شربين كفر الغاب، وانا ليا كافتيريا على الطريق دا، فوجئت بمشاجرة بين 4 شباب على الطريق ووجدت سلاحا ناريا مع أحد الأشخاص الذين يتشاجرون، فاندفعت ناحيتهم وأمسكنا شخصين وسلمناهم لقوة مباحث مركز شرطة شربين، ووجدنا معهم 12 فرش حشيش وطبنجة 9 م».
واستكمل: «عند التحقيق معهم عرفت أنهم من قرية «ديم الشلت» مركز دكرنس محافظة الدقهلية، ووضع ضابط المباحث اسمى واسم شيخ البلد عندنا في القرية شهود، وثاني يوم ذهبت إلى النيابة لأدلي بشهادتي أمام السيد وكيل النائب العام، فوجدت أهالى المتهمين بالخارج يتحايلون عليا علشان أغير شهادتى، فرفضت ونهرتهم بالكلام، ودخلت لوكيل النيابة أدليت بشهادتي بما يرضى الله، وبعد رجوعي إلى المنزل فوجئت برقم بيرن عليا ويهددني بالقتل ليا أنا واطفالى، سارعت بتسجيل المكالمة وارسلتها إلى ضابط المباحث»
واختتم: «بعدها بفتره جاني تهديد بالخطف كذا مرة، وآخر شيء كانت مساومة على مبالغ مالية لأغير شهادتى ولكننى رفضت، وآخر شيء كان يوم ١٣ من أغسطس الشهر الماضي قبل الواقعة ب 9 ايام، وعرض عليا مائتي ألف جنيه وعدد 2 بندقية آلية، وحماية طول العمر، ولكنني رفضت أيضًا، وكانت جلستهم يوم ٧ من الشهر الحالي، وتم الحكم عليهم بالسجن 15 سنة، وبعدها بيومين، وتحديدًا يوم ٩، وتقريبا الساعة 2 بالليل صباح اليوم التالي، فوجئت بثلاثة دراجات نارية تحمل 6 أشخاص ونادى أحد الركاب باسمي ، وكنت أجلس على كافتيريا وكان بجوارى 4 أشخاص من زبائن القهوة، وفوجئت بإطلاق نار عشوائي علينا مما أصابنى فى رجليا الاثنين بطلق ناري أدى إلى تهتك فى عظام الرجلين، ومات شهيدًا «محمد محمود عطية» خريج تجارة انجليزي لسه السنة دى وكبير أبوه وأمه».