خالد العوامي يكتب : عبد الوهاب عبد الرازق يسمع كلمة ويفهم اثنين 

الكاتب الصحفي خالد العوامي
الكاتب الصحفي خالد العوامي

أصعب فصول الحكمة أن تعرف كيف يمكنك أن تصير شيخاً في رجاحة الرأي ورزانة التفكير ، وأحسب أن ذلك يعكس جانباً من عبقرية الشيخ وقدراته علي أن يكون جسداً يحمل عقلاً رشيداً ، قادراً علي أن يعبر الي البر سالماً مع من يقود ، فالبحث عن الحكمة اسلك الطرق للوصول الي السعادة .. و .. و قد قال اسلافنا القدامي " نصائح الشيوخ تضيء دون أن تحرق ، بالضبط مثل شمس الشتاء .. دافئة " . 

وبما اننا نقف علي أعتاب دور الانعقاد العادى الثانى من الفصل التشريعى الأول لمجلس الشيوخ ، لنا ان نرصد ونقيم .. ثم .. ثم نتساءل : كيف كان اداء شيوخ مصر وأيضاً اداء رئيسهم ؟! ، هل حققوا لنا السعادة ؟! ، هل وصلوا برجاحة الرأي ورزانة الفكر الي سلامة القرار ؟! ، هل تحقق المأمول من إعادة بعث المجلس من جديد بعد أن أُطلقت عليه رصاصة الرحمة في دستور 2014 ؟ ، هل بعد انتهاء دور انعقاد كامل ووقوفنا علي اعتاب دور انعقاد جديد تغيرت ظنون من كانوا سبباً في إغلاقه ؟! ، هل ايقنوا محورية وجوده في حياة مصر النيابية ؟! ، أم مازالت الشكوك في وجوده تضرب بجذورها في افكار ومعتقدات البعض ؟! ، باختصار .. هل كانت نصائح " شيوخ مجلس الشيوخ " دافئة مثل شمس الشتاء ؟ . 

والحق يقال ، رغم صعوبة الاوضاع وتفشي وباء كورونا ، فقد كان دور الانعقاد الاول دوراً ثقيلاً من حيث حجم العمل وكم الانجاز ، اثبت خلاله شيوخ الدولة ان الدولة بحاجة لفكرهم وعقولهم ، فالعقل صانع الانسان ، وافضل العقل ذاك العقل الذي لا يكل ولا يمل في رحلة البحث عن الحقيقة ، وهكذا كانت عقول شيوخنا  .

فقد عقد المجلس 21 جلسة مدة العمل بها تجاوزت الـ 43 ساعة ونصف ، وتحدث خلالها ما يقارب من الـ 419 نائباً ، وحتي لجانه عقدت 262 اجتماعاً تجاوزت مدة عملها الـ 478 ساعة ، وافق علي 11 مشروع قانون ورفض واحداً ، وضع المجلس نصب عينية ترسيخ دعائم الديمقراطية والحريات العامة واستكمال أركان المنظومة التشريعية وقدم حزمة تشريعات معبرة عن معطيات الواقع في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، اراء نوابه ومواقفهم رسمت سياسات نظيفة عبرت عن مقدرات الشعب بثقة ونزاهة ، في ظل مرحلة كانت بالغة الحساسية من عمر وتاريخ الدولة المصرية . 

ويأتي الشيخ الكبير  المستشار " عبد الوهاب عبدالرازق " ، رئيس مجلس شيوخ مصر ، واحداً من رجال الدولة ، يمتلك فكراً يجعله متمتعاً بالسيادة علي قراره ، وما بداخله من حماس في لغة الحوار والنقاش يمنع عنه مشيب العقل ، ومن هنا بدا ان العقل سلاح الرجل قبل لسانه ، وصمته في لغة الحوار يسبق كلامة ، لذا سادت في مجلس الشيوخ شريعة الحكمة ، وانسجمت ادواته مع توجهات الدولة في مسيرتها الوطنية نحو بناء الجمهورية الجديدة . 

.. يبدو ان المستشار عبد الوهاب عبد الرازق كان كما قال ارسطو : " رجل حكيم يسمع كلمة .. ثم .. ثم يفهم اثنين " ، رجلاً عميق في التدبير ، رصين في القرار ، طويل في بعد النظر ، يدرك ان " قصر النظر يقود الإنسانية إلى قتل حكمائها " كما قال سقراط .

فهل مسيرة دور الانعقاد الثاني ستكون علي ذات الدرب ؟! .. دعونا ننظر .. و .. و نرقب .