نحن والعالم

تجربة «نجلاء»

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

لاشك ان السيدة نجلاء بودن دخلت التاريخ كأول سيدة عربية يتم اختيارها كرئيسة للوزراء فى كامل المنطقة العربية.

رغم ذلك، هى فى موقف لا تحسد عليه. فبداية، كونها «امرأة» يضع تجربتها على المحك. لكنه المحك الأول والأيسر مقارنة بالمحكات الأخرى التى تنتظرها. 


فاختيار السيدة نجلاء، أستاذة التعليم العالى فى المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس والمتخصصة فى علوم الجيولوجيا يأتى فى وقت تمر فيه تونس بعاصفة سياسية عاتية وأزمة اقتصادية طاحنة. فعلى الصعيد السياسى، بدأت الأصوات تضج بعد مرور البلاد بأكثر من شهرين من الجمود السياسى عقب اقالة الرئيس قيس سعيد لرئيس الوزراء وتعليقه لعمل البرلمان فى يوليو الماضى ومؤخراً بدأت حركة من التململ والقلق والاعتراضات بعد اعلان سعيد تعليق العمل ببعض بنود الدستور والاستعاضة عنها بمراسيم رئاسية، ما جعل البعض يحذر من بوادر لتركيز السلطات فى يد الرئيس ويطالب بإعادة ضخ الدماء لشرايين الدولة السياسية.

هذا التعثر السياسى فاقم الأزمة الاقتصادية بالبلاد فانكمش الناتج المحلى بنسبة تتجاوز الـ ٨٪، وارتفعت معدلات البطالة لحوالى ١٨% وزاد الدين العام لـ ٨٧٪ من اجمالى الناتج المحلى. 


على وقع تلك الأزمات السيو-اقتصادية، يرتفع سقف التوقعات الشعبية من حكومة السيدة نجلاء ذات الطابع «التكنوقراطى».. وهو ما يقودنا للمحك الثالث الا وهو افتقادها لأى انتماء او خلفية سياسية، والذى يجعلها تقف على ارضية مشتركة مع الرئيس قيس سعيد الذى اختارها..

فهو ايضا أكاديمى دون خلفية سياسية. ويبدو ان شعبية سعيد وفوزه بأغلبية ساحقة فى الانتخابات أغْرَته بتكرار التجربة واختيار رئيس للوزراء «تكنوقراط» يكون خالىاً من دسم السياسة.

لكن أوضاع البلاد تضع عبئاً كبيراً على كاهل نجلاء وأخشى ما اخشاه ان تلقى بظلالها على تجربة تونس الرائدة باختيار سيدة لمنصب رئيس الوزراء، وهى التجربة التى يتطلع اليها الكثيرون والكثيرات، اليوم، بعين التقدير والتقييم.