هل يواصل «النازيون الجدد» قطيعة هاجس «50 عامًا من العزلة» خلال انتخابات ألمانيا؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

"مائة عام من العزلة" كان هذا اسم الرواية الشهيرة للأديب المكسيكي الراحل جابريل جارسيا ماكيز، والتي تعتبر من روائع الأدب العالمي، بينما كان في ألمانيا قبل عام 2017، يعيش القوميون المتطرفون في عزلةٍ سياسيةٍ دامت لنحو نصف قرن، والتي عُرفت وقتها بـ"خمسين عامًا من العزلة".

هذا الوضع تبدد في ذلك العام مع حلول الانتخابات التشريعية للبوندستاج الألماني (البرلمان) في سبتمبر عام 2017، والتي شكلّت نقلة كبيرة لليمينيين المتطرفين في البلاد بحلول حزب "البديل من أجل ألمانيا" في المرتبة الثالثة، خلف الحزبين الرئيسيين في البلاد.

وحصد حزب البديل من أجل ألمانيا وقتها 91 مقعدًا في البوندستاج، مستغلًا صحوة اليمين المتطرف، التي تنامت في عدة دول أوروبية وغربية، وأوصلت أيضًا دونالد ترامب لمقاليد الحكم في الولايات المتحدة قبل ذلك بأشهر قليلة.

وجاء حزب البديل من أجل ألمانيا في المركز الثالث، خلف الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بزعامة أنجيلا ميركل، الذي حصل على 246 مقعدًا، والحزب الديمقراطي الاشتراكي، الذي نال 152 مقعدًا في البوندستاج.

ومع تشكيل حكومة ائتلافيةٍ ضمت الحزبين الرئيسيين في ألمانيا (الاتحاد الديمقراطي والحزب الاشتراكي)، بعد مباحثاتٍ مستعصيةٍ قبل أقل من أربع أعوام، بات حزب البديل الألماني هو أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، متفوقًا على أحزاب مهمة كالحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر.  

ترقب جديد

وبعد أربعة أعوام، وبينما تتجه الأنظار في ألمانيا صوب معرفة خليفة أنجيلا ميركل، المرأة الحديدية التي اختارت التقاعد وترك الحكم بعد 16 عامًا أمضتها على رأس الجمهورية الألمانية، سيكون من الملفت أيضًا معرفة ما آلت إليه أوضاع حزب البديل من أجل ألمانيا المتطرف، وهل سيحاكي إنجازه الكبير قبل أربع سنوات أم أن موعد أفول الحزب قد حان سريعًا دون أن يرسخ قواعده في المشهد السياسي في البلاد.

وتوجه الناخبون في ألمانيا، اليوم الأحد 26 سبتمبر، إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخاباتٍ تشريعيةٍ مرتقبةٍ ويحتدم فيها الصراع بين شريكي الحكم الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة أولاف شولتس والاتحاد الديمقراطي المسيحي بقيادة خليفة ميركل أرمين لاشيت. 

وتأسس حزب البديل من أجل ألمانيا في عام 2013، ووُصف أعضاؤه على أنهم "النازيون الجدد"، وذلك نظرًا لأفكارهم اليمينية المتشددة، والتي تشبه إلى حد كبير أفكار الحزب النازي، إبان حكم الديكتاتور أدلف هتلر.

ورغم أن حزب البديل نفى أية صلة له بالأفكار النازية لحزب هتلر في النصف الأول من القرن الماضي، إلا أن هذه الصفة لم تمحَ عن الحزب الأكثر تشددًا في البلاد.

اتهام من الحزب

وفي خضم احتدام الصراع الانتخابي، اتهم تينو شروبالا، مرشح حزب البديل من أجل ألمانيا، الأحزاب الثلاثة الكبرى، بضم حزب الخضر إلى الحزبين الرئيسيين في البلاد، بالسعي نحو "مواصلة العمل على إلغاء الدول القومية، وضمان المزيد من مركزية الاتحاد الأوروبي"، وذلك حسب رأيه.

وقال زعيم حزب البديل إن حملة حزبه "تخلو من الإزعاج، كما تخلو من الفضائح"، حسب وصفه.

وحزب البديل من أجل ألأمانيا هو من أشد المعادين لفكرة الاتحاد الأوروبي، وتسلقه هرم السلطة في ألمانيا يجعل مسألة عضوية برلين في تكتل بروكسل على المحك.

ولا يبدو الزخم الذي كان عليه الحزب إبان صيحة اليمين المتطرف في أوروبا قائمًا بالشكل ذاته في الانتخابات الراهنة، ما يجعل فرصة احتفاظ الحزب بأكثر من 90 مقعدًا في البوندستاج، مثلما كان عليه الحال في انتخابات 2017.

فهل ينجح حزب البديل من أجل ألمانيا في تحقيق المفاجأة مرة أخرى والبقاء بقوة ضمن المشهد السياسي الألماني أم أنه يبدأ مسلسل الخفوت ومن ثم العودة مرةً أخرى إلى عزلةٍ سياسيةٍ لليمين المتطرف مثلما كان الوضع قبل 50 عامًا؟