نجد هذه الأيام استهتارا شديدا في التعامل مع العمل بعد أن انتشرت عدم الجودة في الإنتاج والهروب من أداء الصناعات اليدوية أو الهندسية علي مختلف المستويات
إتقان العمل هبة من الله وأسلوب حياة لهؤلاء الذين يتطلعون للكمال في الحياة الدنيا وأمامنا وصية مخلصة لتقدير قيمة العمل وجودته جاءت في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه.. ولكن للأسف نجد هذه الأيام استهتارا شديدا في التعامل مع العمل بعد أن انتشرت عدم الجودة في الإنتاج والهروب من أداء الصناعات اليدوية أو الهندسية علي مختلف المستويات وفي كافة المنتجات مما أدي إلي شعورنا جميعا بنقص كبير في مقاييس ومعايير المنتج المصري بعد أن كنا لوقت قريب سادة العالم في الكثير من الصناعات. علي سبيل المثال وليس الحصر: صناعات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة وخاصة القطنية وصناعات الأثاث وغيرها مما أدي إلي انخفاض قيمة المنتج المحلي وتراجع تصديره وقلة استقبال الأسواق الخارجية له.. وأيضا ضياع فرص الاستثمار التي تبذل الحكومة جهودها لفتحها وجذبها إلي مصر.. إن مراجعة أنفسنا في مجال التصنيع والتشغيل والعمالة في مصر تشير إلي قلة عدد الساعات التي يمضيها الموظف في يوم عمله والتي لا تزيد عن 27 دقيقة بل تمتلئ الشوارع والمقاهي بمعظم الموظفين والعاملين علي مدار اليوم ويضيع الجهد للجميع في داخل قطاعات العمل بحثا عن الترقيات والعلاوات وكتابة الشكاوي ضد الزملاء وفي جميع الاتجاهات.. أعلم أن هذه صورة قاتمة لواقع العمل في جميع القطاعات بشركاتنا ومصانعنا والتي تبحث الحكومة بكل جهدها للخلاص منها وخلق واقع إيجابي لإحداث تقدم كبير في الإنتاج والعمل من أجل فتح أبواب كبيرة للاستثمار ورفعه مستوي المعيشة للشعب المصري.
لعل الجولة التي يقوم بها الرئيس السيسي إلي دول شرق آسيا هذه الأيام وزار خلالها كازاخستان واليابان وكوريا تؤكد حقيقة جوهر شعوب هذه الدول التي تعشق العمل لدرجة العبادة لشعور العامل فيها بأهمية الإنتاج وأن إتقانه وجودته هي السلاح الكبير لرفعه الدخل والتقدم نحو العالمية وهذه الشعوب لا يعرف فيها العامل السعادة في التزويغ من مكان الإنتاج أو القيام بإجازات حتي لو كانت مرضية بل يحرص كل عامل علي البقاء أمام آلته أو ماكينته ليشارك في الإنتاج بل إن كثيرا من إدارات القطاعات الإنتاجية تجد صعوبة في منع العامل من الحضور إلي العمل أثناء إجازته وتجبره علي أخذها بل إنها تقوم بعرض رحلات سياحية مخفضة التكلفة كثيرا للسفر إلي الخارج حتي يعود بعدها قادرا علي الإنتاج بصورة أفضل.. وأيضا سمعنا عن التقدم الإنتاجي في كافة الصناعات في بقية دول شرق أسيا مثل الصين وأندونيسيا وماليزيا والهند وغيرها وكلها وراء النهضة الصناعية الكبري في سجل التقدم التكنولوجي في مجالات الطاقة والتعليم والنقل وكيف استطاعت هذه الدول أن تنهض وتتقدم إلي العالمية بفضل عشق عمالها للعمل والتسابق نحو الإبداع والجودة باعتبار أن ما يتم من تقدم في الإنتاج يعود عليهم جميعا بالنفع والفائدة.. علينا أن نتعلم من هذه الشعوب كيف نحسن ونتقن العمل حتي نضع مصر في المكانة اللائقة علي المستويين العربي والعالمي وأن تنجح كل الاتفاقيات الاستثمارية التي تعقد مع معظم دول العالم للمجئ إلي مصر وفتح الأبواب المغلقة أمام التقدم والرقي.