قال لي أحد المسئولين عن وضع البرامج والخطط وتحديد الأنشطة داخل إحدي المؤسسات الثقافية : أضع حاليا برنامجا لندوات أسبوعية طوال العام.. وأريد مشاركتك ؟ قلت : لا مانع. قال : انتهيت من ترتيب ندوات أسبوعية لأكثر من نصف العام،ويمكنك اختيار الموضوع الذي تحبين الحديث فيه، وتحديد أسماء الكتاب الذين تقترحين مشاركتهم معك بالندوة (وياريت دعوتهم) ولو فضلت أن تكوني وحدك ضيفة الندوة، ياريت تحددي المحاور..والموعد الذي يناسبك بعد شهر 7 أو 8 وحتي نهاية العام ! يعني المطلوب،أن أحدد بدقة (الموضوع) و(المحاور)و(الضيوف) إن أمكن، و(الموعد المناسب) بعد سنة تقريبا ! وطبعا كان اعتذاري...لا لسبب سوي الأسلوب والطريقة الكاشفة عن سوء إدارة العمل الثقافي، تلك (العشوائية) و(الاستسهال) والتعامل مع الثقافة بمنطق(سد الخانة) واعتبارها فعل(استهلاك) يشغل أيام العام بالندوات والمؤتمرات والمهرجانات، دون(انتاج )فعلي وإسهام حقيقي.. فكثيرا ما نقدم أفكارا ونمارس أنشطة، دون أن يعني ذلك فعلا ثقافيا، دون أن تراكم خبرة، ولا أن نقدم معرفة..والسبب هو طريقتنا في التفكير، وافتقاد الأسلوب والمنهج،علي حين أن(الأسلوب هوالرجل) كما يقولون، هو الانسان والشخصية، والطريق في الأغلب أكثر أهمية من نقطة الوصول، فالطريق هو المعرفة والخبرة وهو المنهج.. ليست الأنشطة، ولا المعلومات، ولكن كيفية توظيفها، والاستفادة منها وترتيبها...ليس الكتاب، ولكن تأثيره وقدرته علي خلق الحوار، وممارسة أفكاره علي أرض...المنهج الذي يميز بين ثقافة فاعلة، يشغلها البحث والسؤال، وبين تستيف الأوراق، وتخزين المعلومات، وتقديم ما يشبه الثقافة، دون فعل حقيقي.