حبر على ورق

المشير الذى أنقذ مصر

نوال مصطفى
نوال مصطفى

منذ رحل المشير محمد حسين طنطاوى عن عالمنا قبل بضعة أيام، وأنا أقرأ وأشاهد العديد من القصص التى لم ترو من قبل عن هذا الرجل الاستثنائى، والقائد الحكيم الكثير منها يعكس قدراً عظيماً من الإنسانية التى عمر بها قلبه، ولم يحب فى حياته أن يفصح عنها، بل كان كعادته يعمل فى صمت، لا يهوى الظهور، ولا يحب الكلام كثيراً، بل الفعل.

أنا شخصياً، وملايين المصريين ندين لهذا الرجل بوقفته الحاسمة والشجاعة لحماية مصر من الانهيار والتفكك فى أصعب أوقاتها ، موقفه العظيم أثناء وبعد أحداث يناير2011 ،حيث كنا على شفا حفرة يستعر فيها الجحيم، وكانت أطراف المؤامرة المعدة سلفاً للانقضاض على مصر على أهبة الاستعداد لتنفيذ خططهم الحقيرة لتدمير مصر الدولة والتاريخ، وليس تغيير النظام السياسى كما يدعون.

نزل الجيش المصرى بقيادة المشير حسين طنطاوي، القائد الأعلى للقوات المسلحة ليفرض النظام، ويعطى الأمان للشعب المصرى العظيم فى كل محافظات مصر من شمالها إلى جنوبها ،كان مشهد الدبابات يتمترس فى كل شارع كفيلاً بأن يمنحنا الثقة أن مصر باقية، لا يمكن أن ينال منها أحد، ولا تستطيع قوى الشر والظلام أن تهزمها ، كنا جميعا نحرص على التقاط صور تذكارية مع جنود الجيش الذين يقفون إلى جانب معداتهم، كأنهم يوجهون رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه بارتكاب أى فعل يسىء لمصر أو المصريين.. كانت البلد فى حالة تفكك، أنهار جهاز الشرطة فجأة، وأصبحت مصر مهددة من الداخل، والخارج فى موقف رهيب، لم نشهده من قبل ،عشنا القلق فى أعلى درجاته لولا ستر الله، وبطولة جيشنا.
تولى المشير طنطاوى رئاسة مصر المؤقتة (11فبراير2011-30 يونيو2012 ) وفى 1 يوليو 2012 سلم قيادة مصر بعد انتخابات الرئاسة، بعد فترة عصيبة استطاع خلالها أن يحافظ على وجود مصر كدولة تلك بعد أن تهاوت العديد من مؤسساتها.. هذا الموقف العظيم لا يتفق بأى حال مع إدعاءات الأبواق الحاقدة التى خرجت علينا عبر صفحات السوشيال ميديا تحمل المشير طنطاوى مسئولية سقوط ضحايا أحداث دامية مرت بها مصر أثناء فترة حكمه المؤقتة.

هؤلاء الذين فقدوا إحساسهم بالوطن يلصقون بالرجل الذى حمى مصر اتهامات بإراقة دم المصريين فى أحداث مجلس الوزراء، محمد محمود، ماسبيرو، استاد بورسعيد! من يصدق هذا؟ رجل تاريخه العسكرى مشرف، شارك فى كل الحروب من حرب 56، 67، حرب الاستنزاف، ثم حرب 73 المجيدة ، رجل أمسك مقود القيادة فى أصعب لحظة تاريخية مرت بها مصر، وكان يمكن أن نصبح «شبه دولة»، أو «لا دولة» على الإطلاق، مثل دول عربية عديدة ما تزال ترزح تحت جبال الانهيار وركام الهدم، وتحاول أن تقوم من جديد.

كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى لحظة إعلان خبر وفاة المشير طنطاوى يوم الثلاثاء الماضى تعبر بصدق عن امتنان الرئيس للدور الوطنى العظيم الذى قام به المشير، وقد أقسم الرئيس أن المشير طنطاوى برئ من دم الشهداء ضحايا تلك الأحداث الدامية، و أن أطراف المؤامرة هم من دبروا ونفذوا كل هذا ثم حاولوا إلصاقها بالجيش المصرى الشريف، صاحب السجل المحترم فى حماية مصر، والذود عن أرضها وعرضها على مر العصور.

أقل شيء نستطيع أن نقدمه لاسم المشير محمد حسين طنطاوى هو الشكر والامتنان العميق هذا ما يشعر به كل مصرى منصف تجاه الدور الذى قام به هذا الرجل بكل إخلاص وتفان والحداد الرسمى الذى أعلنته مصر بمناسبة رحيل رمز من رموزها الخالدين هو القرار المتوقع والمؤكد اعترافاً بفضل ابن مخلص من أبناء مصر والقوات المسلحة.
سيظل صاحب هذا الوجه الهادئ، الشخصية الحكيمة، والقلب النابض بحب مصر صورة تحفظها ذاكرة المصريين، وستبقى قصة إنقاذ مصر فى عهده ماثلة فى العقول والقلوب تتوارثها الأجيال.
رحم الله فقيد مصر المشير حسين طنطاوى.