حكايات| «فورتادا».. جزيرة تسيطر عليها القطط في البرازيل 

جزيرة تسيطر عليها القطط في البرازيل 
جزيرة تسيطر عليها القطط في البرازيل 

تخيل معنا مجتمعا يسيطر عليه القطط.. جزيرة يحكمها قط هو الأكبر والأقوى في قبيلته ويعاونه مجموعة من المساعدين هم الأجدر في أماكنهم ولكلا منهم وظيفة محددة يقوم بها كمملكة النحل وفي النهاية تجد عائلات من القطط متنوعة الأنواع والاشكال تربطهم علاقات مختلفة ما بين المشاركة فيما هو متوفر من طعام أو شراب ولكن انتظر ليس عليك التخيل فهذا المجتمع موجود بالفعل وليس فيلم كارتوني للأطفال فهو حقيقة جزيرة " فورتادا" في البرازيل.

تقع تلك الجزيرة الصغيرة ضمن مجموعة جزر أخرى في جنوب مدينة ريو دي جانيرو قبالة الساحل الجنوبي الشرقي للبرازيل وظن البعض أنها جزيرة مهجورة ولكن على عكس المتوقع فهي جزيرة يختبئ داخل غطائها الكثيف من الأشجار مئات السكان من القطط والحيوانات والحشرات حيث قدر البعض وجود أكثر من 750 قط بري واخرون يتوقعون أضعاف هذا الرقم ولذلك سماها السكان المحليون باسم "جزيرة القطط".

جزيرة وقطط تشعر أن هناك شيء ما غير منطقي ولهذا من الطبيعي أن تسأل كيف انتقلت القطط إلى تلك الجزيرة والوسيلة الوحيدة للوصول إليها هي المراكب! للأسف لا يوجد رواية واحدة مؤكدة بشأن طريقة انتقال القطط للجزيرة لأول مرة فحسب رواية بعض المسؤولين في "مانجاراتيبا" اقرب بلدة للجزيرة إن القطط الأولى تنتمي إلى إحدى العائلات التي حاولت أن تؤسس حياتها على الجزيرة منذ عقود لكنها سرعان ما استسلمت تاركة وراءها قطط بدأت تتكاثر.

وفي رواية أخرى لبعض المراكبية أن اول انتقال للقطط كان يعود إلى مطعم على الجزيرة تم اغلاقه وترك أصحابه قططهم عند الرحيل عنها ورغم اختلاف الروايات إلا أن الحقيقة المؤكدة أن تضاعف اعداد قطط الجزيرة كان السبب الرئيسي فيه هو تحولها إلى ملجأ ومأوى للقطط التي استغنى أصحابها عنها بسبب الوفاة أو عدم القدرة على العناية بهم أو إطعامهم فيتم الاستغناء عنهم بإرسالهم إلى الجزيرة.

وتم اعتماد ارسال القطط الغير مرغوب فيها إلى الجزيرة منذ مدة طويلة فهناك من يفعلون ذلك بأنفسهم أو عن طريق دفع بضع دولارات لأحد المراكبية لأخذ القطط إلى الجزيرة حتى أصبح الأمر جزء من الثقافة المحلية وصارت الجزيرة بمثابة الملاذ الأخير لتلك القطط غير التي تعلمت كيفية البقاء على قيد الحياة إما من خلال الصيد أو تناول ما يتركه الزوار من طعام.

وعلى الرغم من انتشار الكثير من الشائعات حول هذه الجزيرة الغامضة وعن خطورة الذهاب إليها أو حتى الاقتراب منها بسبب شراسة القطط فتردد بين الناس معلومات عن أن القطط زاد حجمها حتى صارت في حجم الكلاب وأصبحت تهاجم أي شخص غريب يقترب من الجزيرة فبمجرد أن تضع قدمك على أرض الجزيرة تجد مئات القطط البرية الشرسة متجمعون حولك وهو الأمر الذي تم تفسيره من قبل أطباء بيطريين أن بعض هذه القطط قد ولدت على الجزيرة ولم تعرف شيء عن الانسان لذلك من الطبيعي ألا تسمح لك بالاختلاط بها. 

إلا أنها تحولت إلى وجهة سياحية يزوراها الالاف ومحطة مهم لكل سائح ينتقل بين الجزر حتى أن بعض السائحين قد يستقلون دراجات بخارية مائية ويتوجهون إلي الجزيرة مباشرة لإلقاء نظرة عليها وإطعام القطط حتى أن الكثيرون ظنوا أن أحوال قطط الجزيرة أفضل بكثير من قطط المدينة التي يجب عليها أن تجوب الشوارع بحثا عن الطعام بينما قطط الجزيرة لديها كل ما تحتاج إليه.

ولكن تغيرت الأحوال وانقلبت رأسا على عقب مع انتشار فيروس كورونا وخاصة في فترة الموجة الأولى لجائحة كوفيد-19 فتضاعف أعداد القطط في الجزيرة نتيجة لوفاة ملايين الأشخاص من أصحاب الحيوانات الأليفة بسبب الفيروس أو إفلاسهم نتيجة إغلاق عملهم مع انتشار فيروس كورونا فأصبحوا غير قادرين على رعاية حيواناتهم كما تناقصت مصادر طعامهم فنتيجة للغلق توقفت المنظمات والأزواج المتقاعدون الذين اعتادوا على ترك الطعام والماء للقطط عن أداء ذلك.

كما تراجع الصيادون الذين اعتادوا على ترك جزء من صيدهم أو ترك ما لا يمكنهم بيعه من أشلاء الأسماك وغيرها لقطط الجزيرة وعندما دفعت الجائحة بالناس إلى الالتزام بمنازلهم ضمن إجراءات الحجر ترتب على ذلك إغلاق المطاعم التي كانت تقدم الوجبات البحرية وبالتالي انخفض حجم قوارب الصيد ولم يعد هناك طعاما للقطط وأيضا مع توقف حركة الطيران توقف مصدر الطعام من قبل السائحين كما انقطع مخزون المياه في الجزيرة.

اقرأ ايضا:حكايات| سن السكاكين.. شعبان يعيد إحياء مهنة أوشكت على الانقراض 

ومع تزايد الاعداد وتناقص مصادر الطعام اختلت توازن المعادلة وانتشر الجوع بين القطط وحدث أبشع ما يمكن تخيله حيث أصبحت القطط تتناول لحوم النافقة منها لسد جوعها حتى طالبت السلطات المحلية من الناس عدم إطعام القطط لمنع تشجع أصحاب الحيوانات الأليفة على التخلي عن مزيد منها في محاولة منها لتوقف تضاعف الأعداد ولكن محبي الحيوانات رفضوا هذا التصرف.

ومع استمرار المحاولات في توقف الخلل البيئي توصلت السلطات إلى حل يتطلب ارسال رحلات استكشافية إلى الجزيرة وإجراء إحصاء لعدد القطط وزرع كاميرات مراقبة لردع عمليات تهجير القطط ومقاضاة المخالفين وحث المواطنين على تربية القطط سهلة الانقياد ورعايتها مع بقاء بعض القطط الشرسة والتي تم إخصاؤها على الجزيرة حتى تنقرض.